بعد عد وحساب أصوات الناخبين السويديين الذين صوتوا بشكل مبكر قبل موعد الانتخابات وأيضا أصوات الناخبين السويديين المتواجدين خارج السويد، أعلنت النتائج النهائية للانتخابات السويدية التي جرت في ٩/٩/٢٠١٨ وبمشاركة واسعة بلغت 87،2% وبما يعادل 6535271 صوت انتخابي  .
تظهر النتائج تقدم الاشتراكيون والديمقراطيون بحصولهم على نسبة ٢٨،٢٦% وبما يعادل ١٠٠ نائب، يليهم حزب المحافظين اليميني ١٩،٨٤% والذي حصل على ٧٠ نائبا، ومن ثم ديمقراطيو السويد ذوي الميول العنصرية ١٧،٥٣% وضمنوا وصول ٦٢ نائبا بعد الزيادة الكبيرة من الأصوات التي حصلوا عليها، وحل رابعا حزب الوسط بحصوله على نسبة ٨،٦١% وبعدد ٣١ نائبا، ومن ثم حزب اليسار ٨% وبعدد نواب يبلغ ٢٨ نائبا..

 المسيحيون الديمقراطيون حصلوا على ٦،٣٢ وبما يعادل٢٢ نائبا. الليبراليون حصلوا على ٥،٤٩% وبذلك تكون حصتهم ٢٠ نائبا..في المرتبة الأخيرة حل حزب البيئة بحصوله على ٤،٤١% وضمن بذلك ١٦ نائبا، وكان قد تجاوز نسبة ٤% التي تسمح فقط بتمثيل الأحزاب برلمانيا..

هذه الانتخابات شهدت صعودا لافتا لأصحاب التفكير العنصري، ودعاة معاداة الأجانب وتحميلهم أسباب مشاكل البلاد، وأيضاً تراجعا ملحوظاً للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأيضاً لغريمه في جبهة اليمين حزب المحافظين...

 حزب اليسار السويدي ببرنامجه الواقعي البعيد عن الشعارات وفي تحسن لغة حواره مع الناخب والمواطن السويدي وقوة حججه السياسية وتحسن أداء وإمكانية مرشحيه، كان قد ضمن موقعا مهما في المعادلة السياسية السويدية بعد حصوله على 8% من أصوات الناخبين، وهي نتائج تدعو للفرح والفخر وسط كل محبي ومساندي قوى اليسار في السويد والعالم عموماً، وهو الحزب الذي عرف عنه تضامنه الدائم مع قضايا الشعوب، وبالخصوص قضايا الشرق الأوسط ومنها فلسطين، كما للحزب مواقف مشهودة في التضامن مع الشعب العراقي...

يبقى على قوى اليسار السويدي استنتاج الدروس البليغة من هذه الانتخابات، وعبر التعرف على مكامن الخطأ في البرامج والأداء، وخصوصاً ابتعاد أقسام واسعة من الطبقة العاملة في السويد عن التصويت لصالح أحزاب اليسار وكما هو معتاد، وبعد اختيارها التصويت لأحزاب اليمين، وأيضا لحزب ديمقراطيي السويد رغم برنامجه الذي بناه على فكرة العنصرية وعلى تحميل المهاجرين ظلما وزر الأزمات والمشاكل والدعوة لإجراءات الحد من الهجرة...
اليوم هناك حالة استعصاء سياسي في السويد بخصوص الجهة التي ستشكل الحكومة، حيث أن النتائج متقاربة بين الكتلة اليسارية المكونة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي واليسار والبيئة  ويبلغ نوابها ١٤٤ نائبا، وبين كتلة اليمين ويبلغ عدد نوابها ١٤٣ نائبا..بين هذين الكتلتين هناك حزب ديمقراطيي السويد ذو الميول العنصرية والذي ازداد عدد ما حصل عليه من مقاعد الى ٦٢ نائبا....

الكتلتان اليمينية واليسارية ترفضان من حيث المبدأ التعاون مع حزب  ديمقراطيي السويد لميوله العنصرية وعدم الوضوح في برنامجه وخططه، رغم جنوح أقسام من حزب المحافظين والمسيحي الديمقراطي للتعاون مع ديمقراطيي السويد للفوز بفرصة تشكيل الحكومة ، وكلا الكتلتان تريدان  أن تشكل الحكومة وتدعيان الحق في ذلك ولا ترضىا أن تكونا في المعارضة..

المشكلة الأكبر أن كتلة أحزاب اليسار من حقها أن تطرح نفسها كحكومة قادمة وبشخص رئيس الوزراء الحالي ستيفان لوفين لحصولها على النسبة الأكبر من المقاعد النيابية، لكن احزاب الكتلة اليمينية سيصوتون بالضد، وبذلك لا يمكن للحكومة من الحصول على أكثرية برلمانية مريحة..

الموضوع من ناحية الاستقصاء السياسي والكتلة الأكبر والأصغر يشبه الحالة العراقية مع الفارق الكبير في شكل وتركيب وتمثيل وبنية الأحزاب السياسية في السويد عن تلك التي في العراق والمشكلة أساسا دينيا وقوميا ومذهبيا باستثناء الحزب الشيوعي العراقي وبعض القوى الليبرالية والمدنية.

الحل يكمن في إبداء أحد احزاب الكتلة اليمينية الاستعداد للعمل المشترك مع كتلة اليسار لأجل تكوين أغلبية مريحة، والمرشح هنا حزب الوسط، لكن الأنانية الحزبية والتمسك بكتلتهم اليمينية وتحالفهم يمنع من ذلك، كما أن احزاب كتلة اليسار نفسها لا ترغب بالتعاون والتنسيق مع كتلة اليمين المعارضة لتشكيل حكومة بديلة.
الأيام القادمة ستحسم هذا الجدل في السويد، مع احتمالات بتأخر تشكيل الحكومة وربما إعادة الانتخابات اذا استنفذت كل الحلول.

عرض مقالات: