متابعة – طريق الشعب

طالما تحدث العالم عن حرب الغاز، لكنه لم يكن يقصد سواحل الشام وإنما قصد روسيا والمنطقة العربية وأواسط آسيا، والأهم أنه كان يقصد شبكات الأنابيب التي تنقل الغاز من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك.

وسبق أن حصل توتر في العلاقات بين بعض الدول بسبب خطوط سير أنابيب الغاز، وعدد من الدول تعتبر أن خرائط خطوط الغاز -التي أقرتها دول أخرى- تؤثر سلبا على مداخيلها المالية، وهناك دول أصرت على تصميم هذه الخرائط بطريقة معينة لإلحاق الأذى بدول أخرى.

روسيا وإيران وقطر استنفرت قواها الدبلوماسية والسياسية حتى لا تتأثر مبيعاتها من الغاز. وقد فكرت أوروبا بالمساهمة في مد أنابيب غاز تلتف حول الغاز الروسي كنوع من العقوبات لروسيا.

يصف الكثير من المحللين الاقتصاديين الثروة الغازية بوقود المستقبل، كونها باتت تشكل أولوية استراتيجية ، لكن في ظل تزايد التوترات السياسية حولها،  وتصاعد صراعات دولية على الاصعدة كافة، بدأت طاقة المستقبل تؤدي دورا في المتغيرات الاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بـ حقول الغاز المكتشفة التي من شأنها ان تستشرف الحروب.

لذا يتوقع بعض المراقبين لشؤون الطاقة ان حرب غاز عالمية قادمة لا محالة، إذ تبدو الدول الكبرى مهتمة بعقد صفقات استراتيجية لاقتسام طاقة المستقبل

ويتوقع خبراء في هذا الشأن أن مستقبل الغاز والصراع على هذه الطاقة الاستراتيجية سيرسم خريطة الصراعات الكبرى وليس السلام، خصوصا مع تزايد الطلب العالمي وازدياد عمليات البحث والاستكشاف والاستثمار المشترك الذي قد يضر بالمصالح الاقتصادية لبعض الدول المتنفذة، التي عمدت إلى اتخاذ خطط ومشاريع خاصة بهدف تعميق بعض النزاعات وتوسيع حالة التوتر والفوضى في العديد من الدول، كما ان البعض قد اعتمدها كورقة ضغط مهمة ضد الخصوم في سبيل إجبارهم على البقاء في طار سياسة خاصة، وهذا ينذر بنشوب "حرب الغاز" في السنوات المقبلة من القرن الحالي

من جانب آخر لا تزال أسواق الغاز العالمية تحمل الكثير من المفاجآت والتحديات في لعبة السيطرة على اسواق الطاقة الغازية في العالم كما تشير البيانات والتقديرات التي رجحت ان تشهد السنوات القادمة حدوث متغيرات جديدة ومهمة في طاقة المستقبل

هذا بالإضافة الى ان التطورات الجديدة والمنافسة القائمة قد اسهمت ايضاً في تغير بعض السياسات الخاصة لتلك الدول التي تسعى اليوم ومن خلال ايجاد قوانين جديدة الى استقطاب الشركات العالمية بما يضمن مصالحها ودورها الاقتصادي على الصعيد العالمي

سبب جديد لتصعيد التوترات

وصفت إسرائيل جهود لبنان للتنقيب عن النفط والغاز في منطقة على الحدود البحرية بأنه ”استفزازي جدا“ وحثت الشركات العالمية على عدم تقديم عروض.

 وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إن التعليقات واحدة من عدة ”رسائل تهديد“ من إسرائيل في الأيام القليلة الماضية.

وشكلت هذه التطورات مناسبة ليؤكد فيها حزب الله اللبناني مواجهته لأي تهديدات ضد حقوق لبنان في حقول النفط والغاز البحرية، ما يعني اضافة عامل جديد لإدامة وتصعيد التوتر في منطقة الحدود بين لبنان وإسرائيل.

حذرت مصر تركيا من المساس بحقوقها الاقتصادية في منطقة شرق البحر المتوسط بموجب اتفاقية أبرمتها مع قبرص لترسيم الحدود البحرية عام 2013 تسمح بالتنقيب عن الغاز في المنطقة. وساهم اكتشاف مصر حقل ظهر العملاق للغاز في عام 2015 في تشجيع سباق للتنقيب في منطقة شرق البحر المتوسط التي يعتقد أنها تحتوي على مخزون كبير من الغاز الطبيعي المهم لأوروبا المتعطشة للطاقة. وهنا أيضا يضاف سبب جديد للتوتر بين البلدين، الذي سببه اصلا دعم نظام أردوغان جماعة الإخوان المسلمين المصرية، والتي تعدها الحكومة المصرية جماعة ارهابية.

وقالت قبرص إنها ستمضي قدما في التنقيب عن النفط والغاز، في مؤشر على تمسكها بموقفها في المواجهة مع تركيا بشأن ثروات الطاقة المحتملة بعد أن قدمت أنقرة موعد مناورات عسكرية في شرق المتوسط إلى أوائل آذار

واتهمت قبرص تركيا بعرقلة عمل سفينة تنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة الجزيرة المقسمة يوم التاسع من شباط، مما يسلط الضوء على التوتر في المنطقة بسبب المزاعم المتنافسة على الموارد الطبيعية البحرية. وهكذا يصبح الصراع على الغاز عاملا إضافيا لتعقيد الأزمة، المستمرة منذ اكثر من  40 عاما بين قبرص وتركيا.

وقال وزير الطاقة القطري محمد السادة إن شركات نفط أمريكية وأوروبية كبرى تتهافت على تقديم عروض لمساعدة قطر في تطوير مشاريع غاز جديدة، على الرغم من استمرار الأزمة في منطقة الخليج والضغوط الواقعة على الشركات للاختيار بين قطر وجيرانها.