رشيد غويلب

بعد وصول مفاوضات تشكيل الحكومة الاسبانية الى طريق مسدود، واتخاذ قرار الذهاب الى انتخابات برلمانية مبكرة جديد، في العاشر من تشرين الثاني المقبل، هي الرابعة متذ عام 2016 .تعيش الساحة السياسية في البلاد مأزقا حقيقيا فرض التوجه الى اصطفافات سياسية جديدة، وحراك في التحالفات الانتخابية قائم على التشظي داخل المعسكرات السياسية المتنافسة، ولكن يبدو ان قوى اليسار الاسباني هي صاحبة النصيب الاكبر من الضررالمترتب على ما يدور.

لقد فشل الحزب الاشتراكي، وهو حزب ديمقراطي اجتماعي في الوصول الى صيغة مشتركة مع اليسار لتشكيل الحكومة، نتيجة مطالبة زعيمة كتلة اليسار بتقديم الدعم، دون مشاركة فعلية في الطاقم الحكومي، واصرار الاخيرة على مشاركة فعلية والحصول على مقاعد وزارية مؤثرة تتيح لها التاثير المباشر في صنع القرار الحكومي. وكان بالإمكان الوصول الى اتفاق الاستفادة من دعم اليسار القومي الكتالوني على ارضية حرمان  اليمين المحافظ والمتطرف من امكانية تشكيل الحكومة.

زعيم الحزب الشيوعي الاسباني، وعضو كتلة اليسار البرلمانية انريكو سانتياغو  قال في تصريح لمحطة تلفزيون محلية قال، ان الحزب الاشتراكي  "غير مهتم على الإطلاق" بالوصول الى حل وسط مع اليسار. وبالنسبة لزعيمه  سانشيز ، كانت "كل الأعذار" جيدة بما يكفي لمنع حكومة ذات توجه يساري. واننا "لن نلقي بملايين الأصوات في برميل القمامة للتسيق مع اليمين".

 حراك جديد ولكن

 ان الحراك السياسي والانتخابي الدائر يجري بالضد من مشروع اليسار المشترك، فحزب بودوموس اليساري يتعرض هذه الايام الى انشقاق، تعود جذوره الى الصراع الذي شهدة مؤتمره الثاني في شباط 2017  بين زعيم الحزب بابلو اغناسياس والسكرتير التنظيمي السابق للحزب انريغو خوان، وسبق لخوان ان عارض عمل بودوموس المشترك مع اليسار الاسباني المتحد، الذي يشكل الشيوعي الاسباني قوته الرئيسة، واعلن خوان اخيرا انشقاقه عن الحزب وتأسيس حزب جديد حمل اسم "ماس بياس" (مزيدا للبلاد)، وانه سيدخل الانتخابات، وسيدعم تشكيل حكومة تقدمية، اي مساعدة الحزب الاشتراكي حيث يمكن تحقيق اغلبية. ولم يقدم خوان مزيدا من التفصيلات، فالحزب الجديد ليس لديه برنامج مقر. ويتهم خوان وحزبه كتلة اليسار باعاقة تشكيل حكومة بزعامة الاشتراكي سانشيز.

من جانبه وصف زعيم الحزب الشيوعي، في الحفل السنوي للحزب الذي اقيم في احدى ضواحي العاصمة مدريد، الانشقاق الجديد، بمحاولة لتدمير وحدة اليسار. وان كتلة اليسار لاتزال تمثل"الأداة الأكثر فعالية ضد سياسة الإقصاء االليبرالية الجديدة".

وبالمقابل سينظم حزب الخضر، الذي يملك مقعدا واحدا في كتلة اليسار، استفتاء يهدف للتحالف مع الحزب الجديد بزعامة انريغو خوان. لكن يان خوزيه ممثل الخضر في البرلمان، وعدد من قياديي حزب الخضر، فضلوا مغادرة حزبهم والبقاء في إطار كتلة اليسار. وفي ولاية الاندلس عبر قادة كتلة اليسار عن رفضهم الانشقاق لقناعتهم بعد نجاحه في تحقيق الافضل.

وفي ولاية كتالونيا التي يتمتع فيها اليسار القومي، الداعي لاستقلال الولاية عن الدولة الاسبانية، باغلبية كبيرة، كان هناك حراك من نوع آخر،  تمثل في توجه حزب "ترشيح من اجل الجبهة الشعبية" المعادي للراسمالية، الى المشاركة هذه المرة في الانتخابات الوطنية الاسبانية، سعيا من الحزب الى التحول الى صوت مدافع عن الملاحقيين سياسيا وقضائيا، من قبل الحكومة المركزية، في البرلمان الوطني في العاصمة مدريد.

وفي معسكر اليمين المحافظ يتوقع ان يحقق حزب الشعب المحافظ مكاسب على حساب حزب "المواطنين" اليميني الليبرالي الصاعد، بعد ان فشلت جهود المحافظين في تشكيل تحالف مع الاخير وحزب الشعب اليميني المتطرف (فاشيون جدد) الذي نجح في آخر انتخابات في الدخول لاول مره الى البرلمان الاسباني.. ويعود فشل مساعي المحافظين الى رفض الآخرين التعاون معهم، بسبب ملفات الفساد التي تلاحقهم ، والتي كانت وراء هزائمهم الانتخابية المتلاحقة.

وعلى الرغم من كل ما تقدم فان نتائج انتخابات تشرين الثاني المقبل سترسم لوحة سياسية جديدة تجيب على الكثير من الاسئلة.