يوماً بعد يوم تتكشف أمام المواطن الكويتي وقائع ومعلومات ومؤشرات تؤكد بالملموس الحقيقة المرة، التي لا تحتاج إلى إثبات عن تردي الأوضاع العامة في البلاد، وذلك على نحو متسارع.

فهاهي المعلومات والأخبار تتواتر وتنشر عن تآكل الاحتياطي المالي العام للدولة وانخفاضه المخيف من ٢١ مليار دينار إلى ٧ مليارات دينار، وذلك نتيجة سوء الإدارة المالية للدولة وماتتعرض له مقدرات البلاد من هدر ونهب دون حسيب أو رقيب في ظل مجلس أمة مرتهن الإرادة لمراكز القوى وعاجز عن ممارسة مسؤولياته الرقابية ... مروراً بمظاهر السلوك الاستفزازي للنواب القبيضة الذين يعقدون صفقات عقارية بعشرات ملايين الدنانير، وهي جزء مما حصلوا عليه بدون أي وجه حق من أموال عبر العطايا والهبات التي قدمتها لهم مراكز النفوذ في السلطة من المال العام الذي يتعرض للنهب المستمر... وصولاً إلى ما تم كشفه مؤخراً من أن الحكومة رغم كل ادعاءاتها لم تصرف فلساً واحداً على نحو ٨٣ مشروعاً من بين ١٣٥ مشروعاً وردت  ضمن ما يسمى "خطة التنمية السنوية" الحالية، ما يثير التساؤلات حول جدية الحكومة في تنفيذ ما تعلنه من مشروعات... وانتهاءً بتدهور البنية التحتية للشوراع ومجاري مياه الأمطار جراء سوء التنفيذ والتنفيع في مناقصات وعقود المشروعات الحكومية، التي كشفتها مشكلة عدم تصريف مياه الأمطار في العام الماضي، وهي وفق التقديرات المنشورة قابلة للتكرار مرة أخرى هذا العام وتحديداً احتمال تكرار الكارثة التي تعرضت لها مدينة صباح الأحمد، وفي هذا السياق جاءت آخر فضائح سوء تنفيذ المشروعات الحكومية في انهيار جزء من اسفلت الطريق الدائري السادس.

 إن هذا مجرد غيض من فيض من تردي الأوضاع العامة في البلاد، في الوقت الذي تشتد فيه معاناة المواطن البسيط من سوء الخدمات العامة وتدني مستوى التعليم وتفاقم مشكلات السكن وارتفاع الايجارات والغلاء وزيادة تكاليف المعيشة وبروز مشكلة البطالة، بالإضافة إلى ما يعانيه المقترضون المعسرون من الملاحقين قضائياً والممنوعين من السفر، هذا ناهيك عما يعانيه الكويتيون البدون من ضغوط جراء تجاهل حل قضيتهم رغم الوعود الرسمية بتقديم حل متوافق عليه حكومياً ونيابياً خلال الصيف، الذي انقضى من دون تقديم الحل الحكومي النيابي الموعود.

وعندما نؤشر إلى سوء الإدارة السياسية والاقتصادية للدولة، ونحمّل الحكومة المسؤولية الأولى عنها، فإننا نحمّل مجلس الأمة المسؤولية التي يفترض أن يتحملها جراء تقاعس النواب عن القيام بواجباتهم الدستورية، وإلى جانب ذلك لا يمكننا أن نتجاهل العواقب السيئة على الوضعين الحكومي والنيابي، بل على مجمل الوضع العام في البلاد وذلك بسبب التنافس المحتدم بين مراكز النفوذ داخل السلطة والحلف الطبقي الرأسمالي المسيطر.

 لقد آن الأوان أكثر من أي وقت مضى لوضع حد لهذا التردي للأوضاع العامة في البلاد، وهذا ما يتطلب تنفيذ الخطوات التالية:

 ١- إحداث حالة إنفراج سياسي في البلاد عبر العفو عن جميع المحكومين والمحبوسين والملاحقين في القضايا السياسية وقضايا الرأي والتجمعات، واستكمال إغلاق الملف سيئ الذكر لسحب الجناسي لأسباب سياسية، ووقف التضييق على الحريات الديمقراطية.

٢- تشكيل حكومة ذات نهج إصلاحي وتضم رجال دولة من ذوي الرأي والقرار بحيث تكون هذه الحكومة قادرة على مكافحة النهب والفساد فعلاً لا قولاً؛ وتصحيح المسار؛ وحل المشكلات المزمنة والمتفاقمة؛ ووقف حالة التردي المتواصل، والنهوض بالبلاد عبر خطة تنموية بديلة وعادلة اجتماعياً.

٣- وضع قانون انتخابات ديمقراطي يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء.

٤- الإسراع في اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين أحوال معيشة المواطنين البسطاء والتخفيف من معاناتهم.

 

الكويت في ٥ أكتوبر ٢٠١٩