عُقد المجلس الاستشاري الموسع للحزب الشيوعي العراقي، يوم الجمعة 12-12-2025 في بغداد، بحضور قيادة الحزب، ولجنة الرقابة المركزية، وسكرتاريي اللجان المحلية، وأعضاء المختصات المركزية، وعدد من الكوادر الحزبية، لمناقشة التطورات السياسية العامة، والانتخابات النيابية الاخيرة، والنتائج التي افرزتها على صعيد الحزب والقوى الديمقراطية.

واستُهل الاجتماع بالوقوف دقيقة حداد وفاء لشهداء الحزب والحركة الوطنية، واستذكارا للرفاق الراحلين، وفي مقدمتهم الرفيقة نسرين حسين عضو اللجنة المركزية للحزب.

وتوقف الاجتماع عند مجمل الاوضاع السياسية التي يمر بها العراق، مشخّصا التحديات البنيوية التي تواجه الدولة والمجتمع، ومؤكدا ان الانتخابات النيابية جرت في بيئة افتقرت الى الحد الادنى من العدالة الانتخابية، في ظل عدم تطبيق قانون الاحزاب، واعتماد قانون انتخابي صيغ وفق قياس القوى الماسكة بالسلطة، وبما يكرس هيمنتها ويقوض مبدأ تكافؤ الفرص.

وسجل الاجتماع بقلق بالغ ما رافق العملية الانتخابية من توظيف فاضح للمال السياسي، وشراء للأصوات، وتسخير لمؤسسات الدولة المدنية والامنية في الدعاية الانتخابية، الى جانب تصعيد الخطاب الطائفي، بما شكل انتهاكا صارخا لإرادة الناخبين، ولمبادئ الممارسة الديمقراطية.

واكد الاجتماع ان مفوضية الانتخابات اخفقت في اتخاذ اجراءات رادعة، للحد من الخروقات الجسيمة التي رافقت الانتخابات، الامر الذي أسهم في ظهور حالات تزوير وفساد لصالح مرشحين من القوى المهيمنة، فضلا عن استبعاد مرشحين آخرين بحجج ذات طابع سياسي اقصائي.

ويرى المجلس الاستشاري ان النتائج المعلنة اكدت فوز لون سياسي واحد، مع اقصاء متعمد للقوى المدنية الديمقراطية، ما يعكس اعادة انتاج المنظومة الحاكمة لهيمنتها، عبر وسائل غير مسبوقة أخلّت بجوهر العملية الانتخابية، وبشروط حريتها ونزاهتها.

وحذر الاجتماع من ان الحوارات الجارية لتشكيل الحكومة، تنطلق من منطق تقاسم السلطة والمغانم، لا من منطق الاستجابة لما يواجهه العراق من ازمات اقتصادية واجتماعية وخدمية، في وقت انقطعت فيه صلة القيادات المتنفذة بقضايا الناس، مباشرةً بعد يوم الاقتراع.

وأكد المجلس ان استمرار نهج المحاصصة يعني اعادة تدوير الازمات نفسها، التي رافقت تشكيل الحكومات السابقة، ويكرس النهج الفاسد في ادارة مؤسسات الدولة، والارتهان للخارج، والابتزاز السياسي، والتحكم بمفاصل الدولة على حساب المصلحة الوطنية العليا.

كما ناقش الاجتماع التطورات الاقليمية والدولية وانعكاساتها على العراق، مشددا على ان البلد يتعرض لضغوط خارجية متزايدة تؤثر في القرار السياسي، في ظل خضوع قوى المحاصصة لهذه الضغوط، بما يجعل شغل المناصب السيادية مرهونا بإرادات دولية، ويقود الى مصادرة ارادة الشعب، وتكريس سياسات تكميم الافواه، عبر القوانين والقرارات التعسفية بحق الناشطين والصحفيين وأصحاب الرأي الحر.

وتوقف الاجتماع عند التدهور الاقتصادي المتواصل، وما يترتب عليه من تفاقم الازمات الاجتماعية والمعيشية، مؤكدا ان ذلك يفرض على الشيوعيين وكل القوى المدافعة عن حقوق الناس، الانحياز الواضح الى جانب الجماهير، في نضالها من اجل العيش الكريم والعدالة الاجتماعية.

وشهد الاجتماع نقاشا مسؤولا حول اداء الحزب في الانتخابات على المستويات السياسية والتنظيمية والفكرية والانتخابية، مع التشديد على ضرورة اجراء مراجعة موضوعية وشاملة، والانفتاح على جميع الآراء النقدية الحريصة، التي طرحت داخل الحزب وخارجه.

واكد المجلس أهمية دراسة جميع الملاحظات والمقترحات الواردة، وإطلاق سلسلة لقاءات حوارية مع الرفاق والجمهور، بهدف بلورة معالجات عملية، وتوسيع النشاط الجماهيري، وتعزيز الحضور الميداني في العمل النقابي والمهني، والدفاع عن قضايا النساء والشباب والطلبة، واجراء مراجعات فكرية وسياسية شاملة للخطاب والممارسة الحزبية.

وفي ختام أعماله، عبر المجلس الاستشاري عن تقديره العالي لجميع الرفيقات والرفاق، وللداعمين الذين أسهموا بجهدهم التطوعي في الحملة الانتخابية الاخيرة، وفتحوا قنوات تواصل حقيقية مع المواطنين، مؤكدا اهمية الحفاظ على هذه الروابط وتعزيزها، بما يخدم معركة المواطنة والعدالة الاجتماعية والنضال الديمقراطي.