تتكرر على لسان قادة الكتل السياسية المتنفذة مطالبة حكومة الكاظمي بفرض هيبة الدولة. وقد تصاعدت هذه المطالبة أثناء الانتفاضة الشعبية والاحتجاجات والاعتصامات التي رافقتها، وكانت تعني ضمنا وعمليا دعوة الحكومة الى تشديد ملاحقتها للمحتجين والناشطين وتفكيك وإنهاء الاعتصامات السلمية، وهو ما تم فعلا على يد أجهزة حكومية وغير حكومية تحت مبررات وعناوين مختلفة.

من الناحية المفاهيمية الدقيقة تعتمد هيبة الدولة على قدرتها وفاعلية مؤسساتها في إنفاذ القانون بدون تمييز وانحياز، على جميع المواطنين وعلى كامل التراب الوطني ووفقا للدستور. ويفترض هذا وجود مؤسسات دولة مدنية وعسكرية قوية متماسكة وذات كفاءة، وتحظى بثقة واحترام المواطن، وهو ما لا يتوافر حاليا.

فالدعوة الى تعزيز هيبة الدولة لا بد ان تقترن بالعمل الجدي في محورين:

الأول محور التصدي إلى مسببات وعوامل ضعف الدولة وتشظي بنائها، والقضاء على الفساد والبيئة السياسية والإدارية والأمنية الحاضنة له ولمنظوماته المتغلغلة في جميع مفاصل الدولة، ووضع حد لكل نشاط ينال من الوظائف السيادية الحصرية للدولة.

والمحور الثاني يتمثل في توفير مقومات العيش الكريم للمواطن المحاصر بالأزمات المعيشية.

بتعبير أكثر ملموسية لا يجوز اختزال فرض هيبة الدولة بالبعد الأمني والقسري، كما يستدل من بعض الطروحات، ذلك أنه يعني أيضا نبذ نهج المحاصصة المقيت الذي أدى الى تقاسم الدولة بين الكتل المتنفذة، وتحول الوزارات والمؤسسات إلى إقطاعيات تستحوذ على مواردها الكتلة السياسية المسيطرة عليها. كما يعني المحاربة الحازمة للفساد والفاسدين، وحل اللجان الاقتصادية للأحزاب المتنفذة ومنع أي تدخل لها في إدارة الدولة، واتخاذ إجراءات عقابية صارمة إزاء ظاهرة بيع المناصب الحكومية المدنية والعسكرية واسعة الانتشار، وإعداد معالجات لمشكلة البطالة لاسيما بين الشباب، ووضع خدمات التعليم والصحة والكهرباء في مقدمة أولويات الحكومة وتخصيصاتها، والسعي الجاد لحصر السلاح بيد الدولة، وإصلاح الأجهزة الأمنية بما يضمن وحدة عملها ورفع مستوى أدائها على اساس المواطنة والدستور.

من منشور للرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي