منذ قيام الثورة الصناعية في اوربا وحلول الآلة محل الانسان وتطوير الانتاج, اصبح الكثير من العمال يعيشون تحت وطأة الاستغلال الرأسمالي, وعلى ضوء التقدم الزمني والتطور التقني والمتغيرات العالمية, اصبح المنتجون من العمال وغيرهم في وضع صعب , وبالتالي كانت المساعي في تشكيل تنظيمات عمالية تكون مدافعة عن حقوقهم, وعلى ضوء تلك المساعي تدخلت الحكومات في ايجاد تشريعات وطنية تضمن البعض من حقوق العمال.
وهذا يعني ان تشكيل اتحاد او نقابة هو من اجل مصلحة الطبقة العاملة في سائر المؤسسات والمعامل والمصانع وفق التشريعات العمالية وقوانين الدولة المتاحة بما يضمن العيش الكريم لهم.
ان النقابة تعرف على أنها انضمام مجموعة من العمال ، لغرض تحسين ظروف عملهم، وكذلك لتعزيز مصالحهم المشتركة , بحيث يمكن للشخص العامل الاجتماع مع الإدارة، والتفاوض معها حول أي مشكلة تؤثر عليه، أو على وظيفته، بما في ذلك الأجور والمزايا ولظروف العمل المختلفة ، ودور النقابات معروف في حل القضايا والمشاكل في مكان العمل كونها صوتا للعمال الذين تمثلهم في القضايا العالقة.
والنقابة هي جزء من تكتل كبير يسمى الاتحاد , وهذا الاتحاد لديه برنامج محدد في قضايا الطبقة العاملة وقوانين العمل وتطبيقاته والمواقف في السياسية - الاقتصادية لبلادنا من المحيط العربي والدولي ومتطلبات الحياة القريبة والبعيدة.
كان لتأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال في الجمهورية العراقية الذي انبثق في مؤتمره التأسيسي في 11 تموز 1959 والذي قدم التضحيات الكبيرة منذ تاسيس اول نقابة عمالية 1929.(جمعية اصحاب الصنائع العراقية) برئاسة النقابي الاول الراحل محمد صالح القزاز. وبدأت طبقتنا العاملة تتمتع بحرية التنظيم النقابي . فتشكلت الهيئات المؤسسة لمختلف المهن والمشاريع الصناعية ، وأخذت تمارس نشاطها لتسهم في خدمة الجمهورية الفتية والعمل على ازدهار وتحسين شروط العمل وحياة العمال الاقتصادية و الاجتماعية والصحية والثقافية لتقوم بواجباتها ومهامها في خدمة طبقتنا العاملة وتطور صناعتنا الوطنية وانتعاش اقتصادنا الوطني .بعد عام 1968 ومجيء النظام الدكتاتوري اصبح الاتحاد العام للنقابات العمال في العراق, واجهة السلطة بعد ان لجأ الى استخدم وسائل القمع والتهديد وترهيب العمال وكانت فروعه اوكارا للسلطة ولأجهزتها القمعية, وابتعد هذا الاتحاد عن المهمة الرئيسة في الدفاع عن مصالح العمال المهنية والانسانية وفي توفير مستلزمات الحياة الاخرى في الرعاية والاهتمام الصحي والحياتي.
لقد شوهت الطبقة العاملة العراقية ووقع عليها الظلم والطغيان نتيجة الحرب العراقية- الايرانية والحروب الاخرى (التي اصبح 50في المائة من العمال وقودا لهذه الحرب) واستغلت بطريقة مريعة (العامل الجيد هو المنتج الجيد والبعثي الجيد , وعملك شرفك ومن لايعمل لا شرف له), وغيرها من الشعارات التي انهكت الطبقة العاملة, اضافة الى ذلك تم جلب ايد عاملة اخرى (من مصر ) والذين ينافسون عمالنا ,وأهينت الطبقة العاملة العراقية بشعارات زائفة اضافة الى اعتقال وابتعاد الكثير من الكوادر العمالية عن العمل النقابي . وعلى ضوء كل ذلك تم تأسيس الحركة النقابية الديمقراطية في الجمهورية العراقية 1981 في اجتماع في سوريا وحضره عدد كبير من العمال والنقابين المجربين ولإعادة هيبة الطبقة العاملة الى ماهي عليه من تاريخ حافل بالمجد والبطولة وكانت حاضرة لنشاطات الاتحادات العمالية العربية والنقابات العالمية.
ودعيت إلى محافل دولية ومؤتمرات نقابية وأصدرت صحيفتين إعلاميتين " صوت العامل داخل العراق ونشرة الحركة النقابية في الخارج. واصبحت لها فروع في كردستان.
عقد الكونفرس الاول في نهاية كانون الاول 1989 وبحضور المندوبين من العمال النقابين الديمقراطيين تحت شعار( من اجل وحدة الطبقة العاملة العراقية في النضال من أجل الديمقراطية والحريات) واقر جدول العمل وتمت مناقشة الوثائق المقدمة من اللجنة التحضيرية والمندوبين.
هذا الكونفرس هو الاول لحركة نقابية مستقلة بتوجهات ديمقراطية تحترم ارادة العمال في الانتخاب واختيار مندوبيهم. وقد عززت الثقة في افاق جديدة من خلال الرسائل العراقية التي وصلت الى الكونفرس ومن المنظمات العربية والعالمية.
