عبد الله لطيف

اعتمدت الحكومات السابقة والحالية أيضا، على موازنة تعرف باسم "موازنة البنود" الصيغة التي غادرتها العديد من البلدان منذ عقود، وأعلنت، اخيرا، الحكومة عن توجهها الى اعداد موازنة المشاريع، هذا التوجه الحكومي الجديد لاقى ترحيبا كبيرا من قبل نواب ومختصين، فقد اعتبره الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والنائب عن تحالف سائرون، خطوة ضرورية وترتبط ارتباطا وثيقا بالإصلاح الإداري والسياسي، الا انه اكد ان ثمة تحديات كبيرة، أهمها ندرة الكوادر المدربة التي ستتولى مراجعة الهياكل الادارية والنظام المحاسبي وتقنيات توفير المعلومات وغيرها من المستلزمات.

جانبان من موازنة المشاريع

وقال الرفيق فهمي، لـ"طريق الشعب"، ان هناك "جانبين من موازنة المشاريع، الأول ان انها تهتم بالأنشطة والميادين التي يتم توظيف الاموال فيها، اي انها تهتم بالنشاط وليس بالوسائل، بينما في موازنة البنود، الاهتمام الأكبر ينصب على الوسائل. بمعنى آخر ان موازنة البنود تذهب في اتجاه الصرف على التعيينات وشراء معدات واحتياجات المؤسسات وتكون نسبة الاستهلاك فيها أكبر، وفيها الانجاز يقاس على حجم الاموال المصروفة، في حين ان موازنة المشاريع يتم فيها تحديد الاهداف والبرامج والمقاييس والمعايير وهي كمية ونوعية، وهنا نسبة الالتزام ستكون على ما تحقق من البرامج المعدة مسبقاً".

وأضاف، ان "الجانب الاخر في موازنة المشاريع هو ان يتم التنسيق بين عملية التخطيط مع عملية اعداد الموازنة التي تأخذ في الحسبان التخصيصات والاجراءات المالية، وتحقق ربط ما بين المشاريع المختلفة التي تنجزها الحكومة ومؤسساتها وما بين الاهداف العامة للدولة التي تتعلق بخلق فرص عمل او معالجة الميزان التجاري او حفظ سعر الصرف، وهذه التفاصيل كانت غير موجودة في موازنة البنود".

نتائج موازنة المشاريع

وبين فهمي، وهو عضو لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي في مجلس النواب، ان "من بين النتائج المتوقعة من موازنة المشاريع، ترشيد الانفاق وضمان معرفة ماذا سيتحقق من انفاق المبالغ التي تخصص في الموازنة، على عكس السنوات الماضية التي انفق العراق فيها 350 تريليون دينار على مشاريع لم نعرف ماذا قدمت للاقتصاد الوطني؟ وما منتجاتها ؟.

صعوبات وتحديات

وشدد فهمي على ان "موازنة المشاريع تواجه صعوبات وتحتاج الى كوادر مدربة في المؤسسات التي يعاني العراق من قلتها وبحاجة الى مراجعة الهياكل الادارية والنظام المحاسبي وتقنيات توفير المعلومات، وان هذه الموازنة تعتمد بشكل اساس على دقة المعلومات ووفرتها"، مستطردا "على المستوى الملموس يجب ان يكون سير العمل من خلال خطوات تحديد الهدف الذي يحوّل في ما بعد الى برامج ثم الى انشطة تنفذ في النهاية من خلال وحدات حكومية وتحكم الوحدات بمؤشرات كمية ونوعية".

وأوضح ان "هذه العملية تفترض تحديدا للفعاليات الاقتصادية والقدرة على تحويلها الى انشطة واسقاطها على الوحدات الإدارية، وما سيحدث في هذه السنة على الاغلب سوف تشمل الموازنة بعض المفاصل في بعض الوزارات".

خطوة ضرورة

واعتبر الرفيق فهمي، ان اعتماد موازنة المشاريع، "خطوة ضرورية ومطلوبة وتحظى بدعم من مجلس النواب وهي احدى العناصر المهمة في الاصلاح الاقتصادي، لكنها ترتبط ايضاً بالإصلاح الاداري والسياسي وتتطلب وضوح الرؤى لدى الجميع".

بدوره، قال عضو لجنة المالية البرلمانية، ثامر ذبيان، لـ "طريق الشعب"، ان لجنته "تدعم موازنة المشاريع وتسعى الى ضبط مواردها من المنافذ الحدودية والرسوم والكمارك بالإضافة الى النفط".

اكثر شفافية

من جهته، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، د.مظهر محمد صالح، لـ"طريق الشعب"، ان "موازنة البنود التقليدية تبنى على اساس تجميع مراكز الكلفة او الانفاق للسنوات الماضية ويتنبأ من خلالها لموازنة السنة القادمة وهذا يؤدي الى انحراف باتجاه الموازنة التشغيلية ويزيد التضخم في المصروفات التشغيلية، وفي موازنة 2019 سدت ايرادات النفط والايرادات الاخرى الموازنة التشغيلية فقط، ولم تصل الى مرحلة الاستثمار".

واردف صالح، ان "الضعف الموجود في القطاعات الحيوية المنتجة فرض خيارات محدودة للحكومة لتوفير اموال الموازنة، ما يعني ان امامها خيارين، اما ان تنتظر ارتفاع اسعار النفط والفائض منها سيؤمن الى الاستثمار، او ان القطاع النفطي يؤسس الى مشاريع استثمار ويطور حقوله ويزيد من انتاجه"، موضحاً ان "موازنة المشاريع اكثر شفافية وتقلل نسب الفساد وهي بالأساس تضع هدفاً امامها وتراقب نسب انجازه وتحقق في ذلك".

انعدام الانجاز

من طرفه، قال عضو فريق المستشارين في وزارة المالية محمد داوود الخرسان، لـ"طريق الشعب"، "سبق وان استخدم العراق موازنة المشاريع قبل حوالي اربعة عقود، عندما كانت موازنة العراق 20 في المائة استهلاكية و80 في المائة استثمارية"، مستدركا ان "كل تركيز الموازنات السابقة ينصب على ان تكون اجراءات الصرف سليمة، دون النظر الى اين وكيف ستصرف الاموال ولا يوجد ربط بين ما ينفق وما يتحقق من انجاز المشاريع؟، ومن خلال التجربة قد انفقت مبالغ طائلة على الكهرباء دون انجاز يذكر، الحجم الكبير للموازنات السابقة لم يقابله تحسن في الخدمات والمشاريع".

وشدد على ضرورة أن "لا تقتصر الموازنات الاستثمارية على تقديم الخدمات ومتابعتها، بل على الحكومات التركيز على مشاريع استثمارية ضخمة تقدم ايرادات مالية للبلد، وعدم الاعتماد الكلي على القطاع النفطي. وعلى الحكومة ان تبحث عن تنويع المصادر واستثمارها مثل الضرائب وتفعيل الرسوم".

عرض مقالات: