زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى العراق بطريقة غير رسمية ليست فقط خرقا للأصول السياسية للتعامل الدولي بل هي امر مفتعل لاثارة قضايا أخرى و استعراضا للعضلات.  

ترامب كغيره من الرؤساء الأمريكان لا يحظى بمحبة عامة الشعب او مساندة الكونغرس ولا حتى باحترام الجبهة الليبرالية التي ينتمي اليها وقد شهد العالم هذا التفكك السياسي بشكل واضح جداً وخصوصا من خلال رفض الكونغرس للدعم المادي لسياسته الرعناء. هذه السياسة التي تعتمد العنصرية وبناء الجدار الحديدي لمنع اللاجئين و محاربة القطاع العام وامور الصحة وسوق العمل لعامة الناس وثم التمييز العنصري ضد الأفارقة الامريكان والديانات الاخرى، وضد النساء وحقوقهن من خلال مساندة حتى التحرش الجنسي ومقالته المعروفة المنحطة ضد النساء. وعلى نطاق عالمي نرى مساوماته مع الرئيس الروسي بوتين والدكتاتور اردوغان في القضية السورية وقضايا الأكراد في المنطقة اجمع ونقله السفارة الأمريكية في فلسطين والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وتهديدات وفرض العقوبات على إيران والتهديدات وبناء الروابط في نفس الوقت مع رئيس  كوريا الشمالية. هذا من غير توتر العلاقات مع الاتحاد الأوربي وإلغاء الاتفاقيات العالمية للحد من مخاطر البيئة والتي تسبب كوارث طبيعية نشهدها يومياً والتي يكون ضحاياها بالأساس من الفقراء في العالم الثالث. هذا غير اللعب بالنار في رسوم التجارة العالمية والاستيراد والتصدير. كل هذه العوامل هي رموز لسياسة الرئيس الأمريكي المصاب بداء العظمة والذي يستند على سياسة تشبه السياسة الصدامية، وهتلر وموسوليني المعبرة عن الرجعية-الرأسمالية-الدكتاتورية وهذه الصفات من اخطر  ما موجود على البلاد داخليا وخارجيا. 

رفض الكونغرس الأمريكي عدة مرات تمويل آلية ترامب وعدم تملك مسانديه المتطرفين هذه الكمية من الثروة لدعمه يجعل ترامب يثير مواضيع عديدة هنا وهناك في مواقفه الركيكة التي تنحصر  بين ال- نعم  وال-لا والتي تترك كل الأبواب مفتوحة لربما يحتاج فتحها على مصراعيها يوما. وهذا ما سوف يحصل لان سياسية ترامب متقلبة جداً وتغير الصديق الى عدو شرير في خلال عدة ساعات، ودلالة اخرى على هذه اللعبة بين تلاطف و عدوانية غير مفهومة لطريقة علاقته السياسية بالدولة السعودية. 

أزمة ترامب المالية وتعطشه لمديح الشعب الأمريكي الذي يتهيج ويستمتع بكذبة يسميها امريكا المدافعة عن شعبها وشعوب العالم اجمع وتحت شعار إنقاذ الآخرين والإرهاب الإسلامي جعلته يفكر في العراق بشكل اخر مرة اخرى. هذه الأزمة تحتاج لسبب اكبر من تواجد امريكا في العراق، فهي تحتاج لسحب ثروة العراق بشكل رسمي وغير محدد لسد قسم من ما تحتاجه سياسة ترامب لوحده حتى وان كانت مع عدم موافقة الكونغرس. رغم هذا فإثارة فكرة المدافع الأمريكي ضد الإرهاب تجلب تعاطف الشعب الأمريكي ولربما الكونغرس ايضاً كما سجل التاريخ من قبل مع رؤساء اخرين من قبله.  

اكد تصريح ترامب في حديثه لجنوده عن هذا الدعم من خلال تواجده المفاجئ في القاعدة الجوية في الأنبار ومن خلال إعلانه الصريح عن فرض دفع ما يسميه بالأجور لأمريكا لدحرها الإرهاب كما يزعم.

لهذه الأسباب يكون اعتراض ساسة العراق (بغض النظر عن رأينا في سياستهم الداخلية) جيد ومهم جداً. وعلينا عدم الاستخفاف بزيارة ترامب وما ستوقعه من مأس جديدة في المنطقة على ارض العراق بشكل مباشر او دول الجوار وسلبياتها على العراق بشكل غير مباشر. 

ترامب مطالب سياسيا بالتبليغ عن الزيارة حتى وان كانت القاعدة أمريكية. وعلينا ان نأخذ بعين الاعتبار وبحذر معنى ما صرح به من مطالب ليس للعراق أي  شأن بها والتصدي لسياسة العصابات والابتزاز. 

لهذا من المهم جداً ان يتوحد العراقيون بكل اختلافهم في امر انتقاد سياسية ترامب والتصدي لها مهما كان خلافنا الداخلي ومهما كان عدم الثقة في الساسة حالياً. وحدتنا مطلوبة وبلدنا الذي مازال جريحا لا يستحمل ضربة جديدة.

 

عرض مقالات: