تتواصل خلف كواليس عديدة، ومختلفة المواقع، الاتصالات والمفاوضات بشأن التوصل لوقف محدد لإطلاق النار، بمعنى وقف لوقت محدود لحرب الابادة الاسرائيلية على غزة. وعلى الرغم من تصريحات وتسريبات مختلفة تشي في خلاصتها بقرب التوصل لاتفاق، فإننا ما زلنا بعيدين عن الانتقال من حال الى حال مختلف تماما. هذا يتعلق بالأداء خلال الستين يومًا التي يُخطط لها كهدنة.

ومع التشديد على الاهمية الحاسمة لأي تطور باتجاه تخفيف حدة ونطاق التقتيل والتدمير والتهجير الوحشي لأهل القطاع، فيما بات أشبه بحرب سادية انتهت اهدافها حتى بمناظير اسرائيلية صهيونية، فيجب التحذير مما قد تبيًته حكومة الهوس الفاشي مستقبلا. خصوصا أنها أقدمت على انتهاك وقف إطلاق النار الأخير في آذار الماضي، ضاربة عرض الحائط بكافة التعهدات والضمانات.

صحيح أنه يبدو في الساعة السياسية الراهنة أن هذه الحرب باتت عبئًا حتى على قسم من عتاة الداعين للتصعيد الدائم، وخصوصًا في قيادة الجيش التي بات رئيس أركانها يتعرض لتهجمات علنية من قلب الحكومة التي عيّنته بنفسها، ولكن معروف أيضًا أن أول معايير الحكومة في صب الوقود المتواصل على نيران الحرب هو معيار البقاء السياسي، وهي مصلحة لم تتغيّر في التركيبة الحكومية بغالبيتها.

لهذا من المهم الإشارة إلىبعض العوامل التي من شأنها منع انكفاء أي تطور إيجابي محتمل، وفي مقدمته أداء فلسطيني يستثمر وزن القضية الوطنية النوعي لدى مختلف شعوب العالم، وحجم التضامن العميق، باتجاه جعله ذا مردود سياسي من الضغط على الحكومات، وهو امر يحتاج، نعم مرة أخرى، إلى ترتيب البيت السياسي الفلسطيني حول ركيزة اسمها الوحدة، وليس فتح فصل جديد من التراشق الانقسامي والأداء الفئوي؛ وهو الذي لا يمكن شطبه من قائمة أسباب الوصول إلى الوضع الكارثي الذي يعيشه هذا الشعب.

كذلك، وارتباطا بما سلف، يجب أن تسلك مختلف الفصائل الفلسطينية بما يجعل الحكومات العربية تتحمل المسؤولية مجتمعة، مما يستدعي وقف "خصخصة الدبلوماسية الفلسطينية"، والكف عن بناء جسور واهية للعلاقات والمصالح الضيقة مع العواصم العربية انطلاقا من الفصائل بدلا من مدّها مع قيادة موحدة على قدر المسؤولية وبحجم التحديات الهائلة.

عرض مقالات: