طريق الشعب
"
خيار المواجهة مرّ، ولا سبيل سوى انتهاج سياسة شد الحزام على البطن"، هذا ما يقوله المختصون في إشارة إلى أن المواطنين في العراق سيتدهور وضعهم المعيشي أكثر مما هو عليه الآن، لأن الحكومة وضعت نصب عينها تخفيض رواتب الموظفين ورفع الضرائب والرسوم على خلفية انهيار أسعار النفط وحصول عجز كبير في الموازنة.
وفي هذا الشأن، قال د. صبحي الجميلي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، أنه من غير المقبول المساس بقوت الكادحين وذوي الدخول المحدودة، وتحميلهم اعباء الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأضاف الجميلي في تصريح لـ"طريق الشعب" أن الازمة الاقتصادية تلقي بثقلها على الواقع العراقي، وهي نتاج السياسية الخاطئة التي سارت عليها الحكومات المتعاقبة، مشيراً إلى أن الازمة الاقتصادية التي تسبب بها انخفاض اسعار النفط بحاجة الى مقاربات وإجراءات جدية لتغطية الحاجات الضرورية وتأمين الرواتب وتقديم الخدمات.
وأوضح أن هناك إجراءات عدة تستطيع الحكومة ان تقدم عليها في مجالات متنوعة، لغرض ضغط النفقات وتوفير الأموال، منها استيفاء الديون التي بذمة شركات الهاتف النقال وضبط إيرادات المنافذ الحدودية، وإلغاء الامتيازات غير الضرورية التي تستمر، بما فيها تقليص رواتب الدرجات الخاصة إلى النصف.
وأكد صبحي الجميلي أن تحميل ذوي الدخل المحدود والكادحين تبعات الازمة، سيزيد من تعقيد الاوضاع ويرفع مستوى السخط المجتمعي.
وبحسب المختصين، فإن الاقتصاد العراقي في "حالة دوار" الآن، بسبب الضربة القاسية التي تلقاها جراء إنهيار أسعار النفط، وكون سبل إصلاحه مجرد "شعارات براقة" رددتها الحكومات المتعاقبة.
وفي كل مرة مع انخفاض أسعار النفط تلجأ الحكومة الى اتخاذ سياسة مالية تقشفية، يقع ضحيتها المواطنون، وتتمثل برفع الضرائب والرسوم لتمويل العجز او للحد منه أي تلجأ الى تقليص الانفاق والتفكير بشكل جدي في خفض رواتب الموظفين والمتقاعدين الذي بالكاد يسد رمق العائلة العراقية مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
فالمواطن العراقي أصبح رهينة لسياسات حكومية غير مدروسة طوال هذه السنين، على الرغم من الثروات التي يزخر بها البلد والتي تتمناها الكثير من بلدان العالم.
وأثار الانخفاض الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية الآونة الاخيرة مخاوف في العراق، بشأن عدم قدرة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين.
وكشف نائب رئيس الوزراء وزير النفط ثامر الغضبان عن توجه لدى الحكومة بتقليص نسبة معينة من مخصصات الموظفين، مؤكدا ان الراتب الاسمي لا يمكن المساس به.
وقال الغضبان في حديث متلفز، إن "الرواتب زادت كثيرا عن العام الماضي نتيجة التعاقد والتعيينات، فضلا عن إعادة منتسبين في الأجهزة الأمنية، فهناك تعاقد جد كبير يصل إلى 56 تريليون دينار عراقي من رواتب وتقاعد. هذا يعني نحن بحاجة إلى 45 مليار دولار تقريبا".
وأكد الغضبان، أن "مرتبات الموظفين ستدفع هذا الشهر واتخذ قرار بها، وهناك وجهة نظر بالتقليص، فهناك دخل الموظفين العراقي يتكون من جزئين وهو الراتب الاسمي، وهناك المخصصات وهي التي تشكل الجزء الأعظم من المورد الشهري للموظفين وهي متفاوتة من وزارة إلى أخرى ومن فئة إلى أُخرى"، منوها الى أن "الراتب الاسمي لن يتم المساس به".
وأوضح الغضبان أن "الذي يجري أن التقليص سيتناول المخصصات بنسبة معينة منها، فسوف تؤجل على شكل توفير للمستقبل، وتمت المناقشة مع النواب المعنيين"، لافتا إلى أن "مجلس الوزراء سيجري حزمة إصلاحات ويرسلها إلى مجلس النواب ومجلس النواب هو من يناقش ويقرر، ولا يوجد هناك قرار فردي".

تقليص الرواتب اخطر الحلول

من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي ان تقليص الرواتب هو أخطر الحلول لأنه يؤدي الى الكساد والفقر.
ويقول علي لوكالة السومرية نيوز ان "اجراءات تقليص الرواتب او ادخارها اجباريا تعد من اخطر الحلول لمعالجة نقص واردات النفط كون رواتب الموظفين تعتبر المحرك الاقتصادي للبلاد في الوقت الحاضر والمحرك لكل المهن الحرة والقطاع الخاص كونها تمثل وجوه الصرف المباشرة للدولة".
ويستغرب علي طرح هذا الحل في غياب مناقشة مسالة تعدد الرواتب لشرائح واسعة خصوصا من الذين يسكنون خارج البلاد ويستنزفون ايراداته تحت عناوين الخدمة الجهادية ورفحاء والعديد من الامتيازات التي تستنزف من الموجود المحلي من العملات الاجنبية عبر تحويلات شهرية بمئات ملايين الدولارات".
ويؤكد علي ان "تخفيض الرواتب تحت اي عنوان يعد ثلما لدورة الاموال في السوق المحلية".
خبير مالي: تقليص الرواتب حلول ترقيعيه
ويقول الخبير المالي محسن علي لوكالة السومرية نيوز ان "الحكومة تعاني من ترهل وظيفي نتيجة السياسة الخاطئة لإدارة المؤسسات الدولة حيث انها لجأت إلى حلول ترقيعيه للحد من التظاهرات بتعيين الكثير من المواطنين في دوائر حكومية تعاني أصلا من البطالة المقنعة وبالتالي فان من واجب الحكومة ان توفر رواتب لهؤلاء الموظفين الجدد".
ويضيف علي ان الحكومات السابقة لم توفر فرصا او دعما حقيقيا للقطاع الخاص العراقي بل على العكس من ذلك سمحت للمستورد بمنافسة المحلي وبالتالي فان معظم المشاريع والصناعات المحلية أغلقت بسبب ذلك ما جعل المواطن يتجه للوظائف الحكومية".
ويشير علي إلى ان "الحكومات ما زالت تنتهج حلولا ترقيعيه لمعالجة أزمات مستمرة في الاقتصاد العراقي ومنها تقليص رواتب الموظفين"، مستدركا أنه كان "الاجدر بها إيجاد نظام اقتصادي قادر على تخطي أي ازمة مالية على غرار الدول المنتجة للنفط التي غادرت الاقتصاد الريعي من خلال الاستفادة من الواردات النفطية في تنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى".