طريق الشعب
خضعت إيران مجددا ابتداء من يوم امس الثلاثاء الى سلسلة عقوبات فرضتها الولايات المتحدة في إطار سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتشددة تجاه طهران عقب إعلانه انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والغرب عام 2015 ، وتعاني ايران اصلا من عقوبات امريكية مستمرة، ادت ضمن عوامل اخرى، الى تراجع كبير في اقتصاد البلاد وقيمة عملتها الوطنية.
وسيعاد فرض عقوبات من جديد ضد إيران على مرحلتين في 7 آب و5 تشرين الثاني 2018. وتستهدف الحزمة الأولى قدرة إيران على شراء الدولارات، وصناعات رئيسة تشمل السيارات وصناعة السجاد التي يعمل فيها مئات الآلاف من الإيرانيين.
و يتوقع أن تكون المرحلة الثانية التي سيتم خلالها حظر مبيعات الخام الإيرانية هي الأشد تأثيرا، رغم أن دولا عدة بينها الصين والهند وتركيا أشارت إلى أنها غير مستعدة للتوقف بشكل كامل عن شراء النفط الإيراني
وفي إطار سياسة التصعيد صرح ترامب أنه يريد اتفاقا جديدا مع إيران يتجاوز تقييد برنامجها النووي ليضع حدا لما تعتبره واشنطن "تأثير (طهران) المؤذي" في المنطقة، في اشارة الى تدخلات ايران الأقليمية، بما في ذلك دعمها الرئيس السوري بشار الأسد وتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي الذي يعد من أهم الممرات البحرية للنفط

عقوبات واقتصاد منهك

الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية يمكن أن تلقي بثقل كبير على الاقتصاد الإيراني. خاصة وأن العملة الوطنية، الريال، وصلت في الآونة الأخيرة إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار في السوق الموازية. وانخفض الريال الإيراني إلى أقل مستوياته أمام الدولار ليصل إلى 100 ألف ريال مقابل الدولار وسط أزمة اقتصادية متزايدة.
ويأتي ذلك رغم مساعي السلطات الإيرانية لوضع سعر ثابت رسمي قدره 42 ألف ريال مقابل الدولار وتنفيذها حملة على السوق السوداء. في إطار خطة وصفها المحللون بالكارثية.
واعلنت إيران اتخاذ إجراءات أكثر مرونة للتعامل مع تراجع العملة وتأثير العقوبات من خلال تخفيف قواعد صرف العملات الأجنبية والسماح باستيراد غير محدود ودون ضرائب للعملات والذهب وإعادة فتح مكاتب صرف العملات، اي رفع الكثير من رقابة الدولة على السوق، ما يعني تغييرات عميقة في اللوحة الاقتصادية في البلاد على حساب ملايين الفقراء.
انعكاسات سياسية واجتماعية

وازدادت حدة التوتر في البلاد، واندلعت في عدد من المدن الايرانية احتجاجات
ونشرت أشرطة فيديو عديدة على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر هذه الاحتجاجات، من بينها احتجاجات قادها رجال دين. وتعكس الاحتجاجات التوتر المتصاعد بين المحافظين والإصلاحيين على خلفية السخط الاجتماعي.
ويرى الخبراء عددا من النتائج المحتملة للسياسة الأمريكية الحالية تجاه إيران. فبإمكان العقوبات والضغوط الدبلوماسية أن تراكم ما يكفي من الضغط على الحكومة الايرانية ودفعها الى التفاوض، وهي خطوة يريدها الرئيس الامريكي .
وبإمكان الأزمة المالية في إيران أن تتفاقم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاحتجاجات، ما قد يطرح مسألة بقاء النظام على حاله على بساط البحث، مع أن الضغوط الاقتصادية تحمل كذلك خطر تعبئة المشاعر المعادية للولايات المتحدة وحشد الدعم للمتشددين، وبالتالي ادخال منطقة الشرق الأوسط في ازمة جديدة من الصعب التنبؤ بما ستؤول اليه.
وهناك احتمال كذلك بأن يبدأ النظام الإيراني بالتراجع مع ما تعتبره واشنطن "تأثيره المؤذي" في المنطقة..
وفي هذا السياق، يقول محللون"إن إدارة ترامب ستكون راضية عن أي من هذه النتائج".

الاتحاد الأوربي والعقوبات الامريكية

بدأ الاتحاد الأوروبي الاثنين الفائت بتفعيل نظام يحمي شركاته من تأثير العقوبات الأمريكية على إيران، ويتيح للشركات الأوروبية عدم الالتزام بهذه العقوبات.
وقالت المفوضية الأوروبية، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية في "توتير"، أن النظام يهدف الى حماية الشركات الأوروبية، التي تقوم بأعمال مشروعة مع إيران من تأثير العقوبات الأمريكية عليها. وجاءت الخطوة الأوروبية قبل ساعات من بدء سريان العقوبات الأمريكية على طهران، وسط تخوف الشركات من تأثيرات سلبية للعقوبات المرتقبة على نشاطها في إيران. ورغم أن بعض الشركات الأوروبية أعربت عن استعدادها للبقاء في البلاد إلا أن شركات أخرى متعددة الجنسيات مثل "بيجو" و "سيتروين" و"توتال" قد استعدت لمغادرة إيران خوفا من الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية.