نلاحظ إجماعاً في تصريحات المسؤولين في الدولة، وفِي مواقف القادة السياسيين ـ بما في ذلك القوى المتنفذة والمتحاصصة في السيطرة والتحكم في الدولة وسلطاتها، والتنعم بمغانمها ـ على تجاوز الاقتصاد الريعي وإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي والموازنة العامة، وتنويع مصادرها وتنمية القطاعات والانشطة الإنتاجية الزراعية والصناعية والخدمية، لكن ثمة بونا شاسعا بين الاقوال والأفعال.

فليس من المتوقع من المستفيدين من الريع والمستحوذين على نسبة كبيرة منه، بصورة «شرعية» من خلال الامتيازات المفرطة التي تمنحها الدولة لكبار المسؤولين والموظفين، أو غير الشرعية من خلال الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتوظيف السلطة، لتحقيق مكاسب خاصة أو فئوية واستخدام العنف أو التلويح به، للابتزاز وللاستحواذ على المال والممتلكات العامة أو الخاصة ولفرض الإتاوات.

فالقوى والشخصيات السياسية التي تعبر بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن مصالح الشرائح الاجتماعية، المستحوذة على الحصة الأكبر من الريع، لا مصلحة لها في اعتماد سياسات تنموية واتخاذ خطوات عمليّة وجديّة للخروج من الاقتصاد الريعي. وهذا يفسّر تعمق الطابع الريعي للاقتصاد العراقي على مدى السنوات، بل والعقود الماضية.

ومع انخفاض أسعار النفط وتقلص إمكانيات تسويق كميات متزايدة في ظل الأوضاع الراهنة للأسواق العالمية، أخذت الفئات الاجتماعية التي راكمت الأموال والثروات من خلال استحواذها على الريع، تسعى الى الانقضاض على الممتلكات من خلال الخصخصة وشراء عقارات الدولة، وحصر نطاق عمل الدولة، وإطلاق حرية عمل آليات السوق الحرة في غياب دور تنظيمي مؤثر للدولة، وتمتعهم بموقع مهيمن في الاقتصاد الوطني.

عرض مقالات: