طبتم اوقاتا .. واهلا بكم في المهرجان السنوي للفنون التشكيلية العراقية، الذي نقيمه هذه السنة للمرة التاسعة، ونحتفي فيه كما في كل مرة بنتاجات العشرات والعشرات من مبدعينا التشكيليين، صنّاع الجمال وواهبوه.

هذا المهرجان الذي ينطلق عادة في عز الربيع، مع حلول ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، وهي الذكرى الرابعة والثمانون هذا العام، والتي نحولها في كل عام الى مناسبة للاحتفال بالابداع العراقي في ميادين الفن والادب والفكر، وبالوجوه اللامعة للثقافة العراقية.

للسنة التاسعة على التوالي نفعل ذلك .. نحتشد وسط حديقة التشكيل العراقي المزهرة، وما يجود به رسامونا ونحاتونا وخزافونا وبقية التشكيليين، من ثمار جميلة فواحة سنة بعد سنة. نحتشد على هذه القاعة في السنوات الاخيرة، وقبلها بين جدران قاعة اكد، طيبة الذكر، في شارع ابو نواس.

وكنا دائما كمن يجد نفسه في رقعة يانعة الخضرة دافقة العيون، وسط عالم موحش، يخيم عليه اليَباس ويخنقه شح الهواء. في عالم تفتقد اجواؤه البهجة، ويشوبه القلق والتوتر الناجمان عن طغيان الارهاب وتمدده حينا، وعن شيوع الفساد وانتشار الفقر والجريمة والتضييق على الحريات حينا آخر،  وعن الاهمال الحكومي للفن والثقافة عامة، والبخل المفرط في الانفاق عليهما، وغياب السياسة والبرامج الضرورية لدعمهما والنهوض بهما.

وهكذا حالنا تقريبا هذه المرة كذلك، رغم الانتصار المشهود الذي حققه مقاتلونا الابطال على الارهاب ورأس حربته الداعشي.

ونقول: تقريبا، لاننا اليوم امام فرصة لا تتكرر كل عام، فرصة الاسهام المباشر في تغيير هذا الحال واصلاحه، فرصة اطلاق اولى الخطوات نحو وقف التدهور الشامل في بلادنا، وبضمنه ما يتعلق بالتعامل مع الفن والفنانين، والثقافة والمثقفين، وبالانفاق عليها وعليهم .. وتدشين التحرك اخيرا على طريق التنمية والاعمار وتأمين الحياة الحرة الكريمة لبنات العراق وابنائه.

انها فرصة الانتخابات التي ستحل في غضون ستة اسابيع، والتي سيتاح لنا فيها، بل ويتوجب علينا ان نقول كلمتنا الحاسمة، في من نختار لتمثيلنا في مجلس النواب المقبل والحكومة القادمة. في من ننتخب ليمثلنا في السلطتين التشريعية والتنفيذية، اللتين نريدهما مجسدتين لارادة شعبنا. ونريدهما متجاوبتين مع مطالبهما المشروعة في الخروج بالمجتمع والبلاد من عنق زجاجة المحاصصة الطائفية والاثنية، التي اوصلتهما الى الحال الراهن الكارثي، واقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، الدولة المدنية الديمقراطية.

ايها الاعزاء

لا يليق بنا ان نفرط بهذه الفرصة، ونترك الفاسدين المتنفذين يستحوذون على صناديق الاقتراع، ويحوّلونها الى مطيّة لاطالة عمر حكمهم، وبقائهم متحكمين برقاب العراقيين والعراق، يواصلون قيادتهم والوطن الى الخراب والانهيار.

ان واجبنا الوطني والانساني والاخلاقي وحتى الثقافي، يفرض علينا المشاركة الحاشدة في عملية الانتخاب، مثلما يفرض علينا اختيار المرشحين الجديرين بالثقة، المخلصين للعراق وشعبه، الاكفاء، النزيهين، الخبيرين والمجَرّبين. وهؤلاء معروفون للكل، وبضمنهم المرشحون الشيوعيون واخوتهم مرشحو تحالف "سائرون" الآخرون. 

وليس فينا ايضا من يجهل، ان التصويت لهؤلاء هو تصويت للفن والثقافة، ولدعمهما والانفاق عليهما بسخاء، باعتبار ان ذلك هو السبيل لبناء الانسان والمواطن الصالح العراقي وتطويره، ولاعمار الوطن العراقي العزيز وإنهاضه. وهؤلاء المرشحون، كما قد لا تعلمون، هم من ينص البرنامج الانتخابي لتحالفهم "سائرون"، على تخصيص نسبة ثابتة من ميزانية الدولة السنوية، للثقافة والتطوير الثقافي، بل ويطالب بان تكون هذه النسبة واحدا بالمائة من مجموع حجم الميزانية.

ايها الاصدقاء

نعرف جميعا ان ثقافتنا العراقية وابداعنا في ميادين الفن والثقافة، يشقان طريقهما بنجاح، داخليا وعربيا ودوليا، رغم كل المصاعب التي تواجههما، وكل التقصيرات في حقهما من جانب الدولة ومؤسساتها. وهذا ما يضاعف اعتزازنا بهما، وبمن يصنعون انجازهما المبهر من مبدعينا الرائعين. لكن من حقنا ان نتصور ما يمكن ان يجترحه هؤلاء، وبضمنهم فنانونا الشباب الصاعدون، لو انهم حظوا بما يحتاجونه ويستحقونه من دعم الدولة ورعايتها.

سنبقى في كل الاحوال نعمل ونسعى من اجل ذلك.

وسيبقى مهرجاننا السنوي هذا منبرا عاليا مفعما بالطموح، من منابر الفن التشكيلي العراقي، وميدانا يتسع لاعداد متزايدة من منتجي الفنون الجميلة الراقية، التي يحق للعراق ان يفخر بكونه حاضنة اصيلة لها ولانجازها غير المحدود.