ما زالت الأحداث والتطورات في سوريا تتفاعل وتتسارع، وقد تنفجر أو تؤدي إلى مؤشرات أولية حول الاتجاهات الرئيسية لمستقبل البلاد. من جهة، يظهر الإرهابي المعروف أبو محمد الجولاني، أحمد الشرع، القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام والأمير السابق لتنظيم القاعدة في سوريا، متحدثًا باسم القوات التي تدعي أنها أسقطت الأسد، والذي أصبح نجماً من نجوم قناة CNN الأمريكية.
ومن الجهة الأخرى، تتحدث القوى الوطنية والديمقراطية، ممثلة في الأحزاب السياسية التقدمية، عن فتح صفحة جديدة في مسيرة الشعب السوري نحو الديمقراطية.
لقد فرّ الأسد إلى موسكو، أو بعبارة أخرى، سقط رأس النظام نتيجة تداخل عوامل داخلية وخارجية متناقضة. هذه العوامل تكشف صورة أخرى للتدخلات الخارجية والمحاور الإقليمية والدولية التي تستمر في استغلال الوضع الداخلي في سوريا.
وحسب بعض بيانات القوى الوطنية والديمقراطية السورية، هناك إمكانية لإعادة بناء الوحدة الوطنية، وترسيخ الديمقراطية، وحماية حقوق الشعب والإنسان. كذلك، يمكن الانتقال إلى مرحلة جديدة لتحقيق آمال غالبية الشعب السوري في وطن حر وديمقراطي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والوصول إلى بر الأمان. كما تركز هذه البيانات على ضرورة المحافظة على سوريا كدولة موحدة، وهزيمة مخططات التقسيم والفوضى والتطرف والنزاعات والتدخلات الخارجية.
وتحقيق كل ذلك سيعتمد على مدى وحدة وصلابة وإمكانيات ومقدرات القوى الوطنية والديمقراطية السورية، من أحزاب وطنية ومنظمات، ومدى إمكانيات الوصول إلى رؤية تتفق عليها غالبية المكونات السياسية، ذات الاتجاهات المختلفة والتي ربما اتفقت فقط على إسقاط نظام الأسد.
لذا، فإن الصراع بين هذه القوى قد يستمر، بين تلك التي تسعى لوحدة البلاد وإنقاذ شعبها من الأطراف الداخلية والخارجية التي تهدف إلى تقسيم سوريا وتقاسم النفوذ والموارد في إطار المخطط الإمبريالي لإعادة بناء الشرق الأوسط الجديد، وبين قوى أخرى مرتهنة إرادتها لجهات خارجية.
مهمة القوى العربية التقدمية، وبشكل خاص الأحزاب الشيوعية العربية، تقديم الدعم والتضامن والإسناد للقوى السورية الحية التي تسعى للحوار والاتفاق على برنامج وطني لإعادة بناء سوريا، وإنجاز المصالح الوطنية، والحفاظ على سيادة سوريا، وهزيمة الإرهاب والتدخلات الأجنبية.
ما جرى ويجري في سوريا يقدم درساً مهماً للقوى الحية والثورية في السودان، ويفرض أهمية اتخاذ خطوات عملية وتنظيم القوى الجماهيرية القاعدية العريضة المناط بها هزيمة الحرب ومن يقف وراءها عالمياً وإقليمياً ومحلياً.
لننتزع حقوق شعبنا في الديمقراطية والسلام والعدالة.
(الخميس ١٢-١٢-٢٠٢٤)