في غمرة العديد من الملفات المصيرية، من ايجاد حلول لمصير ملايين النازحين اثر الانتصار العسكري على دولة داعش و انهائها، و من جهود اعادة العلاقات الطبيعية مع الفدرالية الكردستانية، الى مؤتمر المانحين في الكويت لأعادة اعمار المدن التي دمّرتها داعش، و الى اعمال حثيثة للتهيئة للانتخابات التشريعية و غيرها، التي ينتظر ملايين العراقيين بكل مكوناتهم نتائجها بترقب و قلق . .

من اجل البدء الفعلي بتجاوز نتائج حكم الاسلام السياسي الحاكم في البلاد و اصلاح مايمكن اصلاحه، في جهود مضنية لإعادة بغداد كما كانت، مدينة حديثة نظيفة كطهران، في بلاد لديها كل الامكانيات لذلك .  . بعد ان سرق حاكميها و من غضّوا النظر عن افعالهم، البلاد وعلى طبق من ذهب، بسبب نتائج رعونة دكتاتورية صدام من جهة، و رعونة قرارات الادارة الاميركية و التدخلات اللامشروعة لجهات ايرانية، عدا جهاتها التي دعمت البلاد فعلاً في مواجهة دولة الارهاب، التي يتأمّل كثيرون انها لاتطمع بالمقابل بمحاولة فرض حقوق لها في البلاد و في حكمها.

الاوضاع التي بسببها، انطلقت الاحتجاجات في البلاد و توسعت و هي تهتف " بإسم الدين باكونا الحرامية " و وصلت الى انتفاضة جماهيرية اجتاحت المنطقة الخضراء بجموع هاتفة " ايران برّه برّه .  . بغداد تبقى حرة " ، و اهتزّ البرلمان و تداخلت منابره بإسم الإصلاح .  .  و وصل الأمر الى لجوء الأحزاب الإسلامية الحاكمة ذاتها الى المطالبة بـ " الدولة المدنية على اساس المواطنة " و على اساس دستور مدني . .

وسط كل مايجري .  .  تفاجأت اوسع الاوساط بكلمة السيد ولايتي مستشار الولي الفقيه الإيراني السيد خامنئي، في مؤتمر مشترك خلال افتتاح (المجمع العراقي للوحدة الإسلامية) في بغداد ـ الخضراء  .  . تفاجأت و هي على ابواب الانتخابات بقوله : الليبراليون و الشيوعيون و العلمانيون شقوّا صفوف دولنا ؟؟! و اننا لن نسمح لهم بالعودة الى الحكم !! على حد قوله وفق مايُتناقل، و كأن المقصودين بكلامه، هم الذين كانوا يحكمون، و ان مايجري في البلاد هو نتيجة حكمهم ؟؟ و ان السيد ولايتي لن يسمح لهم بأي نجاح في الانتخابات ؟؟؟

و يتساءل كثيرون، ان كانت هذه هي افكار قادة الجمهورية الاسلامية في ايران او هكذا صارت، لماذا يدعو اقرانهم في البلاد الى إنتخابات و يوعدون بايماناتهم بانها ستكون ديمقراطية عادلة و نزيهة بلا تزوير ؟؟ و ماهي العدالة و الديمقراطية و النزاهة بمنظورهم ؟؟ بعد ان فشل حكمهم في بلادنا للاسف و بالوقائع المعاشة و المنشورة علناً، و الذي لم ينجب الاّ اعداداً هائلة من السراق و الحرامية في ابرز مفاصل الدولة و مؤسساتها، حتى صاروا عاراً على الصحوة الإسلامية المنتظرة.

ام هل ان الانتخابات التي تدعو اليها الحكومة العراقية و البرلمان من اجل الشرعية وسط انتظار الملايين للتغيير، و مطالبات احزابها الاسلامية الحاكمة هي، بالدولة العلمانية و مكافحة الفساد، هل هي لعبة و ضحك على ذقون المجتمع الدولي و القوى و التحالف الدولي الداعم لإصلاح الأوضاع في البلاد ؟؟ ام ان ماقاله السيد ولايتي الدبلوماسي الايراني المخضرم و وزير خارجية ايران لأكثر من دورة مضت، ليس اكثر من زلّة لسان او سوء فهم للكلمة ؟؟ ام هو تهديد  ؟؟

و ينتظرون تعليقاً من ممثلي الأحزاب العراقية الحاكمة المنظمة للمؤتمر، و يتساءلون كيف يسمحون لهذا التدخل الفظ بالشأن العراقي الداخلي، و لمحاولة جرّ البلاد لتكون ساحة صدام و حرب بين ايران و الولايات المتحدة . . في وقت لم تقدّم فيه الحكومة الإيرانية اية منحة او مساعدة للعراق في مؤتمر المانحين آنف الذكر، و تتسائل وفود دولية و اقليمية عن سبب حضور ممثلي ايران للمؤتمر، في وقت تستمر فيه حكومتها بجباية الاموال الفلكية من البلاد كـ (تعويضات للحرب التي اشعلتها دكتاتورية صدام) ضدّها، بلا مراعاة لاوضاع البلاد و حروبها المتنوعة ضد الإرهاب التي ادّت و تؤدي الى انواع الحرمانات لأوسع الجماهير الشعبية.

و يتساءلون ام هو دفاع عن النفس امام موجة الاستنكارات الجماهيرية التي عمّت الجارة ايران و اشتبكت مع رجال الشرطة و الأمن هناك، مطالبة بالخبز و الحرية و الدولة المدنية و تسببت بسقوط قتلى و جرحى فيها، و التي توسعت بسرعة هناك بسبب الفقر و خسائر الدولة بالاموال و الارواح بفعل حروبها الخارجية و سعيها للتفوق العسكري، و بسبب الغضب الهائل لإعدام عشرات آلاف السجناء السياسيين الايرانيين بمكوناتهم، و غيرها من الأمور اللانسانية التي تناقلتها و تتناقلها مختلف وسائل الاعلام و المنظمات الانسانية الدولية و غيرها من وسائل غير منحازة .  .

 

عرض مقالات: