تمر السنوات تباعا والمسيرة تتواصل رغم محاولات الحاقدين والموتورين وذوي العقول المثخنة بالبغضاء ازاء مسيرة حزبنا الشيوعي المتماسكة والعراق ينتقل من محنة  الى أخرى وحزبنا الشيوعي الباسل ما اهتزت ولا هانت عزيمته يوما رغم البلاوي والنكبات المرعبة، كل عام يحتفي الشيوعيون العراقيون واصدقاؤهم وكل الخيرين في العالم بهذه المناسبة التي تجاوزت الاحتفال التقليدي الخالي من اي معنى، ليتذكر الجميع تأريخ وطن عاثت فيه الاحداث المخيفة وشعب واجه اشرس صنوف الابادة والقهر والموت وظل الحزب وعلى امتداد عقود الظلم والملاحقات ونوايا اقتلاعه من الارض العراقية، راسخا حيث وظف الافاقون والفاشست من البعثيين والظلاميين والنفعيين وغيرهم كل الوسائل القذرة واللا أخلاقية للقضاء على هذا الحزب العتي والعصي على الانكسار، فخابت كل محاولاتهم ولاحقتهم اللعنات، واليوم فهم يذوقون مرارة افعالهم الخسيسة والقمعية الحاقدة تلك التي اودت بحياة الالاف من خيرة ما انجب العراق العظيم من رجالات اذهلت القتلة بصمودها وعنادها ومواجهتها لشتى انواع القهر منذ بدأ الحزب خطوات التأسيس الأولى فلاقى المناضلون الشيوعيون وعلى رأسهم الخالد فهد ورفاقه الميامين الملاحقات والعسف الرهيب ليضربوا بصمودهم المثال الاسمى لطبيعة الشيوعي ومدى تشبثه بمبادئه وايمانه بقضايا شعبه واستعداده على البذل والعطاء من اجل ان تظل راية الفكر خفاقة.

 ونحن في حضرة الذكرى الخامسة والثمانين وهذه المسيرة الظافرة، نتذكر الصمود المذهل الذي ادهش الجلادين حين ضربوا امثلة نادرة من البطولات في مواجهة التعذيب والموت والقتل الارعن، ولا ينبغي ان ننسى كذلك الشموخ  لمناضلين سطروا أروع ملاحم الصمود والايمان بقضية الحزب وفكره الطليعي وحب الوطن وشغيلته، حين صعد الرفيق فهد ورفاقه الافذاذ الى منصة الاعدام وحتى وهم في لحظاتهم الاخيرة وحبال الغدر ملفوفة على اعناقهم، لجأ الجلادون الى المساومة معهم للتخلي عن حكم الاعدام لقاء التنكر لمبادئهم والعودة الى حياة الذل والمهانة، لكنهم ابوا تلك المساومات الرخيصة حين اعلن الخالد فهد وبصوت ارعب الجلادين قولته الخالدة: ( الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق) فكان بمواصفات القائد والبطل الاسطوري المؤمن بمقدساته وفكره النير وعشقه للوطن وللشعب المكافح وهم ذاهبون الى النهاية ولكنها نهاية جسدية وبداية البناء الحقيقي للإنسان العراقي القادم، وبهذا الفعل البطولي ضرب قادة الحزب الابطال مثالا في الوفاء الذي لا يتزعزع للمبادئ الخيرة مما اعطى المناضلين من بعدهم شحنة من الصمود والوقوف بوجه اعتى واشرس نظام فاشي مر على تأريخ البشرية منذ انقلاب فبراير(شباط) 1963 المشئوم الذي خططت له مخابرات الدول الامبريالية ونفذه قادة البعث المجرم واعوانهم، فمارسوا شتى صنوف الإبادة الشرسة والهمجية بسادية لا مثيل لها، بحق الشيوعيين مناضلات ومناضلين، واباحوا دمائهم واعراضهم بوسائل قذرة ومقززة، وكان نصيب قادة الحزب الميامين الحظ الاوفر من وسائل التعذيب القمعية الشرسة حتى الموت، فقطعوا جسد الخالد سلام عادل اربا، ولم يتزعزع قيد انملة او يفضي بأسرار الحزب للجلادين صونا للأمانة الملقاة على عاتقه ورفاقه الأبرار، حتى قضى في اقبية الموت البعثية، ولنستحضر قسوة القتلة بحق المفكر عبد الجبار وهبي الذي نشروه الى نصفين وهو حي بطريقة همجية وموغلة في السادية، وكذا المناضل الفذ محمد حسين ابو العيس والعشرات من العقول النيرة من خيرة ابناء العراق الاشاوس اضافة الى الموت الجماعي لمناضلي الحزب وهتك اعراض مناضلاته. كل هذه الافعال المجرمة وبقي الحزب شامخا ووفيا لمبادئه مما أذهل الاعداء والمتربصين به وحتى الجلادين انتابتهم الحيرة من هكذا مواقف بطولية غير مصدقين هذا الوفاء للحزب ومبادئه حيث هم أنفسهم كانوا يفتقرون الى هكذا وفاء وهم اول من تخلى عن انتمائهم عن حزب البعث بعد ان وجه لهم عبد السلام عارف اول صفعة فتسابقوا للتوقيع عن براءتهم من حزب البعث الفاشي خوفا من السجن لا صحوة ضمير.

