تدخل مسيرة الثورة السودانية فترة متقدمة إثر الاحداث وتراكم النضالات الاخيرة المستمرة للحركة الجماهيرية في المجالات المختلفة.. وهي تتصدى لنظام الانقاذ في جميع الجبهات. لقد ظلت الحركة الجماهيرية تصارع النظام منذ بدية هذا العام بشكلٍ مستمرٍ لم يتوقف.. وكانت مطالب الجماهير تتعلق بتحسين الاجواء الحياتية ورفض سياسات النظام الاقتصادية.. وعبر نضالاتها المستمرة ضد الغلاء والفقر والجوع والمرض.. تلمست الجماهير طريقها لتصل في نهاية المطاف إلى أن مظاهر الأزمة في زيادة صفوف الخبز والجاز والبترول واختفاء الدواء وزيادة تعريفة المواصلات واستشراء الفساد والصفوف المتزايدة أمام الصرافات، كل ذلك سببه وجود نظام فقد مقومات وجوده ولم تعد الجماهير تأبه بجبروت النظام المتمثل في أجهزة القمع – كجهاز الأمن القومي والمليشيات والمنظمات التابعة للحزب الحاكم، والتي ظهرت شراستها إبان المظاهرات الأخيرة.

وكانت العلامة الفارقة هي تحول موكب المهنيين من موكب مطلبي إلى مظاهرة جماهيرية واسعة ضمت الآلاف من مواطني العاصمة ضد النظام تلك الجماهير التي عبرت بوضوح تام عن أن الحل لكل مشاكلها يكمن في التغيير الجذري لنظام الفاسدين والمفسدين وسارقي قوت الشعب..

وتعيش البلاد منذ الاربعاء 19 في أجواء مفعمة بالثورية.. حيث لم تنتفض جماهير المدن لوحدها، بل شاركت جماهير الريف في هذا النضال الذي يهدف إلى تغيير حياة المواطن السوداني وتمليكه مستقبله ووضع مشاركته في عملية إتخاذ القرار وتنفيذه في مكان متقدم من أهداف ثورة التغيير.

ونحن هنا- في ظل التطورات الجديدة- نضع أمام اعضاء حزبنا وأصدقائه أهمية المشاركة الفعالة في تعبئة وتنظيم وتأهيل الحركة الجماهيرية في الأشكال المناسبة، التي تعبر عن قناعة الأغلبية الساحقة من الجماهير وتسهل من حركتها الخلاقة ضد النظام.. كنا ندعو إلى تكوين لجان المقاومة.. ونقول إن أي شكل من أشكال التنظيم تختاره الجماهير تنظم فيه حركتها ضد النظام هو لجان مقاومة.. أي شكل تنظيمي يساعد في التعبئة والحركة ضد النظام هو الشيئ المطلوب.

إن العمل القاعدي ووسط الجماهير في مجالات السكن والعمل والدراسة هو الأساس في بناء الجبهة العريضة التي ظللنا نسعى لبنائها منذ ان رفع حزبنا شعار: إسقاط النظام في 2010.. ويصبح هذا الواجب أكثر إلحاحا والحركة الجماهيرية تستعد لمنازلة النظام بقصد هزيمته بشكل نهائي.. وهنا تجب الإشارة إلى أن بناء الجبهة العريضة لا يتم برسم بياني يمكن إتباعه في كل مكان وزمان... فظروف العمل أو السكن أو الدراسة قد تختلف..درجة الوعي تختلف.. الأهداف الآنية تختلف.. لذا قد تختلف القوى التي تكون القاعدة الجماهيرية حسب التكوينات الاجتماعية والسياسية.. وهنا لابد من المرونة في العمل والنشاط وطرح البرامج الأكثر إلهاما والتي تلبي تطلعات الجماهير في المكان المعين..

ونحن نعمل لبناء الجبهة العريضة من كل القوى المتضررة لابد أن نتوقع ونراقب التطورات الميدانية، حيث يساعد العمل المشترك مع قوى أخرى في بروز قيادات قاعدية مؤهلة يمكن أن تلعب دورا مهما في عمليات التعبئة والتنظيم.. وحيث يمكن أن نجذب هذه القوى نحو الحزب والجبهة الديمقراطية..عملية بناء الجبهة العريضة تساعد في توسيع قاعدة الحزب كذلك.. كما أن بروز قيادات قاعدية يساعد في تمتين وحدة العمل القيادي.. وبناء المركز الواحد لحركة الجماهير..

وهنا لابد من الإشارة أن تجاربنا السابقة في اكتوبر وابريل بكل ايجابياتها وسلبياتها هذا يساعدنا الآن في تخطي الصعاب التي تواجه الحركة الجماهيرية ليس فقط في عملية إسقاط النظام، إنما كذلك في عملية كيفية بناء السودان بعد إسقاط النظام وتفكيكه وتصفيته..

نؤكد أن من ضمن الدروس المستفادة من التجربتين. ضرورة أن تلعب الأحزاب السياسية الدور الأساسي في قيادة عملية التغيير على أساس برنامج الحد الأدنى.. الذي يمثل البديل الديمقراطي ونحن هنا لا نغلق الباب أمام قوى التغيير الأخرى سوى كانت في المنظمات الجماهيرية أو المجتمع المدني أو المثقفين..لكن المهم هنا هو البرنامج الواضح- مثل البديل الديمقراطي- الذي يغطي كل الفترة الانتقالية.. أي دعوة لقيام حكومة عسكرية أو انقلاب قصر.. يعني محاولة لقطع الطريق أمام مسيرة التغيير الجذري وقوى المعارضة الأساسية.. كما انه ونفس الوقت أي محاولة لإبعاد الاحزاب السياسية- تحت أي ذريعة- هو إرتكاب خطأ جسيم حيث أن الوضع الآن وفي غياب النقابات والمنظمات الديمقراطية.. لا يوجد أي إدعاء لتنظيم الجماهير غير الأحزاب السياسية.. لتوفير القاعدة الجماهيرية لأي تغيير قادم أو إعادة بناء البلاد من جديد..

 

نقطة أخيرة أن هناك من يتحدث عن فترة انتقالية معتبرة 6 أشهر أو سنة.. وبصراحة ووضوح أن الفترة الانتقالية عقب أكتوبر والتي انهتها ما سمى "بعنف البادية" والتي فرضت استقالة حكومة أكتوبر.. ساعدت في دخول السودان فيما اتفق الجميع على تسميته بالدائرة الشريرة "ديمقراطية عسكر- ديمقراطية".

 

لذا يكون من المهم أن تستمر الفترة الانتقالية لسنوات عدة- 4 سنوات كما جاء في برنامج البديل الديمقراطي- لتنفيذ المهام التي يطرق البديل الوطني الديمقراطي في كل المجالات.

 

إن صمام الأمان لانتصار الثورة وتحقيق كافة أهدافها يكمن في وحدة قوى الثورة ولالتزام ببرنامج الثورة والدفاع عنه وتنفيذه، وهذا يتم فقط بالمشاركة الواسعة للجماهير عبر تنظيماتها المستقلة وبالطرق الديمقراطية.

 

 

عرض مقالات: