طريق الشعب

في مدينة بورفو، التاريخية، ( شهدت جلسات اول برلمان فنلندي عام ١٨٠٩ بعد تمتعها بالحكم الذاتي في زمن الحكم القصيري الروسي) ، الواقعة حوالي60    كم شمال شرق العاصمة هلسنكي، ولليومين  15- 14 حزيران الجاري، وتحت شعار (اليوم هو الوقت المناسب - الوقت والمكان المناسبان للتعاون والتقدم) عقد الحزب الشيوعي الفنلندي مؤتمره الدوري، الذي يعقد كل ثلاث سنوات مرة، بمساهمة 68 مندوبا و 10 مراقبين وبحضور ضيوف ممثلين من 12 حزبا شيوعيا ويساريا ، منهم الحزب الشيوعي العراقي الذي مثله الرفيق يوسف أبو الفوز من منظمة الحزب في فنلندا . وكان من ضمن الضيوف سفراء بعض البلدان. تلقى المؤتمر برقيات ورسائل تهنئة من العديد من الاحزاب الشيوعية واليسارية، ومنها رسالة تهنئة من اللجنة لحزبنا الشيوعي العراقي.

وبعد ان تم إقرار شرعية المؤتمر وثم أنتخاب هيئة الرئاسة وبقية اللجان العاملة، تم تشكيل وإقرار لجان ورش العمل المقترحة لمناقشة وثائق المؤتمر، والتي روعي في تشكيلها ان تضم في عضويتها مندوبين ممثلين عن مختلف المدن الفنلندية، ودعي لحضورها والمساهمة في النقاش خبراء ومختصون من أصدقاء الحزب من الشخصيات الاكاديمية المعروفة.

أفتتح الرفيق يوها ــ بيكا فايسانين، رئيس الحزب، جلسات المؤتمر باستعراض التقرير السياسي الذي أشار الى انه في السنوات الثلاث الماضية حدثت تغيرات عديدة في العالم وفنلندا، وانه لمواجهة الرأسمالية، يجد ان هناك حاجة الى جمع مختلف القوى التقدمية والديمقراطية للعمل الجاد لأجل تغيير جذري في العمل ضد السياسات الرأسمالية والعنصرية والفاشية وانتهاك حقوق الفقراء وذوي الدخل المحدود، وضد الحرب والعسكرة ولأجل تحسين ظروف عمل العمال. وبين ان الحزب الشيوعي الفنلندي مستعد للتعاون مع قوى اليسار ضد سياسات التقشف ولأجل السلام ليس في فنلندا فقط بل وعلى نطاق عالمي. واضاف الى ان نشاط الحزب الشيوعي الفنلندي ضد سياسات حكومة اليمين السابقة، ساهم في التغيير في الانتخابات وفوز عديد من أحزاب اليسار التي شكلت الحكومة الحالية،  لكن التقرير اكد تحفظات الحزب الشيوعي الفنلندي على مشاركة حزب الوسط في الحكومة حيث يمثل سياسية البرجوازيين الليبراليين الجدد ، ومخاطر ذلك تتبين من توليه وزارة المالية ( حسب العرف في فنلندا وزير المالية عادة يتولى موقع نائب رئيس الوزراء ـ المحرر) ، وحيث لا تزال خطوط السياسة الخارجية مرتبطة بسياسات الاتحاد الاوربي ، فيما يخص عسكرة البرامج وترك الباب مفتوحا في العلاقة مع حلف الناتو. وتناولت عموم وثائق المؤتمر التحديات الرئيسية في المستقبل؛ إلغاء الهيكل والنموذج الاجتماعي الرأسمالي، ومكافحة الأزمة البيئية، والعنصرية، والفاشية والفقر، وكذلك تعزيز سياسة السلام، وتعزيز المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية. وشهدت قاعة المؤتمر، ولمدة يوميين متتاليين، سجالات ومناقشات بأجواء ديمقراطية مسؤولة وثم تم إقرار التقرير السياسي واوراق العمل التي غطت مختلف مجالات عمل الحزب الفكرية والسياسة والاجتماعية.   

وقوبلت رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الى المؤتمر، التي تلاها الرفيق يوسف أبو الفوز بعاصفة من التصفيق والترحيب، وحملت الرسالة الى المؤتمر التحيات من الشيوعيين العراقيين والامنيات بنجاح المؤتمر والثقة بأنه سيعزز من دور ونفوذ الحزب الشيوعي الفنلندي، الذي يواجه تحديات محلية وعالمية عديدة، وان المؤتمر سيساهم في رسم استراتيجيات لمكافحة سياسات احزاب اليمين والليبرالية الجديدة ومقاومة الهجمات على حقوق العمال التي أدت إلى تخفيضات شديدة في الضمان الاجتماعي والخدمات المحلية. وأشارت الرسالة الى إن هذه المعركة التي يقوم بها الشيوعيون الفنلنديون من أجل فنلندا أخرى، أوروبا العمالية وعالم أفضل، مرتبطة بشكل وثيق بالكفاح، إلى جانب قوى يسارية ـوخضراء يسارية وتقدمية في بلدان الشمال الأوروبي الأخرى وفي أوروبا ضد الحروب الإمبريالية والفاشية والعنصرية وضد تغير المناخ الذي يجبر الناس على الهجرة من أوطانهم.

وأكدت الرسالة انه في هذا الصدد، من الأهمية بمكان مواصلة تطوير وتعزيز التضامن الدولي ضد سياسات دعاة الحروب الإمبريالية، وتقديم دعم حقيقي للنضال المستمر في جميع أنحاء العالم من أجل السلام والحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، وكذلك تعزيز الأفكار الاشتراكية وأهداف. واوضحت رسالة التحية دور الشيوعيين العراقيين في نضالهم في ظل ظروف صعبة ومعقدة، لوضع حد لنظام المحاصصة الإثنية الطائفية الذي تم تثبيته بعد الحرب الأمريكية، وغزو العراق واحتلاله قبل 16 عامًا، حيث لا تزال البلاد تعاني من عواقب أزمة سياسية هيكلية عميقة مستمرة، مع تفشي الفساد.

وبينت الرسالة بان الحزب الشيوعي العراقي وحلفائه، يدعون إلى إصلاحات سياسية عميقة، للتخلي عن نظام الحصص الإثنية الطائفية والعمل على إقامة دولة قائمة على مبدأ المواطنة والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية. وختمت الرسالة بان الشيوعيون العراقيون ومؤيدوهم يواصلون المشاركة النشطة في حركة الاحتجاج الجماهيرية ضد الفساد والسياسة الطائفية التي بدأت في صيف عام 2015. وفي هذا الصراع الصعب وفي ظل الظروف المعقدة الحالية، يتطلعون إلى دعم أوسع وتضامن دولي مع الشعب العراقي وقواته الديمقراطية، بما في ذلك حزبنا الشيوعي، في الحرب على هزيمة الإرهاب والطائفية السياسية، ومكافحة الفساد، وتحقيق الوحدة الوطنية والسلام، وبناء دولة ديمقراطية مدنية تقوم على العدالة الاجتماعية.

وفي اخر جلسات المؤتمر تم اعلان انتخاب اللجنة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي الفنلندي، التي روعي فيها التنوع الجغرافي لتغطي عموم البلاد، والمكونة من 35 عضوا ونسبة تقارب النصف منهم من الشباب وأعضاء جدد. وانتخب المؤتمر سكرتيرا عاما جديدا للحزب هوالرفيقة تينا ساندبيرغ ( 56عاما )بستانية ، بينما احتفظ الرفيق الفنان يوها ــ بيكا فايسانين (53 عاما) بمهمة رئيس الحزب ، وانتخب نائبان للرئيس الاول الرفيق ميغيل لوبيز (58 عاما) مدرس جامعي من أصول فنزويلية، والرفيقة ليزا تاسكنين (67 عاما) وتعمل طبيبة.

 وعلى هامش اعمال المؤتمر قام ممثل الحزب الشيوعي العراقي باللقاء مع وفود الاحزاب الشيوعية للحديث عن ظروف عمل الحزب ونضاله الدؤوب ، وتم توزيع بشكل واسع للضيوف وغالبية المندوبين باللغة الانكليزية، ملف ضم رسالة اللجنة المركزية إضافة الى مجموعة من أخر بيانات الحزب الصادرة ، بخصوص الاعتداءات الغادرة على مقرات الحزب، التضامن مع الشعب السوداني، التهديدات الامريكية بالاعتداء على الجدارة ايران ، ومن الوفود التي تم اللقاء بها الحزب الشيوعي في فنزيلا، الحزب الشيوعي الايراني، حزب اليسار في المملكة المتحدة، الحزب الشيوعي الألماني، السفير الكوبي الى فنلندا، السفير الفلسطيني في فنلندا، واضافة الى ممثلي العديد من منظمات المجتمع المدني الفنلندية.