نشرت بعض الصحف خبراً عن تكليف حكومي لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أنس الصالح بإعداد مشروع قانون جديد خاص بالجرائم الإلكترونية تحت غطاء التصدي لما أصبح يُطلق عليه "حسابات الفتنة"، التي تتطلب مجابهتها أن  تكون هناك شفافية ووضوح في أخبار وتصريحات الإعلام الرسمي بحيث تساعد على دحض ما يتم ترويجه من شائعات مغرضة وأخبار كاذبة، وليس الحل في تشريع المزيد من القوانين المتشددة، التي يجري تطبيقها بانتقائية.

 ونحن في الحركة التقدمية الكويتية نرى أن هناك الآن ترسانة ضخمة من القوانين ذات الصلة، وهي قوانين تتضمن عقوبات مشددة وتنطوي على قيود ثقيلة تحد من حرية النشر الإلكتروني، ومن بين هذه القوانين: القانون رقم ٢٠ لسنة ٢٠١٤ في شأن المعاملات الإلكترونية، والقانون رقم ٣٧ لسنة ٢٠١٤ بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، والقانون رقم ٦٣ لسنة ٢٠١٥ في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والقانون ٨ لسنة ٢٠١٦ بتنظيم الإعلام الإلكتروني، وليس هناك من مبرر جدي لتشريع قانون جديد يضاف إليها... هذا ناهيك عن عشرات الأحكام بالحبس التي طالت عشرات المغردين وأصحاب حسابات التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تراجع منسوب الحريات الإعلامية في الكويت على نحو خطير حيث تراجع ترتيب الكويت في مؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" العالمية بنحو ثلاثين مرتبة وذلك من المرتبة ٧٨  في العام ٢٠١١ إلى المرتبة ١٠٨ في العام الحالي.

 ولعلنا لا نتجنى على الحقيقة عندما نعلن أنه على ضوء النهج الحكومي بل والنيابي المناهض للحريات فإنّ خشيتنا مبررة من أن يأتي مشروع القانون الحكومي الجديد ليسهم في التضييق أكثر فأكثر على حرية النشر الإلكتروني، وبالتالي على حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الحصول على المعلومات، وذلك تحت ذريعة محاربة ما يسمى "حسابات الفتنة" أو غيرها من الذرائع، التي لا تتوانى السلطة والقوى المناهضة للحرية عن استغلالها لتقييد الحريات الديمقراطية.

 الكويت في ٢٧ أغسطس ٢٠١٩