يتوجه الملايين في أرجاء العالم، تتقدمهم النساء، للاحتفال يوم السبت المقبل، الثامن من آذار، بعيد المرأة العالمي، يوم اعلان الحب والاحترام لواهبات النور لأجيال البشر، وشريكات الرجل في صنع الحياة الانسانية وإدامتها وإنمائها. يوم الاحتفال بانجاز المرأة وعطائها، والتقدير لكفاحها اليومي وتضحياتها غير المحدودة، من أجل تأمين العدالة الاجتماعية والحياة الامنة الكريمة واللائقة لفلذات القلوب وللناس كافة..
هي المرأة، نحتفي بها ونحمل اليها باقات الزهور في مناسبة عيدها السنوي، مُتغنين برقتها وقوتها، ومنوهين بصبرها وتضحيتها وحكمتها، ومحيين تمسكها بحقوقها وحريتها وكرامتها، ودفاعها عنها ضد قوى الاستغلال والرجعية والتخلف، وصمودها بوجه مساعي سلبها ما حققت وانتزعت بنضالها الطويل ونضال قوى الديمقراطية والتقدم معها، ومحاولات إرجاعها عقودا وحتى قرونا الى الوراء.
ولا تزال طرية وقائع المعركة الشجاعة التي خاضتها جماهير النساء العراقيات خلال الشهور الماضية، بمساندة المناصرين الثابتين لحقوقهن وحرياتهن، لإحباط المخطط التخريبي لأبرز ثمار نضالها المتفاني في السنين الطويلة الماضية، ونعني قانون الاحوال الشخصية الرقم 188 لسنة 1959، والعودة بهن الى أزمان تزويج الطفلات الصغيرات، وحرمان الامهات من حضانة اطفالهن، وثلم حقهن في الميراث، وغير ذلك الكثير. هذه المعركة التي لم تنته بما أُضفي على تعديل القانون من "شرعية" زائفة عبر تلاعب برلماني مخز، والتي لن يكون هناك بدٌّ من استئنافها مستقبلا، واعادة الامور الى نصابها والحق الى أهله.
بجانب ذلك استمرت معركتها الاخرى، المضنية والمديدة، من أجل إصدار تشريعات تردع العنف الذي تتعرض له يوميا، وفي ظل السطوة العشائرية وحكم الأعراف التي عفا عليها الزمن. فبسبب جهود التعطيل التي يمارسها نواب الاحزاب المتنفذة في البرلمان، يعجز هذا المجلس عن تشريع قانون مناهضة العنف الاسري، المودع في ادراج مكاتبه منذ حوالي خمس سنوات، وتبقى النساء العراقيات يتعرضن للتعنيف والاساءة متنوعة الاشكال بحماية القانون، وباسم "التأديب" المباح للازواج والآباء بموجب القانون المرقم 111 لسنة ١٩٦٩.
يحدث هذا وكثير غيره من مظاهر الظلم والاجحاف في حق المراة، في ظل تدهور غير مسبوق لأحوال الملايين من جماهير الشعب، وانتشار للبطالة واستشراء للفقر والبؤس وتدهور مريع للخدمات، في ظل تفاقم المشكلات الاقتصادية والمصاعب المعيشية والازمات الشاملة، الناجمة بدورها عن تمسك القوى النافذة بنهج المحاصصة، وما يزدهر في احضانه من فساد وسوء ادارة وانفلات للسلاح، ومن علل خبيثة اخرى مستشرية اليوم في بلادنا.
وتؤشر هذه الوقائع حقيقة تشابك المعضلات التي تثقل كاهل النساء العراقيات وتصادر حقوقهن وحرياتهن وتُفاقم البؤس في صفوفهن، مع الازمة الشاملة كثيرة الاوجه والعواقب، التي تطوّق بلادنا وتخنقها. وذلك ما يبدو ان ادراكه يتزايد في اوساط الجماهير النسوية، ومعه يتعمق الشعور بأن الخلاص من وطأة الاضطهاد والاجحاف اللذين يلاحقان المرأة، مرهون هو ايضا بتغيير الاوضاع في البلاد، والخلاص من نهج الحكم والادارة القائم على المحاصصة والفساد، والتوجه بدلا من ذلك للبناء على اسس المواطنة والتنمية والعدالة الاجتماعية. ويتوافق هذا مع الدعوة التي اطلقها حزبنا الشيوعي والقوى المدنية الديمقراطية أخيرا، للتهيؤ للمشاركة الكثيفة والفعالة في الانتخابات البرلمانية خريف هذه السنة، بهدف تحقيق نتائج ايجابية تتيح بدء عملية التغيير التي تتطلع اليها جماهير شعبنا الواسعة.
في يوم المرأة العالمي نجدد اعتزازنا بكفاح النساء العراقيات من اجل الحقوق والحريات والمساواة ودفاعا عن المكتسبات، ونؤكد حرصنا على مواصلة الانخراط معهن في هذا الكفاح، حتى تتحقق غاياتهن المشروعة التي هي جزء لا يتجزأ من اهداف جماهير الشعب الواسعة وقواها الوطنية والمدنية الديمقراطية في اقامة دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
آذار ٢٠٢٥