طريق الشعب
هناك قضية رئيسة تسيطر على الساحة السياسية في اسرائيل: هل سيحتفظ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على منصبه بعد الانتخابات أم لا؟. وتجري مناقشة هذا السؤال في ظل تصاعد الصراعات في منطقة الشرق الاوسط، وخصوصا التصعيد المستمر في الصراع الامريكي – الايراني، وتزايد مخاطر شن حرب امريكية جديدة على المنطقة. وكذلك تستمر الممارسات العنصرية المنظمة لسلطة الاحتلال الاسرائيلية ضد الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، ويأتي قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ايقاف العمل بجميع الاتفاقات مع إسرائيل، ليمثل خطوة نوعية جديدة في هذا السياق.
وبينما ينشر الباحثون باستمرار ارقاما دراماتيكية حول تكاليف المعيشة ومعدلات الفقر في اسرائيل، تبدأ حملة انتخابية في مشهد سياسي متصدع وفقير بموضوعاته. ويعلق رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، ووزير الدفاع السابق، ورئيس الأركان الاسبق، والمرشح الأول "للحزب الديمقراطي الإسرائيلي"، الذي أسسه قبل بضعة أسابيع. إيهود باراك على هذا الواقع بالقول"يفكر المرء احيانا في مدى قدرته على التحمل حتى يوم الاقتراع قبل ان يقتله الضجر". والمعروف ان ظاهرة تأسيس الاحزاب الجديدة، وحدوث انتقالات سريعة ومفاجئة، تلازم الحياة السياسية في اسرائيل.
وبدا قادة "الاتحاد الديمقراطي"، وهو تحالف انتخابي جديد، تصفه الصحافة الأوربية بـ "اليساري"، وقد تم الإعلان عن تشكيله صباح الخميس الفائت، بعد اتفاق ثلاثة قوى هي:"ميرتس" و"إسرائيل الديمقراطية"، بالشراكة مع ستاف شافير، المنسحبة من حزب "العمل"، واثقين من قدرتهم على "تغيير السياسية الإسرائيلية"، بما في ذلك "إسقاط حكم الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو". ويضيفون الى ذلك امكانية تغيير اجتماعي، يصفونه بانه جذري. وأكدوا سعيهم الى الغاء قانون القومية العنصري، والذي يكرس اسرائيل كدولة فصل عنصري بامتياز.
في حين قالت شافير التي وصفت بأنها المحرك الذي قاد إلى توحيد الأطراف بعد انفصالها عن حزب "العمل"، "لقد اتخذنا جميعًا قرارات صعبة لكي نكون هنا اليوم، حزب العمل هو بيتي الأيديولوجي، كان بإمكاني الترشح في المقعد الثاني على قائمة الحزب وأستريح وأعدد إنجازاتي وانتظر الانتخابات، لكن البيت يحترق (في إشارة إلى حزب "العمل")، نخرج معًا لإطفاء الحريق وإعادة بنائه من جديد"، ويعكس التصريح الازمة العميقة التي تفتت حزب العمل، الذي تبادل مع اليمين الصهيوني المتطرف رئاسة العديد من الحكومات منذ تأسيس دولة اسرائيل. ولم تنس شافير تأكيد حرصها على الحلم الصهيوني، داعية في الوقت نفسه الفلسطنييين الى التعامل مع قوى تحالفها كأصدقاء.
وتشير معلومات إلى أن القيادي في حزب "العمل"، إيتسيك شمولي، مرشح للانضمام إلى التحالف والانشقاق عن "العمل"، حيث عبّر في مقابلة أجراها، أنه غير ملتزم بعدم الانسحاب من الحزب، ووجه انتقادات حادة إلى رئيس حزب العمل الذي آثر التحالف مع قوى صهيونية متشددة.
واعتبر شمولي أن بيرتس يقود العمل في طريق خاطئ وعليه العثور على طريق جديد. واعتبر أن بيرتس فضل عدم المخاطرة، واختار أن يخوض الانتخابات بقائمة توازنات بين اليمين واليسار، مع التخلي عن لعب دور البديل الحقيقي في مواجهة معسكر اليمين بقيادة نتنياهو. ومن الجدير بالذكر ان اتفاق التحالف قد اغلق الباب امام امكانية الاشتراك في حكومة يمينية.

قائمة موحدة

ويأتي الاعلان عن انطلاق العمل المشترك للأحزاب الأربعة في القائمة المشتركة، ليمثل بارقة امل جديدة لتعزيز صوت قوى التحرر والديمقراطية. وبدا بالفعل اعداد القائمة الكاملة التي ستضم 120 شخصية، لتقديمها للجنة الانتخابات المركزية، في يومي الأربعاء والخميس المقبلين. وبموازاة ذلك سيتم تشكيل لجان العمل المختلفة، للانطلاق في أوسع حملة إعلامية لكسب الالتفاف الجماهيري حول القائمة. وكانت اللجنة المركزية لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" قد أقرت في ساعة متأخرة من مساء الأحد، الانضمام الى القائمة المشتركة
وانتشرت أجواء التفاؤل والارتياح في شبكات التواصل، وبشكل خاص في شبكة الفيسبوك، في اعقاب اكتمال تركيبة القائمة المشتركة. ما يبعث على رفع التقديرات لما ستحقق القائمة المشتركة من نصر كبير، يزيد من تمثيل الجماهير العربية والقوى التقدمية اليهودية في الكنيست، بما يمكن أن يحاصر أكثر اليمين واليمين الاستيطاني.
وكانت اللجنة المركزية لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" قد أقرت، الانضمام للقائمة المشتركة، بعد أن كانت القوى الثلاث للجبهة الديمقراطية، التي تضم الحزب الشيوعي الاسرائيلي، والقائمة الموحدة (الحركة الإسلامية) والحركة العربية للتغيير، قد أعلنت تشكل القائمة المشتركة في مؤتمر صحفي عقد يوم السبت الفائت، مع إبقاء الباب مفتوحا أمام التجمع.