حاور الزميل عماد الخفاجي الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي والنائب عن تحالف سائرون في مسعىى للإجابة عن سؤال: اَي تغيير.. وأي اصلاح، و كانت احدى محطات مهرجان طريق الشعب السادس المتميزة بحضورها الجماهيري الحاشد والمتنوع . قدم الاعلامي الخفاجي للجلسة الحوارية مؤكدا ان تكون مفتوحة وتجيب على تساؤلات المواطنين وفيها صراحة كافية.
استهل النائب فهمي حديثه بالقول: نتحدث عن التطورات الجارية في بلدنا، وعن مسار العملية السياسية فيه التي نفهمها بانها عملية انتقال نحو العراق الديمقراطي الاتحادي كما مثبت في الدستور. وكونها عملية انتقال من واقع الدكتاتورية الى وضع جديد. تشهد العملية السياسية صراعات بينها وبين اعدائها المعروفين وخاصة من بقايا النظام المقبور. وهؤلاء يجدون في التغيير الذي حصل بعد ٢٠٠٣ تهديدا لمصالحهم. وايضا هناك صراع في داخل العملية ذاتها حيث هناك اتجاهات بشان مسارها وحتى في رؤى تشكيل الدولة.
ان العملية السياسية فيها طيف واسع من القوى والشخصيات، ومن الفئات والشرائح الاجتماعية التي ليس بالضرورة مصالحها متطابقة ومتماثلة في كل المراحل. وهذا ليس عيبا في العملية السياسية ونعده أمراً طبيعيا في تركيبة العملية.

أزمة سياسية مؤسساتية

سبق وان أشرنا الى ان العملية السياسية أقيمت على منهج المحاصصة، وقد جاء به المحتل بعد ٢٠٠٣ ولاقى قبولا من عدد من الأطراف العراقية وخاصة المتنفذة. هذا المنهج اثبت انه مصدر للمشاكل والأزمات، كما شخصنا سلبيات العملية ونواقصها وطالبنا بمعالجتها ولَم يحصل ذلك للاسف.
العراق، اليوم، يعيش أزمة متعددة الجوانب، أزمة سياسية بنيوية، وازمة في الواقع الاقتصادي والاجتماعي. فالاقتصاد العراقي شديد الريعية، وفيه عطلت الأنشطة الاقتصادية المنتجة للثروات والتي تخلق فرص عمل فلا القطاع الزراعي ناشط، ولا الصناعي، ولا حتى الخدمات الانتاجية. كل هذا ادى الى ازدياد البطالة،سيما بين الشباب، اشتداد النزعة الاستهلاكية، فالعراق يستورد بين ٨٥٩٠ في المائة من احتياجاته وبقيمة استيرادية تزيد عن مليار دولار سنويا. وهذا يجد انعكاسه في سلوك الناس، وفِي الأنماط الاجتماعية. هذا ينعكس ايضا في كيفية استخدام الموارد النفطية. النفط ثروة طبيعية نابضة. وعندما نستثمر النفط ونصدره ونحوله الى مورد مالي فينبغي ان نحول هذه الموارد المالية الى الشكل الذي يساعد في الحفاظ على هذه الثروة. وهذا يتقاطع مع تبديدها في نشاطات اقتصادية غير منتجة. وهذه الفكرة كانت في اساس عمل مجلس الإعمار الذي كانت تذهب اليه موارد النفط وتستخدم لتشييد البنى التحتية، سدود وطرق، وقسم من هذه المشاريع ما زالت الفائدة منها قائمة. هذا كان فيه منطق اقتصادي. اَي تحويل الأصل من تحت الأرض الى أصول فوق الأرض، في مشاريع انتاجية.
في موازنة ٢٠١٩ ايرادات النفط تبلغ ٩٣ ترليون دينار عراقي، فيما الموازنة التشغيلية ٩٧ ترليون دينار. بمعنى ان الموارد النفطية لا تغطي الاستهلاك ؛ وعندما نذهب الى الاستثمار نجد انه مغطى من قبل القروض المختلفة. وهذا بخلاف كل منطق اقتصادي.
ويتوجب ان نشير الى العمر الزمني للنفط فهو ليس فقط احتياطي ينضب لكن العمر الاقتصادي واستخدامات الطاقة البديلة تزداد، وبالتالي يؤثر هذا على القيمة الاقتصادية للنفط. هناك أفق زمني محدود.
نخلص الى وجود أزمة سياسية مستفحلة مؤسساتية، واقع اقتصادي صعب، معاناة شديدة واحتجاجات شعبية لذا اصبح التغيير ضرورة وليس مجرد مطلب او خيار من خيارات عدة ".


