في الوقت الذي يتركز فيه الهم الوطني العراقي على إنقاذ البلد وحمايته من مرض الكورونا ومواجهة الازمة الاقتصادية الآخذة في الاشتداد جراء هبوط أسعار النفط عالميا، وعلى الاستجابة لارادة الشعب والمنتفضين في الخروج من حالة الاستعصاء السياسي وتشكيل الحكومة المؤقتة، شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا عسكريا خطيرا زاد من حجم وحدة التوترات في البلاد.
فمرة أخرى قامت مجاميع مسلحة خارج الدولة بقصف قوات التحالف في معسكر التاجي ما ادى الى سقوط قتلى وجرحى، وجاء رد الفعل العنيف من قبل القوات الأمريكية بقصفها مواقع لمنتسبي الجيش والشرطة والحشد الشعبي، وسقوط شهداء وجرحى. وشكل ذلك انتهاكا للسيادة العراقية من قبل قوات التحالف، وتجاوزا على الدولة من قبل الجماعات المسلحة. واستمر التصعيد يوم امس باطلاق مزيد من الصواريخ على معسكر التاجي وسقوط ضحايا من منتسبي قواتنا المسلحة.
إننا ندين بشدة هذه الانتهاكات للسيادة الوطنية، التي تتكرر في ظل غياب أي إجراءات وخطوات جدية لتأمين المتطلبات السياسية والأمنية والعسكرية لدرئها، فيما تواصل بعض المجاميع المسلحة باتخاذ مواقف خارج اطار الدولة وسياستها، من شأنها زيادة التوتر واضفاء المزيد من الارباك على الأوضاع والاسهام في اضعاف الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية.
لا شك ان حماية سيادة البلد واستقلاله تتصدر الأولويات السياسية، لكن السؤال هو عن سبل وآليات الوصول الى ذلك ؟ ومن يقوم بذلك، وفق رؤية متكاملة تأخذ بنظر الاعتبار حاجات البلد وقدراته، وامكانية المضي قدما لإلحاق الهزيمة التامة بالإرهاب ومنظماته.
ان إخلاء البلاد من القوات الأجنبية مطلب وطني ينبغي العمل حثيثا من أجل تحقيقه، وحتى نتمكن من ذلك يتوجب ان يكون ضمن خارطة طريق ومقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية، وموقف وطني عام، وبما يمكن من تعزيز قدرات البلد وإمكاناته على حفظ الامن وتحقيق الاستقرار. ومن أهم هذه المتطلبات حصر السلاح بيد الدولة وتعزير قدرات البلاد العسكرية والأمنية وتحقيق أجماع وطني حول هذا المطلب.
ان أوضاع بلدنا لا تتحمل المزيد من التعقيدات، وعلى جميع الأطراف مراعاة ذلك، وعدم دفع الأمور الى صراع عسكري مفتوح، لا ناقة لشعبنا فيه ولا جمل، وان يكون هناك حرص على تجنيب البلد الانحدار الى مزالق خطرة ومؤذية. وان تحترم سيادة بلدنا وسلامة المواطنين الذين همهم الان الخروج من الازمة الراهنة بجوانبها السياسية والاقتصادية والصحية.