ـ افضى انهيار خيار التطور الاشتراكي وسيادة وحدانية التطور الرأسمالي الى حزمة من التبدلات والتغيرات في برامج قوى اليسار  الاشتراكي  والقوى الديمقراطية الساعية الى بناء عام جديد تسوده الديمقراطية السياسية  والعدالة الاجتماعية .

 استنادا الى تلك المهام يحاصر الباحثين والكتاب كثرة من الاسئلة منها هل باستطاعة  اليسار الاشتراكي والقوى الديمقراطية بناء عالم جديد خال من التبعية والتهميش الاجتماعي ؟ وهل باستطاعة قوى  اليسار الاشتراكي والديمقراطية في عالم تسوده المنافسة  الرأسمالية اقامة انظمة  العدالة الاجتماعية ؟ وان كان ذلك ممكنا ما هي وسائل وآليات  الوصول الى سلطة الدولة  السياسية ؟ وهل يتم ذلك عبر الشرعية الديمقراطية والتحالفات الوطنية ؟ ام من خلال الانتفاضات الشعبية والانقلابات  العسكرية . وقبل هذا وذاك هل يصمد بناء  الاشتراكية في بلد واحد ام ان بناءها يشترط انتصارها  في عدة بلدان ؟ .

الاجابة على تلك التساؤلات الكاوية تضع الباحثين والكتاب امام اشكالات فكرية ـ سياسية  بعد ان تخطت  العولمة الرأسمالية  الكثير من الرؤى النضالية والأساليب الكفاحية المعتمدة في حقبة المعسكرين .  

ازاء تلك الإشكالات  الفكرية ـ السياسية  المثيرة للسجال الفكري أحاول الخوض في عناوين رئيسية  استنادا الى واقع العلاقات الرأسمالية   الدولية  محاولاً التقرب من مضامينها عبر برمجتها في ثلاثة عناوين أساسية  يمكن تحديدها بــ :

أولا ـ انهيار المنظومة الاشتراكية ومهام قوى اليسار الاشتراكي والديمقراطية  .

ثانيا ــ إعادة بناء الدولة الوطنية  وصيانتها من التبعية والتخريب .

ثالثا ــ الشرعية الديمقراطية بديلا عن الروح الانقلابية .

أولا ـ انهيار التجربة الاشتراكية ومهام قوى اليسار الاشتراكي والديمقراطية  .

ـ أدى انهيار الدول الاشتراكية وحواملها الفكرية المتمثلة بنظام العدالة الاجتماعية  ، ديكتاتورية الطبقة العاملة ، الملكية العامة لوسائل الانتاج باعتبار تلك الحوامل  مرحلة  ضرورية للقضاء على الاستغلال وإزالة التفاوت الطبقي.

ــ ادى تحول الدول الاشتراكية الى اسلوب الانتاج الرأسمالي وما نتج عنه من سيادة علاقات الانتاج الرأسمالية العالمية  أفضى الى حرمان حركة التحرر الوطني من حلفائها الدوليين .

ــ فك التلاحم بين حركة لتحرر الوطنية  والدول الاشتراكية السابقة  افضى الى تبعية الكثير منها الى حركة التوسع الرأسمالي فضلا عن  ترسيخ النظم  الديكتاتورية في تشكيلاتها السياسية . 

 ــ انهيار النظم الاشتراكية ادى الى فراغات فكرية ــ سياسية  في برامج حركة اليسار الاشتراكي بدأ من توصيف المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي وانتهاءً بطبيعة المهام الاقتصادية والسياسية التي يعتمدها اليسار الاشتراكي في كفاحه الديمقراطي  وتحالفاته الوطنية ــ الدولية .

ـ انهيار الاشتراكية الفعلية ونظمها السياسية أفضى الى تخلخل البنى النظرية ـ الفكرية والسياسية   للأحزاب الاشتراكية والديمقراطية ، وما نتج عن ذلك من ضرورة اعادة  بناء  برامجها السياسية  وأساليبها الكفاحية النضالية .

ــ بناء رؤية اليسار الاشتراكي والقوى الديمقراطية يشترط التجاوب  مع الطور الجديد من التوسع الرأسمالي وما يعنيه  ذلك من تجاوز المراحل الانتقالية والإستراتيجية في مرحلة المعسكرين.

ثانيا ــ بناء الدولة الديمقراطية  وصيانتها من التبعية والتخريب .

ــ انهيار الاشتراكية الفعلية الى أدى الى  انفراد الرأسمالية العالمية بتقرير مصائر الكثير من الدول الوطنية وبهذا المسار بات على القوى الديمقراطية العمل على رفض التبعية والتهميش .

ــ أعادة بناء الدولة الوطنية وفك الارتباط من الرأسمالية المعولمة يمر عبر بناء الدولة الديمقراطية  التي تشكل الاطار القانوني ـ السياسي  الحاضن  للنزاعات الاجتماعية الهادفة الى بناء التشكيلة الاجتماعية  الوطنية القادرة على مناهضة التبعية والتهميش .

ــ بناء الدولة الوطنية الديمقراطية يتطلب انجاز كثرة من المهام الأساسية  منها ـ

ــ بناء الحكم الوطني على أسس  الديمقراطية السياسية المتضمنة التداول السلمي للسلطة السياسية  .

ــ اطلاق حرية العمل السياسي عبر تشكل الاحزاب السياسية الديمقراطية واعتمادها في بناء الشرعية الوطنية للحكم .

ـ سيادة الشرعية الديمقراطية في الانتخابات الدورية واعتماد البرامج السياسية الوطنية ركائز اساسية في المنافسة السياسية السلمية .

ـ تحجيم ميول الطبقات الاجتماعية الثانوية ـ الكمبورادورية  وبعض الشرائح المالية ـ  الموالية للتحالف مع الرأسمال الدولي وفتح البلاد امام  العولمة الرأسمالية المتسمة بالتبعية والتهميش .

ــ مناهضة الايديولوجيات الفرعية العاملة على تقسيم ولاءات المواطن الى ولاءات طائفية وقومية .

ــ مكافحة العولمة الرأسمالية وميولها الهادفة الى تجريد الدولة الوطنية من حصانتها الشرعية وتحويلها الى دولة ثانوية راعية للمصالح الدولية .

ــ مكافحة ميول التبعية والتهميش المرتبطة بالتوسع الرأسمالي وحركته الدولية والهادفة الى تفتيت التشكيلات الاجتماعية وتحويل الولاءات السياسية الى ولاءات طائفية ـ عشائرية  .

ــ تحصين التشكيلات الاجتماعية الوطنية من التبعية والتهميش  تشترط بناء جبهات وطنية ـ ديمقراطية  بهدف مواجهة الطبقات الثانوية وحلفائها الدوليين .

ـ تسعى الجبهات الوطنية المناهضة لميول الرأسمالية الى  كبح    تفتيت التشكيلات الاجتماعية وتحويل طبقاتها الفاعلة الى كتل سكانية منعزلة تنخرها عوامل الولاءات القومية  والطائفية ـ العشائرية .

ــ المخاطر التي يفرضها الطور المعولم من التوسع الرأسمالي على الدول الوطنية يهدف الى بناء العالم الرأسمالي بطوابقه  ألثلاث  ـ الرأسمالية المعولمة ـ الدول الرأسمالية المتطورة ، الدول الوطنية   على قواعد التبعية والاستغلال .

ان صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش تستند الى إجراءات وطنية اخرى تتعلق بطبيعة نظام الحكم ومدى تجاوبه مع كفاح القوى الوطنية ـ الديمقراطية المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية

ثالثاًـ الشرعية الديمقراطية بديلا عن النظم الاستبدادية  .

لازالت الدول الوطنية تعج بالكثير من السمات الكابحة لتطورها الاجتماعي ـ الاقتصادي وما يشترطه ذلك من تفعيل الكفاح الوطني ـ الديمقراطي  المناهض للتبعية وآثارها المدمرة وبهذا الاطار نستطيع تسمية السمات الفعلية التي تسعى حركة الرأسمالية المعولمة تكريسها في بناء الدول الوطنية  والتي يمكن ايرادها بالمحددات التالية ــ

ــ تحاول الرأسمالية المعولمة بناء دول وطنية  ضعيفة خدمة لمصالحها الدولية وما ينتج عن ذلك

من ظهور دول فقيرة تتحول  تشكيلاتها الاجتماعية الهشة الى تجمعات صغيرة غير فاعلة في النظام الدولي الجديد .

ــ تسعى الدول الرأسمالية المعولمة الى  بناء علاقات دولية تستند على القوة الاقتصادية والعسكرية هادفة بذلك الى ادخال الدول الوطنية  في اطار استراتيجيتها الدولية .

ــ نظام التبعية والتهميش التي تعتمده الدول الكبرى يقود الى تفتيت التشكيلات الوطنية وتحويل الدول الوطنية الى حارس لمصالحها الدولية .

ــ بهدف اضعاف الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية تسعى الدول الكبرى  الى مباركة الانظمة الديكتاتورية وممارسة القمع السلطوي ضد تطلعاتها الوطنية .

ــ تسعى الدول الكبرى الى التدخلات العسكرية في الدول الوطنية لغرض مساندة القوى اليمنية وحمايتها من التغيرات الاجتماعية وتعزيز سيادة الطبقات الفرعية في قيادة الدولة الوطنية .

ان الاخطار المشار اليها يمكن تحجيمها  عبر اعتماد اجراءات سياسية ـ اقتصادية  أحاول التقرب من ركائزها المتمثلة بــ

1 ــ أقامة انظمة حكم برلمانية تعتمد الشرعية الديمقراطية اسلوبا  لتوجهاتها السياسية ــ الاقتصادية .

2 ـ انشاء تحالفات برنامجية  بين القوى الوطنية المتضررة  من العولمة الرأسمالية  وتعزيز التداول السلمي للسلطة السياسية ارتكازاً على  الشرعية الديمقراطية .

3 ــ اعتماد الشرعية الديمقراطية اساساً لموازنة المصالح الاجتماعية ــ السياسية بين الاحزاب والكتل الوطنية المتنافسة .

4 ـ بناء تنمية اقتصادية وطنية تستند على تأمين المصالح الطبقية لمكونات التشكيلة الاجتماعية الوطنية .

5 ـ محاصرة الطبقات الاجتماعية الطفيلية وتحديد نشاطها السياسي المتسم بالتبعية للخارج الدولي  .

6 ـ تنسيق المواقف مع الدول الوطنية العاملة على صيانة  سيادتها الوطنية بهدف تطوير التضامن الأممي,

ان الركائز الفكرية ـ الاقتصادية الواردة من شأنها تطوير روح المجابهة مع ميول الرأسمالية المعولمة الهادفة الى تخريب الدول الوطنية وإعاقة بناء  وحدتها الوطنية  .

 

عرض مقالات: