في السادس عشر من آب 2018 تكون قد مرت ستون عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية العراق. حيث لم تكن هناك علاقات سياسية بين البلدين الا بعد قيام ثورة 14 تموز 1958, اذ اتفق البلدان على اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما اعتبارا من 16/8/1958.

 الصين من انصار حركة عدم الانحياز والتحرر ومن المنتقدين للسياسة الأمريكية وهي من مؤيدي استقلال الشعوب وحقها في تقرير مصيرها واختيار طريقها.

 لقد تعززت العلاقات الصينية العراقية عندما امتنعت الصين عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن المرقم 678 في 29/11/1990 والذي بموجبه اصبح بإمكان الدول المتحالفة ضد العراق استخدام القوة ضده. كما رفضت الصين العدوان الأمريكي على العراق عام 2003 ودعت الادارة الأمريكية لوقف اطلاق النار مؤكدة على ضرورة احترام استقلال العراق وسيادته ووحدة اراضيه وافساح المجال كاملا لدور الأمم المتحدة. كما رحبت الصين بتشكيل مجلس الحكم في العراق لإمكانية صنعه القرار العراقي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق, وتعهدت الصين بتقديم 25 مليون دولار كمساعدة لإعادة بناء العراق, والغت بموجب الاتفاقية التي وقعها الرئيس الراحل جلال الطالباني خلال زيارته للصين عام 2007 (80 في المائة) من ديون العراق المستحقة للصين والبالغة (8)  مليارات ونصف المليار دولار, كما تم توقيع اتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني وبرنامج تدريب الموارد البشرية والاستثمار في الحقل النفطي.

 لقد اكدت الصين وعلى لسان رئيسها (شي جين بينغ) على تطوير العلاقة مع العراق وابدت استعدادها لتطوير التعاون المفيد للجانبين وتعميق العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية  لصالح البلدين والشعبين. وتحرص الصين على اقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة ولمستقبل افضل.

 لقد شهدت العلاقات العراقية الصينية منذ تأسيسها في عام 1958 نموا حينا وتراجعا حينا اآخر بسبب الظروف التي مر بها العراق والتي انعكست بشكل مباشر على العلاقة مع الصين, ففي فترة الحرب العراقية الايرانية شهدت العلاقات تراجعا واستمر الحال في فترة الحصار الدولي المفروض على العراق, ثم عادت العلاقات مع الصين الى بداياتها في النمو والتطور خاصة بعد اتفاقية النفط مقابل الغذاء. ثم انتعشت العلاقات بين البلدين لتشمل جوانب مهمة في الجانب الاقتصادي والسياسي والعسكري.

 وبعد احداث عام 2003 في العراق شهدت العلاقات العراقية الصينية قفزة ملحوظة خاصة بعد دخول الصين الى السوق العراقية بقوة كبيرة, اذ غزت البضاعة الصينية على اختلاف انواعها الأسواق العراقية بشكل كبير وتوجه التجار العراقيون الى عقد الصفقات التجارية الكبيرة مع الصين ونشطت السوق العراقية وتحولت من استيراد المواد اليابانية والغربية والأمريكية الى المواد الصينية لكونها رخيصة الثمن ومناسبة لأوضاع العراقيين المالية وخاصة لأصحاب الدخل المحدود, ان بعض انواع البضاعة الصينية تتميز بجودتها العالية التي اثبتت نوعيتها الرفيعة في الأسواق الغربية عموما, الا ان التجار العراقيين مع الأسف اتجهوا الى جلب بضائع بدرجات ادنى نوعية ورديئة في محاولة منهم لجني ارباح كبيرة دون الاهتمام بجودة المنتج ومطالب المستهلكين وهذا ما يسيء للصناعة الصينية ما لم تتخذ الحكومة الصينية موقفا من ذلك.

 كما دخلت الصين صناعة النفط والغاز ولها استثمارات في هذا المجال في العراق واصبحت منافسة للشركات العالمية العاملة في مجال الصناعة النفطية.

 وفي الفترة الأخيرة ازداد مستوى التبادل التجاري بين الصين والعراق ليبلغ حدود الـ (20) مليار دولار وهذا يشكل رقما كبيرا قد يعادل ميزانية بعض الدول.

 قدمت الصين عدة عروض لإنشاء معامل ومحطات واطئة الكلفة وبسعات انتاجية كبيرة, اضافة الى رفد الأسواق بالمنتجات الصناعية وغيرها مما اسهم في انعاش الاقتصاد العراقي, ومن هنا تأتي اهمية التبادل التجاري بين الطرفين والحرص الدائم على تعزيزها وتطويرها بشكل جيد, كما يمكن الاستفادة من الصين في الحصول على المعلومات والتقنيات والخبرات وفي شتى المجالات.

 ان اقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق عام  2015 اصبحت صفحة جديدة في تاريخ الصداقة الصينية العراقية.