انطلقت حركة الاحتجاج منذ بدايتها تعبيرا عن الرفض لواقع شعبنا وبلدنا المأساوي. وبدءا بمظاهرات شباط ٢٠١١ وصولا الى انتفاضة تشرين ٢٠١٩، رفعت شعارات ومطالب عادلة تجاوبت معها غالبية العراقيين، لأنها جسدت تطلعهم الى حياة أخرى مختلفة، عبْر تغيير شامل لمنظومة الحكم المسؤولة أساسا عما آلت اليه الأوضاع، ولنهج إدارة الدولة.

ولا تزال عوامل اندلاع الحركة قائمة، بل وتفاقمت في بعض جوانبها جراء الانسداد السياسي، واحتكار السلطة والقرار فيها، وبسبب الازمة المالية والاقتصادية والمعيشية والصحية، وتفشي جائحة كورونا، والعجز الحكومي عن تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين وتخصيصات الرعاية الاجتماعية، بجانب الفشل في إطلاق تنمية حقيقية واستنهاض اقتصاد البلد وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية، وحماية حياة المواطنين وامنهم وحصر السلاح بيد الدولة، والتصدي للفساد والفاسدين، وتهيئة شروط وعوامل إجراء انتخابات عادلة.

ان هذه العوامل وغيرها هي ما دفع ويدفع ملايين العراقيين وجلهم من الشابات والشبان، الى الخروج في حراك متعدد الاشكال وفعاليات تتوجه بصورة متزايدة نحو أُسّ المشاكل: منظومة المحاصصة والفساد، والطائفية السياسية. لذلك تصدت له القوى المرتعبة خوفا على سلطتها ونفوذها، وأغرقته بالدم، ملصقة به شتى التهم الباطلة، فيما تمسكت الغالبية العظمى من المنتفضين بالسلمية.

وحصل ما حصل في ساحة التحرير فجر السبت ٣١-١٠ -٢٠٢٠ ضمن سعي تلك القوى للخلاص من كابوس الانتفاضة، التي أقضّت مضاجعهم وما زالت، وعرّتهم وكشفت زيف ادعائهم الحرص على تلبية مطالب المنتفضين والقصاص من قتلة المنتفضين، وتدشين السير على طريق التغيير الحقيقي.

يتوهم من يظن ان إرادة الشعب يمكن كسرها بالاستنفار والانقضاض العسكريين والامنيين على خيم المعتصمين السلميين. ويقينا ان ما حصل سيكون له مردود عكسي، يضاعف من شحنة التحدي والإصرار على المواصلة، للخلاص من الأقلية السياسة الحاكمة.

اننا إذ نرفض اللجوء الى القوة في التعامل مع المنتفضين والمحتجين، وندين أيّ انتهاك لحقوق المواطنين واعتقالهم عشوائيا، نطالب بإيقاف أيّة ملاحقات للمنتفضين السلميين، واحترام حق التعبير والتظاهر والاحتجاج السلمي الذي كفله الدستور.

ولا أرسخ من اليقين بان اللجوء الى القوة ليس حلا ولن يكون، مهما بُذل من جهد لتسويقه، وان لا بديل عن الإسراع في تلبية المطالَب الشعبية العادلة والمعروفة.

وتبقى مآثر انتفاضة تشرين وبطولات المشاركين فيها وما افرزت من حقائق ومعطيات، معينا وزادا لحراك يتجدد ويتجدد حتى تحقيق التغيير الحقيقي.

المجد للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمختطفين والمغيبين

والنصر لإرادة شعبنا

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

2020 - 11 – 1