في مؤتمر صحفي عقده الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي السبت الفائت (٢١ تموز الجاري) في المركز الصحفي لمجلس النواب، أعلن تفاصيل الوثيقة التي أعدتها اللجنة المركزية للحزب تحت عنوان " معالجات لقضايا ملحة "، وأرسلتها الى الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الأعلى والوزارات المعنية والكتل البرلمانية والقوى والأحزاب السياسية، والى عدد كبير من المعنيين وذوي الاختصاص.
وتعكس الوثيقة جهدا بذله الحزب لتسليط الأضواء وتركيز الاهتمام على عدد من القضايا، التي يراها ذات أولوية وتمس حياة المواطنين بصورة مباشرة. فبالإضافة الى أهمية وضرورة تنفيذ البرنامج الحكومي المعلن ببنوده وتوجهاته الأساسية، تبرز الحاجة الى معالجات إسعافية فورية لقضايا ملحة جدا، من شأنها ان تحرك عددا من القطاعات الاقتصادية، وتخلق أجواء اجتماعية وسياسية إيجابية، وتستجيب الى مطالب العديد من الفئات والشرائح الاجتماعية، التي تفترش الأرض أقسام منها اليوم، تحت شمس تموز اللاهبة، في بغداد والمحافظات الاخرى، مطالبة بإنصافها، وتوفير فرص عمل لها وأجواء من التكافؤ بين العراقيين جميعا.
وجاء إعداد الوثيقة (سننشر نصها في عدد قادم من جريدتنا) عشية التوجه نحو تحديد ملامح الموازنة الاتحادية للعام ٢٠٢٠، وبموازاة التشديد على ضرورة القطع مع الصيغة السابقة لإعداد الموازنات، واعتماد صيغة الموازنة القائمة على البرامج والمشاريع الواضحة القابلة للتحقيق، بهدف تفعيل وتنشيط اقتصادنا الوطني وقطاعاته الإنتاجية خاصة، وتنويعه وتقويته، والتوظيف الأمثل للموارد المالية وتعظيمها، والتجاوب مع احتياجات الناس ومطالبهم الآنية الملحة بتوفير الخدمات الاساسية وفرص العمل، ومكافحة البطالة، وضمان العيش الكريم الآمن لكل مواطن.
وأولت اللجنة المركزية للحزب في وثيقتها "معالجات لقضايا ملحة" اهتماما كبيرا وحيزا واسعا للتخطيط السليم للمشاريع والبرامج والخطط، وللمتابعة الدقيقة والتصدي الفعال والحازم للبيروقراطية والفساد والفاسدين، ولتخطي الروتين وتوفير الأجواء الآمنة والمستقرة لانطلاق عملية بناء حقيقة، بما تتضمن من مشاريع المستثمرين العراقيين والأجانب. الامر الذي يتطلب، من بين أمور أخرى، العمل الجاد على توفير الحماية اللازمة وحصر السلاح بيد الدولة وتأمين سيادة القانون.
وقد انطلقت الوثيقة من القناعة بوجود ضرورة ملحة، للإقدام على خطوات جريئة نحو جعل اقتصادنا الوطني ديناميكيا ومتوازنا، وتخليصه في نهاية المطاف من طابعه الريعي واعتماده الكلي على موارد تصدير النفط الخام.
وركزت الوثيقة على طرح مقترحات ملموسة لحل مشاكل السكن، وإطلاق عملية بناء إضافي لمشاريع وخطط الدولة في هذا المجال، بما يسهم في تحريك السوق واستيعاب أعداد من العاطلين، وفي حل طائفة من المشاكل الاجتماعية القائمة.
وقد بات مهما وضاغطا التركيز عَلى استكمال المشاريع المتلكئة، خاصة التي هي في تماس مباشر مع واقع المواطنين وحياتهم اليومية، مثل الكهرباء والماء والتعليم وبناء المستشفيات والمراكز الصحية الأولية وإنجاز بناء كل المدارس والمرافق الصحية التي بُدئ بإنشائها ولَم تستكمل.
وفِي هذا السياق تأتي أهمية حماية المنتج الوطني، والحد من عشوائية الاستيراد ، وإصلاح وتحريك وتشغيل المصانع والمعامل المعطلة والمتوقفة عن الإنتاج.
وتتبنى الوثيقة التي اقرتها اللجنة المركزية للحزب يوم 2 تموز 2019، مطلب منح راتب ضمان اجتماعي يمثل الحد الأدنى، لكل مواطن عراقي من غير العاملين والموظفين في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، بلغ سن التقاعد الرسمي. كما تتبنى مطلب صرف راتب شهري لكل طفل عراقي ، حتى بلوغه السادسة عشرة من العمر، وعلى ان لا يتجاوز العدد ثلاثة اطفال في كل عائلة ذات دخل محدود.
من جانب آخر، وفي ما يخص توفير الأموال اللازمة لتنفيذ المطالب أعلاه، شددت الوثيقة على مكافحة الفساد واسترداد أموال الدولة المنهوبة والمسروقة، وتفعيل سياسة ضريبية متصاعدة وتحسين جباية الضرائب عموما، والتوظيف السليم للموارد الإضافية المتأتية من الفرق بين السعر الحالي للنفط المصدر، والسعر المعتمد في موازنة ٢٠١٩.
وما من شك في ان تنفيذ هذه وغيرها من الرؤى والتصورات والمقترحات، الهادفة الى تحقيق انعطافة في أحوال المواطنين، وفي تلمسهم جدية الحكومة والدولة في معالجة ما تراكم من أزمات ومشاكل تسمم حياتهم، انما يتطلب إرادة سياسية حازمة، وقناعة بضرورتها، ودعما واسنادا من جانب مؤسسات الدولة والأحزاب والكتل السياسية.
واننا لنتطلع، سوية مع المواطنين، الى إجراءات ملموسة ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، وتستجيب لتطلعاتهم الى تغيير جدي، يخفف عنهم وزر الأعباء متعددة الاشكال، التي ينوؤون اليوم تحت وطأتها.