الاصلاح مدخل للتغيير

الخفاجي: الموازنة الجديدة كان يمكن ان تكون مدخلاً للتغيير، المسؤولية على من تقع، على الحكومة، البرلمان، كتلة سائرون
وفِي معرض الإجابة قال الرفيق فهمي: عملية التغيير تروم تغيير المنهج، نمط التفكير، تغيير في بنية المؤسسات. وفِي النهاية تغيير في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. التغيير تفترض له ممهدات. الاصلاح هو مدخل للتغيير،يفتح الباب الى عملية كبيرة تفضي الى تغييرات بنيوية. فالإصلاح اولا هو اصلاح سياسي نقصد به الخلاص من نهج المحاصصة وهو الذي أدى الى انتشار الفساد والتشظي المجتمعي ومشاكل عدة. الخلاص من المحاصصة مطلب كبير وهي عملية تطبق تدريجيا ولكن ليس بخطوات منعزلة، بل بحزمة متكاملة وتبدأ بخطوات ملموسة وممكنة التحقيق. ولتحقيق الاصلاح لابد ان تكون هناك قوة حاملة للمشروع. والقوة السياسية التي تعبر عن مصالح اجتماعية وتحمل المشروع هي هذه التحالفات.
نحن ندعو الى دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية، الى دولة مواطنة. ونلتقي في هذا مع تخالف سائرون الذي يتبنى الدعوة الى دولة المواطنة وجوانب من العدالة الاجتماعية، ونتبنى معا الدعوة الى الخلاص من نهج المحاصصة. حصيلة الانتخابات وتشكيل سائرون وجهد التحالف وأطرافه يسعون الى كسر المحاصصة بقدر ما يمكن.


منطقان تحكما في تشكيل الحكومة

الخفاجي: هل تم تجاوز منهج المحاصصة في تشكيل الحكومة الحالية؟
أشار سكرتير اللجنة المركزية الى "انه قد تخلصنا جزئيا من هذا النهج. هناك مؤشرات الى عدد من الجوانب التي كسرت فيها المحاصصة، ولكن يصعب تقديم نسب بشأن ذلك. الكثير من مظاهرها موجودة. ان الحكومة خضعت الى منطقين: منطق يريد كسر المحاصصة وتتبناه سائرون أساسا وقوى اخرى، وآخر تمسك بالمحاصصة بشدة. وما جرى افرز وجود مرشحين، للاسف، تدور حول عدد منهم مؤشرات سلبية جدية.
ان رئيس الوزراء يسعى الى إدارة الموضوع وبناء حكومة قادرة ومتمكنة، ولكن تحت ضغط منطلقات عدة. كم سيكون النجاح حليف هذا المسعى؟ سيتم الحكم على ذلك. عدد من الوزراء الحاليين هم موضع رضا، وهناك اعتراضات على عدد منهم. في الوزارات المتبقية نأمل تصويب الخلل الذي جرى الحديث عنه في المرحلة الاولى لتشكيل الحكومة.
بالنسبة الى الموازنة فوجئنا بان الحكومة الحالية تقدم الموازنة التي أعدتها حكومة السيد العبادي والمبرر هو عامل الزمن وضغط الوقت وقيل حتى لا يحصل فراغ، ولكن هناك موقف عام بأن الحكومة الجديدة سيتم الحكم على ادائها على مدى سنة وهي قدمت برنامجا حكوميا وفيه التزامات زمنية والكل يعرف بانه بحكم وضع البلد وبنيته الاقتصادية فان الموازنة هي المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني. وان خارج الموازنة حتى القطاع الخاص لا يتحرك. فالموازنة هي الأداة الرئيسة لتنفيذ المنهاج الاقتصادي والاجتماعي فإذا السيد رئيس الوزراء يتخلى عن الموازنة كاداة في تنفيذ البرنامج اتساءل كيف يستطيع تنفيذ التزامه؟


نهج الاصلاح غائب في موازنة٢٠١٩

الآن توجد لجنة مشكلة من الحكومة ومجلس النواب ستقوم بإجراء تعديلات اَي عملية " تصليح" لها. ان المنطق الأساسي وكون الحكومة يتوجب عليها القيام بإصلاحات فان هذا غائب في الموازنة. والعديد من مفرداتها يؤكد ذلك. السؤال هنا: أين الأولويات؟ وكيف يجري تخصيص الإيرادات ? حتى الآن الموازنة حاصل جمع ما تقوم به الوزارات. وهذا يختلف عما يفترض ان تقوم به الحكومة من إصلاحات وتسقط مشروعها الاصلاحي على الموازنة.
الخفاجي: مع وجود المستشارين كم يستغرق تعديل الموازنة؟
اوضح السيد رائد فهمي بان " الموازنة فيها بعد تقني ولكن فيها خيارات سياسية. عندما يتم الحديث عن الخدمات والتقاعد والضمان الصحي والتنمية فهذه خيارات سياسية وليست تقنية. وعندما تكون هناك خيارات سياسية يطلب من الفني ان يسقط ذلك وفقا لقواعد الموازنة. الفني لا يعمل ما يخص السياسي، فهو ينفذ المشروع السياسي للحكومة والقوى السياسية. اذا يعطى الامر للمستشارين فهم يعملون فنيا ولكن اين دور السياسي والخيارات؟ هذه الموازنة مثال حي على ذلك. فالموازنة الحالية مشتتة وصماء وليس فيها مقارنات مع العام الماضي،وليس لها وجهة واحدة، وليس لها أولويات. في خلال فترة زمنية لابد للحكومة من ان تقدم رسائل للبلد وللمواطن تقول فيها انها سائرة على طريق الاصلاح، وان تتخذ خطوات جريئة اصلاحية، مثلا قي محاربة الفساد وغيره من الأهداف. لابد ايضا للحكومة ومن خلال الموازنة ان تكون لها بصمة على عدد من المحاور.
تجدر الإشارة الى ان التخصيصات في الموازنة خلال السنتين الاخيرتين لم تصرف. عند استضافة السيد وزير الصحة في مجلس النواب ذكر ان احد المشافي في بغداد تخصيصاته صفر وهو يعتمد لتغطية النفقات على التمويل الصحي! وهذا يعني ضريبة تفرض على المواطن واثقاله بأعباء جديدة وإضافية ؛ هناك اهداف سياسية وأولويات يتوجب اسقاطها على الموازنة. الموازنات يفترض ان تكون متماسكة وفيها وجهة.


