التأم  المؤتمر الثالث للتيار الديمقراطي العراقي يوم السبت ( ٢٩كانون الثاني٢٠٢٢ ) في بغداد ، بحضور ممثلي القوى والأحزاب  الممثلة في التيار وجمهرة من الشخصيات المدنية الديمقراطية ،  مندوبي تنسيقيات التيار داخل الوطن وخارجه ، فيما شارك في جلسة الافتتاح طيف واسع من القوى والشخصيات السياسية والأكاديمية والثقافية ونواب في  البرلمان.

وافتتح المؤتمر بالسلام الوطني والوقوف دقيقة صمت تكريما لشهداء العراق والحركة الديمقراطية وشهداء انتفاضة تشرين ونشطاء الحراك الاحتجاجي والمطلبي .

وفي جلسة الافتتاح ألقيت كلمة المنسق العام للتيار الديمقراطي الدكتور احمد إبراهيم التي حيا فيها الحضور وشدد على ان على اهمية تعزيز التيار الديمقراطي في الحياة السياسية والمهمات الجديدة التي سيضطلع بها في ضوء المتغيرات المتسارعة التي تعيشها بلادنا.

 كما ألقيت فيها كلمات للمرأة الديمقراطية وكذلك كلمة أخرى لشباب  تشرين وبعد ذلك استمع الحضور إلى كلمة لتنسيقيات الخارج.

  هذا وتلقى المؤتمر العديد من رسائل التحية، وبعد المصادقة على تقرير الاعتماد وإقرار شرعية المؤتمر  بنسبة حضور 82% من أعضائه وانتخاب لجانه بدأت جلسات  العمل  التي تضمنت مناقشة وإقرار التقرير السياسي والإنجازي وكذلك النظام الداخلي للتيار الذي خول لجنة النظام الداخلي التي انتخبها المؤتمر إعداد الصيغة النهائية وعرضها على اللجنة العليا للمصادقة عليها، في ضوء المقترحات الواردة في المؤتمر من الداخل والخارج.

واتخذ المؤتمرون مجموعة من القرارات والتوصيات بهدف تعزيز دور التيار الديمقراطي وتوسيع صفوفه وتعزيز دوره في الحياة السياسية  .

وانتخب المؤتمر اللجنة العليا للتيار بعد تحديد عددها  وهيكلية قوامها وتحديد عدد أعضاء المكتب التنفيذي  والذي يتكون من ممثلي الأحزاب والقوى والشخصيات الديمقراطية،وكذلك من ممثلين عن المرأة والشباب .

توقف المؤتمرون عند تطورات الأوضاع السياسية في بلدنا وتوصلوا الى   :

 ان بلدنا يعيش  في الظرف الراهن تحديات جسيمة وظروفا صعبة فرضتها الأزمة البنيوية في منظومة الحكم المبني على أساس المحاصصة الطائفية والاثنية.

ومن المؤكد أن الكيفية التي سيتم بها التعامل مع الأزمة العامة الشاملة وتداعياتها، ستترك بصماتها على معالم عراق المستقبل، فيما يتواصل الصراع على تحديد وجهة البلد اللاحقة، وعلى منهج الحكم ونمط التفكير وآلية إدارة الدولة. 

وأن إعدادا متزايدة من المواطنين صارت تدرك مخاطر تسلط القوى المتنفذة على حاضر البلاد ومستقبلها، وتدركها معها قوى وطنية تشاركها همومها وتطلعها إلى أحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية، عبر السير على طريق التغيير والخلاص من نظام المحاصصة والطائفية السياسية . فذلك هو المخرج المرتجى والمعول عليه في إنقاذ البلاد مما هي فيه من صعوبات وإشكاليات وكوارث ومآسي . وان يشمل ذلك في الجوهر أس البلاء – المحاصصة المقيتة، ويؤمّن  بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.

ان أوضاع البلاد العامة، وحالة الانسداد والاحتقان الاجتماعي و الاستعصاء السياسي ، وانعدام الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين، وتدهور الأوضاع المعيشية والخدمات  ، وحالة الفساد المستشري في  مؤسسات الدولة وتفشيها في المجتمع ، و التفاوت والتمايز الطبقيين المتسعين، والفشل البيّن في إدارة شؤون البلد، والانتشار الواسع للسلاح خارج أطر الدولة، وتعاظم دور "الدولة العميقة" والمليشيات والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي وانتهاك السيادة الوطنية ، والتطورات  في احداث المنطقة والعالم وتأثيرها على الأوضاع في بلدنا، والتظاهرات الاحتجاجية المتواصلة وحالة السخط  الشعبي .. ان هذا كله وغيره يؤشر حقيقة ان إدامة الحال وفقا لما هو قائم، أو السعي إلى إعادة إنتاج النمط السيء ذاته في إدارة الدولة ، سيكونان عنوانا للفشل المتواصل وللمزيد من الأزمات في نظام محاصصي مأزوم. 

وعلى خلفية الأزمات، وتعبيرا عن الرفض الشعبي المتنامي للواقع القائم ولمنظومة الحكم وإدارة البلاد المسؤولة عمّا آلت إليه الأوضاع، انطلق منذ أكثر من عقد من السنين حراك احتجاجي متعدد الأشكال، شمل فئات وقطاعات اجتماعية واسعة، وتطور متصاعدا ليتكلل بتفجير انتفاضة تشرين الباسلة، التي شكلت منعطفا فارقا في حياة البلاد السياسية، وليرفع التغيير والقطيعة مع نهج المحاصصة والطائفية السياسية الى رأس جدول المهمات الملحة أمام شعبنا وقواه الديمقراطية والوطنية الحية .

وقد عملت قوى عدة ، رسمية وغير رسمية، وما زالت تعمل على تفتيت قوى الانتفاضة وإطفاء جذوتها، عبر القتل العمد والاختطاف والاغتيال والتعهدات غير القانونية والتهم الكيدية والتشويهات والافتراءات الباطلة. وإذا كانت أعداد المشاركين في  الحركة الاحتجاجية في هبوط وصعود ، فان عوامل استمرار هذه الحركة باقية، وقد تعاظمت جراء الأزمة الاقتصادية والمالية  وجائحة كورونا، التي ألقت بثقلها  أساسا على غالبية المواطنين من الفقراء والكادحين وشغيلة العمل غير المنظم وذوي الدخل المحدود ، وعلى الاقتصاد الوطني ككل  .

إن استمرار الحال من المحال، لذا فقد غدا التغيير حاجة موضوعية تفرض نفسها، وهو ما يتوجب ان يكون ماثلا أمام جميع القوى السياسية، وبالأخص القوى المدنية الديمقراطية، التي لديها فرصة واقعية لخوض التحدي وبجدارة .

لقد بات التغيير ضرورة ملحة لإخراج البلاد من أزمتها وإنقاذها من الاحتمالات الأسوأ، والتعويل في هذا أساسا على الجماهير و حركتها الاحتجاجية والمطلبية، التي تتعاظم يوما بعد اخر جراء تزايد السخط والتذمر، وعجز القوى المتنفذة عن تقديم الحلول وولوج طريق التغيير المطلوب، بسبب تعارضه مع مصالحها ومع استمرار تسلطها ونهبها للمال العام وتشجيعها حالة اللادولة ودوام انفلات السلاح .

إن التغيير الذي ننشده ونعمل من اجله هو عملية نضالية تراكمية، تساهم فيها قوى اجتماعية وسياسية ذات مصلحة حقيقية في حصول التغيير، وفي دحر منظومة المحاصصة والفساد والطائفية السياسية، والتقدم إلى إمام نحو بناء عراق مزدهر مستقل آمن، وذي سيادة كاملة واقتصاد قوي ومتنوع وقطاعات إنتاجية فاعلة، يتمتع أبناؤه بالحريات والحقوق الدستورية والعيش الكريم، وبتكافؤ الفرص وعدم التمييز واحترام التنوع. عراق بلا سلاح منفلت ومليشيات .  .

وفي راهن الحال أكد المؤتمرون على أهمية الإسراع في انجاز المهمات والاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة الأغلبية السياسية ذات البرنامج الملموس وتحديد سقوف زمنية للتنفيذ يستجيب لمطالب المواطنين والمنتفضين ، ويفتح الأفق للسير إلى الأمام لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الضامنة للتمتع بالحريات العامة والخاصة وتحقيق العدالة الاجتماعية ، ولا مكان فيها للتمييز والقهر والإرهاب ، دولة المواطنة والقانون والمؤسسات .

 وشدد المؤتمرون على مواصلة الجهد الهادف إلى استنهاض التيار الديمقراطي  لما له من وجود موضوعي، ودور منتظر في الحياة السياسية، سيما وان مكوناته تشمل أحزابا وشخصيات  ديمقراطية وحركات اجتماعية للشباب والطلاب والنساء والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، داخل الوطن وخارجه.

وفي هذا السياق جرت الإشارة إلى  أهمية الانفتاح على القوى والشخصيات التي تقاسم التيار أهدافه وتطلعاته وآليات عمله  .

وجدد المؤتمرون العزم على  مواصلة الجهود لتحويل التيار الديمقراطي العراقي ، مهما بلغت صعوبة  الظروف وتعقدها  إلى  تيار مجتمعي واسع يتبنى الديمقراطية على قاعدة العدالة الاجتماعية،  وإقامة دولة المواطنة. 

المؤتمر الثالث للتيار الديمقراطي العراقي

29 كانون الثاني 2022