بغداد – طريق الشعب
احتفى الحزب الشيوعي العراقي السبت 24 شباط 2024 بالشخصية الثقافية والوطنية، الكاتب والناقد ياسين النصير، في مستهل فعالياته على شرف الذكرى التسعين لتأسيسه.
وشهد الاحتفال الذي جرى على قاعة "بيتنا الثقافي" في ساحة الاندلس ببغداد، كلمات وشهادات عن مسيرة النصير الثقافية والنضالية، امتازت بشحنات كبيرة من المشاعر والمحبة والتقدير للمنجز الابداعي الثرّ، الذي رافق رحلة المحتفى به الطويلة، وقدرته على الانشغال بموضوعات مهمة بدءا من مشروعه النقدي، وصولا إلى انشغاله بالمسرح والشعر والرواية وغيرها، وبالفلسفة أخيرا، فضلا عن نتاجات متنوعة في الثقافة والصحافة.
مدير جلسة الاحتفاء الناقد علي شبيب ورد، أشار في مفتتح الجلسة إلى أنه في الذكرى التسعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي، نشدد على أهمية الثقافة ورموزها، وما يمثله هذا الاحتفاء من تعزيز لدور الثقافة المتميز في إثراء المجتمع. وبيّن أن الثقافة العراقية بعطاءاتها المتنوعة كانت ومازالت منحازة إلى الشعب وجماهيره.
واضاف ورد أن المثقفين العراقيين تحملوا الظروف الصعبة التي مرت على شعبهم، وكانت لهم آراء تنويرية هامة في أحلك الظروف، لافتا إلى أن هذا الاحتفاء المشرف يسلط الضوء على كاتب جليل وعلى سِفره المجيد.
كلمة الحزب الشيوعي
الرفيق مفيد الجزائري قدم كلمة الحزب الشيوعي العراقي، ومما قاله فيها: "في هذه الجلسة نُسعد بالترحيب والاحتفاء سوية بالشخصية الثقافية الوطنية الناقد والكاتب والمبدع الاستاذ ياسين النصير المثقف الكبير الذي يصعب الحديث عن الثقافة العراقية ومسيرتها وعطائها خلال نصف قرن على الاقل، من دون الاشارة إلى حضوره اللافت والمؤثر فيها واسهامه المثري والمحفز لحراكها وانجازها، ومن دون ذكر القائمة الطويلة والحافلة من ثمار ابداعه الادبي والفني وفكره، كتبا ودراسات ومحاضرات وحوارات وغيرها، هذه القائمة التي ظلت تكبر وما زالت.
وذكر الجزائري أن "النصير افتتح مسيرته في مجال النقد سنة 1971 كما هو معروف، بتأليفه واصداره سوية مع زميله ورفيقه الناقد فاضل ثامر، كتابا بعنوان (قصص عراقية). ورغم أنه عمل قبل ذلك وخلاله وبعده في الصحافة والتعليم وتنوعت اهتماماته الادبية والفنية والثقافية عموما، فكتب المسرحيات والاوبريتات وعالج قضايا الشعر والتشكيل والمسرح والرواية والسينما والفكر وغيرها، في دراسات وابحاث ومقالات كثيرة، فانه ظل دائما يعود إلى النقد الادبي والفني ويتابع بحرص ومثابرة النتاجات الحديثة ويقيمها ويضيء الجديد الطالع فيها ويحتفي به، إلى جانب نشاطه الدائم في مجالات الصحافة والبرامج الثقافية وفي حراك المؤسسات والمنظمات المدنية الثقافية وفعالياتها".
ولفت إلى ان النصير "في خضم انشغاله غير المنقطع بالحركة الثقافية في ميادينها المختلفة ومتابعة نتاجاتها المتنوعة ودراستها وتقييمها، أصدر الكثير جدا من المطبوعات، كتبا وبحوثا في شتى القضايا الثقافية والفكرية التي تشكل مواضيع اهتمامه الدائم، مثرياً المكتبة العراقية والعربية دون انقطاع بالجديد المتنوع دائما من نتاجاته". وقال إن "ياسين النصير غدا عبر السنين مثقفا شاملا ومرجعا يعود اليه المعنيون بالثقافة العراقية ومنجزها الفني والادبي من العراقيين والعرب وحتى من الاجانب".
وأوضح الجزائري، انه "ليس غريبا ان أبا أمين تمسك على الدوام بمنطلقاته وقيمه ومثله الوطنية والتقدمية، ولم يحد يوما عنها. فهو ابن حزبنا الشيوعي وخريج مدرسته في الوطنية وفي الثقافة والفكر وفي النضال من اجل قضايا الوطن والناس ودفاعا عن مصالح الكادحين وحقوقهم وفي سبيل وطن ينعم بالحرية والسيادة الكاملة وشعب يتمتع بحقوقه في الحياة الكريمة والسعيدة".
الكلمة للناقد فاضل ثامر
من جانبه حيا الناقد فاضل ثامر في كلمته في احتفال التكريم، الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، وقال إن المحتفى به ياسين النصير "يشكل علامة كبيرة في حياتي الشخصية، وقد استمرت علاقتنا النضالية والثقافية لعقود منذ انتقل من البصرة إلى بغداد، وكان لي الشرف أن أشكل معه ثنائيا يسعى لترسيخ الثقافة العراقية التقدمية، والوقوف ضد الثقافة الشوفينية والرجعية".
وتابع أن النصير يمثل نموذجا حيا للمثقف العضوي، "وكنا معا نعمل على تحمل المسؤولية للدفاع عن الثقافة العراقية وجوهرها الديمقراطي الفاعل، واستطعنا ان نبقى النبراس الذي يرعى سفينة المثقفين في المجتمع العراقي"، مضيفا القول: "كنت دائما معجبا بخصوصيته، وفي الوقت الذي ذهبنا فيه وراء المنهجيات النقدية، كان النصير يصر على ان يختط نهجا نقديا خاصا به".
واشار إلى ان "النصير كان صحفيا بارعا، وأشرف على القسم الثقافي لطريق الشعب سنوات طويلة، وكان كتلة من الحيوية والنشاط، ولم يفكر يوما بتحقيق ربح مادي لنفسه او امتياز لعائلته، فهو يحمل صفات المناضل الحقيقي. منوها إلى ان النصير دخل ميدان المسرح واستطاع ان يترك بصمة كبيرة وأصبح من أكبر نقاد المسرح في العراق والعالم العربي، واخيرا انتقل إلى حقل خطير هو الفلسفة، والاشتغال في فضاءات لم يعهدها العراق سابقا، وقد قدم أشياء مثيرة في الكثير من كتبه الأخيرة، وهو يخوض بشجاعة وثقة في هذا المسعى".
وأنهى ثامر كلمته بالقول، ان النصير في كل ما قدم من نقد للمسرح والرواية وغيرهما كان اسما كبيرا ونال محبة واعجاب جميع الأدباء.
النصير يشكر ويحيّي
المحتفى به، الكاتب والناقد ياسين النصير، تحدث عن الجمال الذي أضفاه عليه أصدقاؤه ورفاقه من خلال التكريم والاحتفال، مبينا ان "الأمر جعل دموعه تنزف إلى داخله حيث القلب" وقدم تحاياه لرفاقه القائمين على الحفل "في أهم مناسبة للحزب الكبير والعظيم في ميلاده التسعين وهو يتجدد شبابا دائما".
ووجه النصير التحايا بالمناسبة إلى من عمل معهم في صفوف الحزب في مناطق عديدة من البصرة وصولا إلى بغداد، فضلا عن الذين عمل معهم في صحافة الحزب من خلال "طريق الشعب" و"الثقافة الجديدة" و"الفكر الجديد"، إضافة إلى أسرته "التي تحملت كل ذلك الضيم ولم تكن على معرفة بنشاطاته، إلى أن فاجأتهم السلطات بما هو عليه".
واضاف النصير انه "يشيد بالرفاق الذين قادوه، وعملوا على تصحيح مساره ووضعه على الطريق الصحيح، وإلى أولئك الشابات والشباب في الحزب "الذين لم يكشفوا عن اسمائهم واسماء رفاقهم، وكان أمينا على رعايتهم".
النصير أشاد برفيق دربه الناقد فاضل ثامر "المعلم الكبير والاخ الذي استشيره في كل شيء، هذا الكائن الكبير والناقد المتميز الذي شكلت معه ثنائيا ما زال الجميع يحسدوننا عليه". وأوضح مضيفا: "في مشروعنا النقدي الأول من خلال كتابنا المشترك "القصة العراقية" لم نميز بين بعثي وشيوعي إلا من خلال انتاجه، وكان المعيار نقديا وله أبعاده الفكرية، وقدمنا 16 قاصا ينتمون إلى الثقافة العراقية وإلى الابداع، ولم نكن نعرف ما هم، لكننا نعرف ماذا يكتبون، وان هؤلاء يؤسسون فكرا جديدا في كتابة القصة وقادرون على استيعاب المجتمع في وعاء قصصي مركز".
وقال النصير وقد بان التأثر على وجهه: "لم أحلم بمثل هذا الاحتفاء وهذه الوجوه الصبوحة الحاضرة هنا".
وقبل ختام الجلسة الاحتفالية، قدم بعض الحاضرين مداخلات أشادت بتجربة النصير، فضلا عن ذكريات تخص أحداثا حضرها المحتفى به، وكان أمينا على توثيقها وحفظها في ارشيف الدراسات العراقية.
واختتمت الجلسة الاحتفالية بتقليد سكرتير الحزب الرفيق رائد فهمي المحتفى به الأستاذ ياسين النصير مدالية الحزب، وتقديمه باقة ورد فواحة إليه.