المهم ما يحمله الوزير من مشروع سياسي

الخفاجي: هل هناك مخاوف من اختيار تكنوقراط وهل توفر لهم التخصيصات الكافية؟
وعن هذا السؤال قال النائب عن سائرون: الوزير يمكن ان يكون له دور قيادي موجه وان التخصصات الفتية موجودة في الوزارات. ولا يوجد متخصص يلم بكافة التخصصات في الوزارات. الوزير له دور في كيفية توجيه موارد الوزارة (البشرية والمالية)، وفِي تحديد الأولويات. وكذلك التصدي للفساد وغيره من مظاهر الخلل. ان الخبرات الفنية هي مساعدة وليست حاكمة. فليس غريبا ان نرى اليوم في الدول المتقدمة وزيرا للمالية وغدا يكون وزيرا للدفاع او الطاقة، لان في هذه الدول نظام مؤسسي. وإذا كانت المؤسسات في العراق غير مكتملة فهذا يلقي مسؤولية اكبر على الوزير القيادي السياسي. فبخلاف ما يقال من ان السياسيين افشلوا الوزارات، نقول ان البعض او معظمهم لم يكونوا من حملة مشروع سياسي رغم انهم منتمين او محسوبين على احزاب سياسية وحتى بعضهم يتمتع بموقع قيادي فيها. مثل هؤلاء جاءوا لخدمة مصالح احزاب وقسم منهم حتى تطاول على المال العام. بمعنى افتقدنا وزيرا يحمل مشروعا واضحا في وزارته ويحاول ويسعى الى توجيه موارد وزارته ضمن ما يقع في أولويات معلنة للناس. التكنوقراط قد تكون له وجهة سياسية وهو قد يحاط بالبيروقراطية وجماعات الفساد وعندما يتم العمل على عرقلة عمل الوزير وإفشاله. العيب ليس في التكنوقراط هم ادوا ما عليهم ولكنهم لا يستطيعون تجاوز الصعوبات المؤسسية. وعلينا عدم ظلم التكنوقراط مرة بتحميله مسؤولية ليست من اختصاصه واُخرى عدم تقديم الدعم المطلوب له.
احد أولويات الاصلاح هو تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية وهذا يتحقق ليس عبر اعادة توزيع الدخل فقط، بل ان يحصل المواطن مثلا على تعليم جيد وعلاج صحي مناسب وخدمات جيدة. ولكن المواطن الان لا يحصل على كل هذا. من يملك المال يستطيع ان يحصل على تعليم جيد وايضا رعاية صحية جيدة،داخل وخارج العراق. اما الأغلبية من المواطنين فيعتمدون على التعليم الرسمي والذي فيه مشاكل جمة،وعلى النظام الصحي الحكومي وفيه صعوبات جدية.

الخفاجي: البطالة مرتفعة هل تستطيع الحكومة تقليل نسبها؟
عن هذا الموضوع قال الرفيق رائد فهمي: يفترض ان تكون للموازنة تأثيرات على المتغيرات الاقتصادية ؛ كم فرصة عمل جديدة ستوفر، اَي القطاعات سوف تستفيد، تداعياتها على الأسعار؟ على التصدير والاستيراد وغير ذلك. ويفترض بالحكومة عندما تقدم مشروع الموازنة ان تكون هناك اهداف واضحة كأن تقول هذه الموازنة سوف تخلق كذا فرصة عمل، وهذا القطاع سيحصل على دعم معين.


اهمية توفير الضمان الاجتماعي

الخفاجي: هل فرص العمل هي وظائف فقط؟
قال فهمي: بغياب المؤشرات الاخرى، تختزل فرص العمل الى وظائف حكومية. وقد تكون دائمة او مؤقتة. الجهاز الوظيفي الحكومي تضاعف ثلاث مرات. وهناك وظائف ليس لها حاجة. لماذا حصل هذا التوسع؟ في جانب منه لتلبية حاجات الناس وجزء من اعادة توزيع الثروة النفطية ولكن كان بالإمكان القيام بذلك من دون خلق اعباء على الدولة. ولهذا كنّا نقول هناك ناس تستحق ان تعوض وهناك شهداء فلماذا لا يتم توفير ضمان اجتماعي لهم. وهذا ما حصل حتى للعاملين في الشركات المملوكة للدولة وهم بالآلاف.
ان القوى التي شجعت على توسيع التوظيف الحكومي كانت تريد توسيع قاعدتها الحزبية وتكريم زبائنها لذا صار استحواذ على الوزارات. وهذا من نتائج المحاصصة. اليوم يقولون الدولة لا تستطيع عمل شيء، الدولة فيها فساد، ويتم جلب شركات خاصة، او الدعوة الى الخصخصة. حتى في ظل السنوات السابقة فان التنفيذ يتم من قبل القطاع الخاص ولا يوجد تنفيذ مباشر جراء القيود القانونية.هناك ٦٠٠٠ مشروع متلكئ، قسم منها وهمي وفيها استنزاف للموازنة الاستثمارية التي هي أصلا قليلة.
نقول وصلنا الى حالة من الاستعصاء ودرجة من الأزمة حادة. ايرادات النفط تذهب الى نفقات تشغيلية والحكومات المحاصصية السابقة كانت تفتقر موضوعيا وبنيويا الى إمكانية رسم رؤى وستراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية موحدة لوجود مصالح متعارضة داخل الحكومة حيث الصراع على الحصص، وليس الصراع على برنامج مشترك.

تخصيصات الموازنة خيارات سياسية

الخفاجي: هل موازنة ٢٠١٩ هي موازنة بناء أم حرب؟
الرفيق رائد فهمي اوضح: في الموازنة الجديدة فان موازنة الدفاع تفوق الـ ١٦ في المائة فيما نسب منخفضة مخصصة للتعليم والصحة والزراعة والصناعة. وهذا خيار سياسي. وهو يفترض تغيير مسار الموازنة الى موازنة إعمار وتنمية.


تحالف سائرون اضافة الى التجربة السياسية في العراق

الخفاجي: من انتم ؛ سائرون. الحزب الشيوعي. الاستقامة …؟
رائد فهمي توقف عند تحالف سائرون وعلاقة القوى والأطراف المكونة له وقال: نحن احزاب مختلفة اتفقنا على مشروع مشترك يحمل هوية وطنية اصلاحية.كل حزب او طرف من أطراف سائرون يحتفظ بخصوصيته وهويته ولكنهم يلتقون في المشتركات.
في البرلمان نحن نواب عن تحالف سائرون، وكذلك الامر بالنسبة الى نواب الاستقامة. ان كانت هناك حاجة ان نميز الحزب الشيوعي في سائرون او الامر كذلك بالنسبة الى الاستقامة فنذكر ذلك ولكن لا نفتعل الامر. وهذه ممارسة طبيعية وتأخذ بها القوى والكتل الاخرى في البرلمان. ان لدينا في سائرون نشاطاته الخاصة يعرف فيها هويته وعلاقاته. سائرون شكل من الأشكال التحالفية الناضجة وفِي هذا اضافة للتجربة السياسية في البلد.


فكرة المواطنة بهوية مركبة

الخفاجي: ما هي توجهات الحزب لإنصاف الشرائح التي يدافع عن مصالحها؟
سكرتير اللجنة المركزية للحزب: نحن ندعو الى دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية. دولة مدنية تقوم على اساس المواطنة وهذا حاضر في برنامج سائرون وأطراف سائرون الاخرى. هذا جزء من مشروعنا العام. والدولة المدنية تقوم على اساس التداول السلمي للسلطة ودولة القانون والفصل بين السلطات الثلاث، وفصل بين المؤسسات العشائرية والدينية والمؤسسات السياسية. يوجد حيز متمايز بين هذه المجالات، دون الإقلال او النيل من كل هذه المؤسسات فكل له مجالاته وان جميعها محترمة. وهذا له بعد مدني فالقوانين المدنية عليها ان تحترم الآخر المختلف. العراق بلد متعدد القوميات والأديان والثقافات، علينا ان نؤسس الى فكرة الاختلاف ونحن نتحدث عن عراق واحد، وهذه ملازمة الى شعار بناء الهوية الوطنية العراقية، البعض يعتبرها هوية المكون الأكبر وهذا ما يدفع بعض المكونات الى الخشية من فكرة المواطنة، كون المكون الأكبر هو من يرسم ملامح الوضع كلية. وهكذا كان الامر في ظل الأنظمة السابقة حيث كان العراق الموحد طاغيا عليه لون واحد. فتارة طيف طائفي، وتارة طيف قومي يشعر بانه مهمش.
اليوم نتحدث عن فكرة المواطنة بهوية مركبة. الهوية الوطنية ليست هي الهوية الدينية او القومية او المناطقية. الهوية الوطنية هي القادرة على استيعاب الثقافي والتكوين الهوياتي. عندما يتحقق ذلك فان المواطن من اَي انتماء يشعر بان له حصة في هذا الوطن.
الدولة المدنية يشعر فيها المتدين وغير المتدين بالراحة وكذلك العربي والكردي والتركماني وغيرهم يشعرون بالراحة. وهذا فيه منظومة حقوقية وسياسية وثقافية.

الخفاجي: كم في برنامجكم حصة للمنجل والجاكوج؟
نسعى الى تبني طموحات العمال والفلاحين وشغيلة اليد والفكر عموما، هذا ما اوضحه الرفيق رائد فهمي، وقال: في كل طروحاتنا وبرنامجنا نسعى الى تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية. النفط ملك الشعب. وهو يوصل عبر مشاريع حكومية، وخدمات عامة ؛ صحية وتعليم وخدمات بلدية..إلخ. الخدمات متردية وتوزيع عوائد النفط ( ليس كل الناس موظفون )، نحتاج الى جسر هذه الهوة.
لذا نعتبر من الأولويات وجود نظام الضمان الاجتماعي ؛ صحة، تقاعد، فئات مهمشة، وان يتم تشكيل صناديق مختلفة مثل صناديق التقاعد وصناديق الأرامل. وان تكون هناك تشريعات ضامنة.


تحديد الاولويات مهم

الخفاجي: متى يتم تشريع هذه القوانين؟
اجاب النائب فهمي: هنا بصمة سائرون لابد ان تظهر في القوانين والتشريعات التي تهم الجماهير الواسعة وخاصة تلك التي تعاني من الفقر والجوع والبطالة والتهميش. وبالنسبة الى البطالة فان تأمين الحد الأدنى من العيش الكريم يتطلب إنعاش النشاط الاقتصادي، تفعيل القطاعين العام والخاص لإيجاد فرص عمل.
مرة اخرى تحديد الأولويات مهم في الزراعة والصناعة والكهرباء والماء والسكن والنقل، وفِي التعليم والصحة. وهنا يمكن ان يزج الجيش والحشد في عملية البناء.
في النفط غير كاف فقط ان نستخرج النفط الخام ونصدره، فالحديث هنا عن تصنيع النفط. وايضا الاستثمار الأفضل الى موارد اخرى مثل الفوسفات والكبريت وقطاعات الاتصالات والسياحة والنقل. فأين كل هذا في توجه الحكومة؟ فالسياسة في نهاية المطاف اولويات.


من دون عمل وخدمات المواطنون سيعارضون قبلنا

وبعدها اجاب الرفيق رائد فهمي على أسئلة محاوره وتلك التي قدمها الحضور عبره وشملت الموقف من خيار المعارضة، انطباع المواطنين عن الحكومة، وسائل الضغط التي سيعتمدها الحزب الشيوعي وسائرون؟ وكيفية تفكيك الدولة العميقة، الزمن كعامل ضغط، ومحاور استعادة ثقة المواطن، وقال:
الناس اذا لم تتوفر لها فرص عمل،ولا تعليم وصحة وخدمات فهم سيعارضون قبلنا. من المؤكد ان الحكومة ووزاراتها المختلفة ليست كلية القدرة.وهناك محددات موضوعية. هنا نتحدث عن التصرف العقلاني بالموارد البشرية والمالية بما فيها الموارد السياسية،عن توجه ضمن الأولويات والناس تنتظر الرسائل والإشارات ويتوجب ان تصلها وفِي الوقت المناسب. المهم هنا ان يجمع السيد رئيس الوزراء بيده الأدوات الفاعلة ؛ الرصيد السياسي، العلاقات، الرصيد الشعبي الذي لا يمكن التفريط به، الرأسمال الان هو وجود درجة من الأمل ولكن كلما طال وقت تشكيل الحكومة فهو يأكل من هذا الرصيد وحين يحل الوقت الفعلي للعمل يكون هذا قد استنفد.
الحكم الأولي على الحكومة من قبل الناس يأتي من خلال تقويم تشكيل الحكومة،فهل يعزز هذا من ثقتهم؟وبغض النظر عما يدور بشأن تشكيل الحكومة فان الرسالة التي وصلت لم تكن بالقوة المطلوبة.هناك فرصة اخرى في اصلاح الخلل في الجزء الاول من تشكيل الحكومة عبر حسن اختيار ما تبقى من الوزراء.
نعم الناس تنتظر كم ستؤثر سائرون فيما يخص التشريعات وعمل البرلمان نفسه وإمكانية عكس هموم الناس ومعاناتهم وكذلك استكمال مؤسسات الدولة وتنفيذ الطور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب الذي عليه ان لا يضيع وقته في قضايا بعيدة عن اولويات المواطنين. سائرون والحزب يفكران جديا في استثمار الضغط البرلماني. وهناك الضغط الجماهيري، التوعية،منظومة العلاقات القوية. الضغط الشعبي قد يكون في صالح الحكومة اذا كان لديها مشاريع وتواجه صعوبات في تحقيقها وقد تكون احتجاجية.
الوقت مهم بالنسبة الى البرلمان وعموما هناك اضاعة في الوقت وتكرار في المناقشات والحاجة قائمة الى تنظيم ذلك.وهناك مسألة التصويت فالتهاون في هذا فيه ثلم في الديمقراطية الداخلية للبرلمان.


نسعى الى تفكيك الدولة العميقة

وقال ايضا: بشأن الدولة العميقة وضمن وجهة سائرون العمل على تفكيكها.والامل ان تكون هذه ايضا وجهة الآخرين من الكتل السياسية. الدولة العميقة غدت منظومة امتدت افقيا وعموديا. الضرورة قائمة لمحاربة الفساد كمنظومة عبر وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، رفع كفاءة آليات العمل، مكافحة البيروقراطية، الحوكمة الإلكترونية، تفعيل اجهزة الرقابة والقضاء ، وغير ذلك.
الدولة العميقة تعني وجود قوى معينة لها بعد سياسي تتحكم في مؤسسات الدولة،وهي تتحكم ايضا بالأجهزة التنفيذية.
أمر آخر ضرورة تنفيذ قرارات الدولة ومؤسساتها.هنا نجد ان الحلقات الوسيطة غير فاعلة عن قصد او من دونه. عملية الاصلاح تستهدف مكافحة الفساد والارتقاء بعمل مؤسسات الدولة. ومن غير المبرر عدم تنفيذ بعض القوانين مثل قانون الخدمة الموحد.ومن اللافت عدم تضمينه في البرنامج الحكومي.توجد اهمية لاستكمال مؤسسات الدولة مثل المجلس الاتحادي وتشريع قوانين مهمة مثل قانون النفط والغاز.
ولاستعادة ثقة المواطن يتوجب العمل على القضايا التي تشغلهم ومن ذلك قضايا: الصحة والتعليم ومحاربة الفساد وتوفير الضمان الاجتماعي والأمن المجتمعي وتفكيك عصابات الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة غير النظامية وحصر السلاح بيد الدولة. وان يكون الحيز واضحا بين مختلف المؤسسات السياسية والقضائية والدينية والعشائرية. مطلوب الان مكافحة اسس التجاوزات على الدولة والممتلكات العامة والخاصة وحماية ارواح الناس وتوفير المناخ المناسب للعمل والاستثمار .
لتنفيذ كل هذه الامور فان للزمن دوره وهو له علاقة بالإرادة السياسية. اليوم مهمة السيد عادل عبد المهدي وقوى الاصلاح وضع الامور على السكة السليمة.
في الفترة القادمة نحتاج الى المزيد من الشفافية والوضوح والتواصل مع المواطن سواء من قبل الحكومة او مؤسسات الدولة الاخرى وكذلك من قبل الاحزاب والكتل السياسية
نتطلع الى الايفاء بالوعود بشأن شراء الاصوات وازالة الشبهات التي لا يفترض ان تهيمن على عمل البرلمان والحكومة.