واصبحت لها علاقات جدية مع العديد من النقابات وبالاخص اتحاد نقابات العمال في سوريا من خلال لقاءاتنا معهم والنقابات العمانية وغيرها
هذا التاريخ الذي يمتد الى اربعة عقود بنى في ظروف صعبة وقدمت القرابين من المناضلين الذين ضحوا من اجل قضية العمال ومصالحهم. ومازالت الحركة النقابية التي تزخر بالكثير من العمال النقابين ومؤازريهم يدعمونها اعلاميا وماديا ومعنويا وتعمل من اجل بناء الديمقراطية في العراق والدفاع عن حقوق العمال ومصلحتهم فوق كل شيئ ,لانها بعيدة عن مغريات المناصب والمسؤوليات بل تريد خدمة العمال والكادحين من ابناء شعبنا.
وكان من اهم برنامجنا هو الغاء جميع القوانين والقرارات التي شرعها النظام الدكتاتوري التي تعيق تطور الطبقة العاملة وحركتها النقابية.
واليوم نجد في العراق توزع العمال وفق ارادات حزبية بين مجموعة من الاتحادات وتشرذمت النقابات بين احزاب اسلامية وقومية ومدنية ونتيجة المصالح والكراسي لا يوجد ما يوحدهم بل زادت الخلافات فيما بينهم وكل اتحاد يريد ان يكون الوريث الشرعي للاتحاد العمالي السابق , من بنايات واملاك ومسؤوليات وغير ذلك. اما الحكومة فقد دعمت الاحزاب الاسلامية من جناحها واصبح العمل في ظل هذه الاتحادات لايطاق وعليه تحتاج هذه الاتحادات وممثليها الى الابتعاد عن الخيم التي تختفي تحتها والابتعاد عن مايسيس النقابات والابتعاد عن كل مايضر في مصالحها. (في النقابة، التي تحترم في إطارها المبادئ، والضوابط التنظيمية، يجب أن يصير مبدئيا، وفي خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كشرط لوجوده، حتى يؤدي دوره في تحسين أوضاع الكادحين: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يصير عملا نقابيا صحيحا(محمد حنفي الالكترونية2012 ) .
وهذه الاتحادات تسير بصعوبة نحو التخلي عن الكراسي , اضافة الى ان ممثلي بعض الاتحادات لاتوجد لديهم التقاليد والخبرة النقابية في تطوير العمل النقابي.وتحتاج الى تنسيق عمل كبير بين من يدعي العمل النقابي لتوحيد هذه الاتحادات وفق برامج محددة تبتعد عن الاحزاب السياسية وتدخلاتها.
اما بالنسبة لنا في الحركة النقابية الديمقراطية في الداخل و الخارج فنحن ساعون الى رفد النقابات والاتحادات الديمقراطية والمدنية بما يخدم مصلحة الطبقة العاملة وفق برامجها ومجالات عملها.
(
نعمل من اجل وحدة الطبقة العاملة العراقية بغض النظر عن انتماءاتها الدينية والطائفية والقومية والسياسية ، وبشكل خاص مع الحركة النقابية العمالية في إقليم كردستان العراق ، ويحق لكل عامل الانتماء للتنظيم النقابي والنضال من اجل الحقوق والحريات النقابية ، وبناء وتعزيز هيكلية الاتحاد العام لتكريس دوره القيادي في مؤسسات المجتمع المدني العراقية مع إيماننا بالتعددية النقابية الحقيقية)
ان الحركة النقابية الديمقراطية كتنظيم نقابي عام يكرس جهوده الى نقابات مستقلة بعيدة عن الضغوط الخارجية حكومية وغير حكومية. لازالت طموحاتنا ونضالنا - يتجسد في الإسراع في إصدار قانون للحقوق والحريات النقابية يضمن حق العاملين في مختلف قطاعات الإنتاج وفي تشكيل والانضمام الى الاتحادات والنقابات وفق إرادتهم الحرة المستقلة .ودعم القطاع العام ونرفض الخصخصة في القطاعات المهمة.وندعم مشاركة العمال في التخطيط والرقابة ومكافحة الفساد المالي والاداري.
(
ان العمل النقابي يحتاج من العاملين فيه الى ربط النضال النقابي والمهني مع النضال السياسي ويكون ربطاً جدليا , يرفع من وعي العمال وتعبئتهم نحو مصالحهم ومن أجل خوض المعارك النضالية، لفرض الاستجابة للمطالب النقابية، انطلاقا من برنامج نقابي محدد، سعيا إلى تحقيق أهداف محددة، تتمثل، بالخصوص، في تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على ضوء الحقوق المنصوص عليها في مدونة الشغل، وفي الوثائق الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وفي المواثيق الدولية المعلقة بحقوق الإنسان، مما يضمن تحقيق كرامتهم الإنسانية) .
ان قناعاتنا تكمن في تعدد النقابات في اطار وحدة الطبقة العاملة , وتكمن في الافكار والرؤى المختلفة والتي لا تتعدى خدمة العمال وسائر الكادحين من ابناء شعبنا.لاننا نرفض الاملاء من قبل اي اتحاد او نقابة او غير ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1_
محمد حنفي - كتابات الكترونية
2_
من البرنامج الانتخابي للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق
3_
حنفي - مصدر سابق

عرض مقالات: