تمت القراءة الاولى لمشروع قانون جرائم المعلوماتية من قبل مجلس النواب بجلسته الخامسة و العشرين و المنعقدة بتاريخ 12/1/2019 و بالصياغة نفسها التي سبق وان تم عرضه فيها على مجلس النواب بدورته السابقة و الذي تم سحبه من جدول الاعمال بعد ان تم التصدي له من قبل الرأي العام و منظمات المجتمع المدني لما تضمنه من عقوبات سالبة للحرية لا تتضمنها اي من القوانين العقابية في هذا المجال في معظم دول العالم بما فيها دول الجوار.
و لغرض اطلاع القارئ على فحوى و خطورة هذا المشروع نبيّن فحواه فهو يتضمن ( 31 ) مادة من بينها ( 21 ) مادة عقابية سالبة للحرية تضمنت ( 63 ) حالة لغرض العقوبات من بينها ( 10 ) حالات تقضي بالسجن المؤبد مع غرامة تتراوح ما بين ( 25 – 50 ) مليون دينار و ( 25 ) حالة تقضي بالسجن المؤقت مع غرامة تتراوح ما بين ( 10 – 30) مليون دينار و ( 28 ) حالة تقضي بالحبس و الغرامة من (2 – 30 ) مليون دينار .
و مشروع القانون بصيغته الحالية يشكل انتهاكا للعديد من النصوص الدستورية و بشكل خاص المادة (38 / اولا ) التي تنص على كفالة الدولة لحرية التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل و المادة (40) التي تنص على حرية الاتصالات و المراسلات البريدية و البرقية و الهاتفية و الالكترونية و غيرها المكفولة دستوريا كما ان المشروع يتعارض مع نص المادة ( 46 ) من الدستور التي نصت على (لا يكون تقييد ممارسة اي من الحقوق و الحريات الواردة في الدستور او تحديدها إلا بقانون او بناء عليه على ان لا يمس ذلك التحديد و التقييد جوهر الحق او الحرية ) .
في حين ان تشريع القانون بصيغته الحالية سيشكل عامل رعب للمواطنين من استخدام شبكة المعلومات الالكترونية و وسائل التواصل الاجتماعي كون العديد من النصوص القانونية تتحمل التفسير متعدد الاوجه و التأويل حسب ما يراه المحققون و القضاة مما سيشكل خطورة على المواطن تدفعه الى تجنب استخدام هذه الوسائل الحضارية التي اصبحت تشكل جزءًا اساسيا من حياة الافراد في عملهم و تواصلهم .
نرى ان تشريع مثل هذا القانون يتطلب ابتداء تنظيم حملة توعية واسعة للمواطنين بالمخاطر التي قد تنجم عن اساءة استخدام شبكة المعلومات و وسائل التواصل الاجتماعي في حالة اساءة استخداماتها بما في ذلك العقوبات التي يمكن ان تطولهم .
ومن القضايا الاساسية التي تتطلب اعادة النظر في مشروع القانون تقليل العقوبات السالبة للحرية والاستعاضة عنها بالغرامات على ان تكون هي الاخرى غير مبالغ فيها ونأخذ القوانين المناظرة في دول الجوار والدول العربية التي لا توجد فيها عقوبات بالمستوى الذي وردت فيه في مشروع القانون الحالي بنظر الاعتبار.
مع التأكيد على اهمية تشريع هذا القانون الذي ينظم العلاقة بين الاطراف المعنية على ان يكون معقولا ومعتدلا وبناء.

عرض مقالات: