صعّدت إدارة ترامب من انحيازها السافر والمدان بأشد العبارات الى جانب حكومة الكيان الصهيوني الفاشية المجرمة، والمزاودة عليها في تبني مبراراتها الواهية لقرار الحكومة الأمنية المصغرة بتوسيع نطاق عدوانها المتواصل بشراسة منذ 22 شهرا، وإحكام قبضتها العسكرية على كامل القطاع، وتنفيذ مخططها الإجرامي بفرض التهجير القسري على سكانه.
لقد عطّلت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، بكل وقاحة، صدور قرار بالاجماع عن المجلس يرفض قرار حكومة الحرب الصهيونية باحتلال مدينة غزة وتهجير سكانها، ودافعت بشراسة بزت شراسة مندوب حكومة الاحتلال والعدوان الصهيونية، عن قرار احتلال ما تبقى من قطاع غزة، وتسويغه باطلاق جملة من الأكاذيب والافتراءات الصارخة، ليس أقلها أن حكومة نتنياهو الفاشية لا تنوي احتلال القطاع بل "تحريره"، فضلاً عن نفي (؟!) اقترافها جريمة الإبادة والتطهير العرقي والتجويع، رغم تقارير المنظمات الإنسانية ووسائل الاعلام المزودة بالصور وشرائط الفيديو التي تؤكد وقوع هذه الجرائم وبشكل منهجي ويومي.
لقد بلغ الاستفزاز الأمريكي لمشاعر وضمائر شعوب العالم، وليس الشعب الفلسطيني أو الشعوب العربية فقط، حدا لا يطاق، ولم يعد محتملاً بتاتاً مواصلة أطراف عربية على وجه الخصوص، اعتبار الولايات المتحدة وسيطا في المساعي المبذولة لوقف العدوان. يجب أن تُصنّف الإدارة الأمريكية دون مواربة عدواً استمرأ التعبير عن عدائه الصريح والمكشوف بصورة تماثل عداء الكيان الصهيوني العنصري للشعب الفلسطيني ولحقوقه الوطنية المشروعة في التحرر والحرية والعودة وتقرير المصير، وفي تعطيل أي جهد دولي لوقف جرائم الإبادة الجماعية والتجويع التي يقترفها كيان الاحتلال المجرم ضد قطاع غزة وشعبه.
لم يتبق من دول العالم من يتجرأ على انكار المذبحة "الإسرائيلية" بحق الشعب الفلسطيني، سوى الولايات المتحدة، التي لن تتوقف عن هذا الانحياز السافر لصالح حكام الكيان الصهيوني القتلة المجرمين، ما لم تواجه بحملة تنديد واستنكار واسعة ليس من الشعوب فقط، بل من دول العالم، وخصوصا الدول العربية، مما يدفع ويحفز الرأي العام الأمريكي على تشديد معارضته لأشكال الدعم المتعددة لكيان الاحتلال الإسرائيلي ولعدوانيتة المتمادية.
مساعي الولايات المتحدة وكيان الاحتلال لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وتصميمه الذي لا يتزعزع على البقاء في وطنه، وانهاء مقاومته للمشاريع والمخططات التي تستهدف حقوقه وقضية تحرره الوطني تتواصل ويتسع نطاقها لتشمل انهاء ظاهرة المقاومة الوطنية في لبنان الشقيق، حيث تتصاعد الضغوط السياسية والعسكرية على المقاومة في لبنان لتسليم سلاحها. ويتولى هذه المهمة القذرة المبعوث الأميركي توم برّاك مدعوما من قبل أنظمة عربية تضمر دوافعها الحقيقية بادعاء الحرص على استقلال لبنان وسيادته.
لقد أفضت هذه الضغوط الى صدور قرار عن الحكومة اللبنانية بسحب سلاح حزب الله وتكليف الجيش اللبناني باعداد خطة لذلك. إن زج الجيش للاضطلاع بمهمة نزع سلاح المقاومة قبل التوصل الى توافق وطني حول هذه المسالة ذات الحساسية البالغة، وقبل تحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الصهيوني، ولجم اعتداءاته المتكررة عليها، ينقل الصراع من كونه صراعا بين المقاومة الوطنية اللبنانية والعدو الصهيوني ودعامته الرئيسة، الامبريالية الأمريكية، ليصبح صراعا بين المقاومة والجيش يهوي بالاستقرار الهش في لبنان ويعصف بسلمه الأهلي، ويضع البلاد مجددا في أجواء الحرب الأهلية.
إن حزبنا، الحزب الشيوعي الأردني، في الوقت الذي يعبر فيه عن ادانته دون تحفظ لنهج العدوان والتوسع والنهب المتأصل في الامبريالية وبنيتها، وتنديده بالانحياز السافر للإدارات الأمريكية المتعاقبة، جمهوريةً كانت أم ديمقراطية، لصالح كيان الإحتلال وفاشيته المتصاعدة، وعدوانيتة المتمادية، وإذ يؤكد الحزب دفاعه عن حق شعوبنا العربية كافة في مقاومة الاحتلال والعدوان وشتى أشكال التدخل والهيمنة الامبريالية، فإن قناعته تزداد رسوخا بأن المواجهة مع التحالف الاستعماري الامبريالي الصهيوني ستفرض نفسها مباشرة، عاجلا وليس آجلا، على جميع الدول والشعوب العربية، وليس فقط على الشعب الفلسطيني أو اللبناني أو اليمني. وأن معركة التحرر الوطني هذه تستدعي رص صفوف القوى الوطنية على الصعيدين الوطني والقومي، وحشد طاقاتها وامكاناتها للحفاظ على أوطانها من الضياع، وترسيخ الاستقلال وتفكيك منظومة التبعية للمراكز الرأسمالية العالمية ومؤسساتها المالية والنقدية.
عمان في 11/8/2025
المكتب السياسي للحزب الشيوعي الأردني