بل أيام أعلن عن بدء انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق على أن يستكمل ذلك في أيلول ٢٠٢٦، على وفق الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة، إلى جانب كونه استحقاقا وطنيا ودستوريا.
وكان لنا في الحزب الشيوعي العراقي منذ البداية موقف واضح في رفض الاحتلال والغزو والوجود العسكري الدائم ولكل التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي، وكل ما يتعارض مع سيادة العراق واستقلاله وامتلاكه لقرار الوطني المستقل. وأكدنا مرارا على إدانتنا للاعتداءات والانتهاكات لأراضي العراق ومياهه وسمائه، ومن أية جهة أتت، ومعارضتنا تحويل العراق إلى ساحة صراع مصالح وتصفية حسابات بين مختلف القوى الدولية والإقليمية.
كما ميزنا باستمرار وبوضوح بين الحاجة إلى الدعم والتعاون والإسناد والتدريب والمشورة، ولاسيما حينما يتطلب الأمر ذلك كما حصل في المعركة مع داعش، وبين الوجود العسكري الأجنبي الدائم، على أن يتم كل ذلك وفقا لاتفاقات معروفة ومعلنة، شفافة ومتوازنة، ومتخذه في سياقات قانونية ودستورية سليمة.
يأتي هذا الانسحاب، والذي في واقع الحال هو أقرب إلى أن يكون إعادة تموضع للقوات، في ظروف محفوفة بمخاطر وتحديات أمنية وسياسية واقتصادية جدية. فتهديد قوى الإرهاب، وإن تراجع كثيرا، ما يزال ماثلا داخل العراق وعبر الحدود وتسود أجواء صراع وتوتر شديدين في عموم المنطقة لها انعكاسات ارتدادية على الأوضاع الداخلية في العراق، كما أن شكل وجود قوات التحالف على أراضينا ما يزال موضع اختلاف وانقسامعلى المستويات الرسمية والسياسية والشعبية.
إن الخطوة التي تحققت ينبغي أن تتوفر متطلبات وشروط استكمالها وصولا لإنهاء وجود القوات الأجنبية على أرض العراق، وفي مقدمة هذه الشروط توفر الإرادة السياسية الفاعلة وتحقيق إجماع وطني عراقي بشأنه.
إن انسحاب قوات التحالف سيحجب عن القوات العراقية بعض أشكال الدعم التي كانت تقدمها قوات التحالف ما يشدد من الحاجة إلى تعزيز قدرات قواتنا المسلحة، تسليحا وتدريبا وتأهيلا، وإعادة بنائها على أساس الولاء للوطن والشعب والعقيدة الوطنية وإبعادها عن المحاصصات على اختلاف أنواعها، وإسناد المسؤوليات فيها إلى العناصر الكفوءة والمهنية والنزيهة والمخلصة والوطنية.
كما يتوجب الشروع الفعلي بتحقيق شعار حصر السلاح بيد الدولة وتفكيك التجمعات العسكرية غير الدستورية وتحقيق وحدة القرار العسكري – الأمني ومركزته بيد القائد العام للقوات المسلحة والبدء بعملية دمج المتطوعين في الحشد الشعبي كأفراد في القوات المسلحة وصيانة حقوقهم وتوفير الكرامة لعوائلهم.
إن التحديات الكبيرة والمتغيرات الحاصلة عالميا وفي المنطقة، وحاجة بلادنا إلى امتلاك ناصية القرار الوطني المستقل، وصيانة حقوقها الوطنية، تفرض السير على طريق الخلاص من أس البلايا، منهج المحاصصة والتخادم المكوناتي، المتماهي مع الفساد، وإقامة دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، فلا سيادة ولا استقلال حقيقيين مع حالة اللادولة واستمرار هشاشة الوضع الداخلي.
 

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

٢٢-٨-٢٠٢٥