 لتعود عجلة الخراب من جديد ويقود البعثيون العراق الى خاتمة الفناء حين جاءوا ثانية بانقلاب دموي اخر عام 1968 وكان مصدر خوفهم هو الحزب الشيوعي المعروف بصموده وتفانيه من اجل مبادئه وللبعثيين تجربة مع الحزب وهم يعرفون الى اي حد تمتد جذور الحزب في الوجدان العراقي وفي الذات العراقية الوفية لهذا الحزب المتجذر في الارض العراقية ومن هنا كان مصدر قلقهم. فكانت فترة هدوء ما قبل العاصفة حين وظفوا كل احابيلهم اللعينة لاستمالة الحزب والاستفادة من استحواذه على الشارع العراقي وهم يبحثون عن تزكية للامساك بالسلطة، فكان لهم ما ارادوا، ولا نريد هنا ان ندخل في تفاصيل مريرة وقاتلة ساهمت في انتكاساتنا ومواجعنا بسبب تلك الاخطاء  التي كان للحزب في فواجعها ورداتها النصيب الاوفر، من موت وقتل وتشريد وعذابات احرقت الاخضر واليابس، ولكننا اليوم بصدد هذا الصمود المذهل وبقاء الحزب الشيوعي رافدا أساسيا للحركة الوطنية دون ان تلين شوكة نضالاته رغم الاهوال التي واجهها ومحاولات تفتيته والقضاء عليه، لكن كل محاولاتهم ذهبت ادراج الرياح وبقي الحزب الشيوعي العراقي متجذرا في الأرض التي يعشقها حد الفناء.

فتحية اجلال واكبار بمناسبة العيد الخامس والثمانين لميلاد حزبنا الفذ والى رجالاته الاحياء منهم والاموات، وتحية اكبار واجلال لكل من سالت دماؤه الزكية من اجل ان يبقى الحزب شامخا وعصيا على المحو والفناء، ولننحني جميعا احياء لذكرى حجافل شهداء الحزب الطاهرة التي ما خفتت اصواتهم في ضمائرنا حتى وهم اموات وهي تصدح بحب العراق العظيم والحزب الشيوعي الابي. لتبقى منارات خالدة لنا والاجيال القادمة.

المجد والخلود لشهداء حزبنا الأبرار. والخزي والعار لكل القتلة والحاقدين والمتربصين بمسرة حزبنا الظافرة.

والى عيد قادم ونضال ارسخ وابهى والعراق في حلة جديدة.

عرض مقالات: