منذ رفع الشيوعيون العراقيون قبل حوالي عشر سنوات شعار التغيير، في مسعى لإخراج البلاد من مستنقع الأزمات المتلاحقة، الذي جرّتها اليه قوى المحاصصة الطائفية والقومية وأحزابها النافذة، وهذا الشعار يتعرض، تصريحا وتلميحا، الى طعن وتشويه مستمرين من طرف تلك القوى والأحزاب ومن يتحدثون باسمها

وليس في ذلك ما يدعو الى الاستغراب. فالدعوة الى التغيير والتغيير الشامل، التي تفرضها الحاجة الى ضمان تطور بلدنا وتقدمه اللاحق والحفاظ عليه ككيان وطني موحد، والى بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات الضامنة للحريات والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. هذه الدعوة التي حصدت وتحصد دعما شعبيا متزايدا، والتي ينبغي اليوم تحويلها الى مشروع وطني جامع، تهدد في الصميم نهج المنظومة الحاكمة المتحاصصة، ومصالحها المتشابكة، ودولتها العميقة – راعية الفساد والمستفيد الأكبر منه.

وفي سياق حملة الإساءة الى شعار التغيير ومحاولة الحطّ من أهدافه الوطنية السامية، خلال السنوات الماضية، تنوعت الحجج والذرائع المساقة لتبريرها، والتي ما ان ينكشف تهافت إحداها وتفاهتها، حتى يتم اختلاق بديل لها.

ولعل أحدث ما تفتّقت عنه "شطارة" القائمين على الحملة في هذا الخصوص، استغلال مناسبة الحديث أخيرا عن "تغيير" يقال ان الولايات المتحدة تعتزم الاقدام عليه في العراق، وتفرض بموجبه تبديلا للأوضاع يكون امتدادا لما شهدته غزة ولبنان ثم سوريا في الفترة المنصرمة، وجزءا من مشروع إقامة "الشرق الاسط الجديد"، الذي يتكرر الحديث عنه في تل ابيب وواشنطن.

وبناء عليه انطلقت حملة خلط مخططة للأوراق، تربط شعار التغيير المرفوع داخل البلاد منذ سنين، والمعبر عن المصالح والمطامح العميقة للعراقيين في بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن المحاصصة والفساد وانفلات السلاح.. تربطه قسراً بـ"التغيير" الخارجي المزمع كما يقولون، والبعيد عن احتياجات شعبنا وتطلعاته.

انها حملة كذب وتضليل فاضحين، غايتها النيلُ من شعار التغيير الشامل الذي يرفعه الحزب الشيوعي العراقي وعموم القوى المدنية الديمقراطية، وتشويهُ حقيقته بما يحدّ من التأييد الشعبي المتزايد له.

وتلك مهمة لن يكتب لها سوى الفشل، أمام الادراك المتنامي لجماهير شعبنا الواسعة.