يعاني قرابة 3 ملايين مواطن مغربي من الفقر، وحسب بيانات رسمية، يعيش 2.4 مليون منهم في الأرياف ونحو نصف مليون في المدن. ويرى مراقبون أن أغلب البرامج الاجتماعية فشلت في تقليص الفوارق الطبقية ومحاصرة أحزمة الفقر والهشاشة في البلاد.

وأعلنت الحكومة المغربية رسميا عن خطوة عملية في خطتها لتوزيع الدعم المالي المباشر على فقراء المملكة وتحسين مردودية برامجها الاجتماعية، إذ صادقت على مشروع قانون يتعلق بـ"منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي".

ويهدف هذا القانون الذي ينتظر إحالته إلى البرلمان بغرفتيه، إلى "وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي الذي تشرف عليها الهيئات العمومية".

وتعتمد المنظومة على إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل وطني للسكان يكون الغرض منهما "تحديد الفئات المستهدفة من أجل تمكينها من الاستفادة من البرامج المذكورة"، حسب ما جاء في القانون.

وباعتماد السجل الاجتماعي الموحد، ستتم معالجة المعطيات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالأسر بطريقة إلكترونية من خلال تسجيلها وحفظها وتعديلها، كما سيتم وضع سلم معايير للأسر بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها الاجتماعية والاقتصادية، وفق صيغة حسابية.

وسيتم أيضا إعداد القوائم الاسمية للأسر متضمنة نتائج المعايير الخاصة بكل أسرة، ورقما تعريفيا خاصا بكل فرد من أفرادها، وأيضا المعطيات المتعلقة به للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي وفقا للسلم المحدد لكل برنامج.

نظام جديد وفعال

ويقول الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي إن المغرب أطلق خلال السنوات الماضية ما يزيد على 120 برنامجا اجتماعيا بميزانيات ضخمة، بيد أن غياب التنسيق أدى إلى عدم وصول الدعم إلى مستحقيه.

وحسب الخلفي، جاء التفكير منذ 2014 في إرساء نظام جديد للدعم الاجتماعي ليتبلور هذا الإصلاح في إطار قانون صادقت عليه الحكومة.

ويوضح الوزير أن إحداث سجل للسكان سيسمح بالتعرف على المعطيات الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بجميع المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين في المغرب، ومنه سيتم إعداد سجل اجتماعي موحد تشرف عليه مؤسسة خاصة أطلق عليها "الوكالة الوطنية للسجلات".

وسيمكن هذا السجل الاجتماعي الموحد -كما يشرح المسؤول الحكومي- من التعرف بدقة على مستحقي الدعم الاجتماعي، مما سيمكن الحكومة من إيصاله إليهم مباشرة، وتأسيس نظام جديد يتيح تنسيق برامج الدعم ويوفر آلية لمحاربة الفوارق الاجتماعية بشكل فعال وكبير.

مرحلة تجريبية

وحسب الوزير، فإن المرحلة التجريبية لهذا النظام الجديد ستبدأ قبل نهاية 2019 في إحدى جهات المملكة، لتنتقل الحكومة بعدها إلى تعميمه على باقي الجهات. ويتابع أن الحكومة تعمل في المجال الاجتماعي وفق مسارين، أولهما إطلاق إصلاحات استعجالية لمواجهة الخصاصة الاجتماعية ودعم الفئات الهشة عبر تعميم بعض البرامج الاجتماعية. ومن بين هذه البرامج نظام تيسير لدعم التلاميذ في القرى والمدن بعد أن تضاعفت ميزانيته أربع مرات، وتعزيز نظام دعم الأرامل لتستفيد منه أكثر من 90 ألف أرملة، ونظام المنح الجامعية، والزيادة في ميزانية صندوق الحفاظ على استقرار أسعار المواد الأساسية. وبموازاة هذه الإجراءات الاستعجالية سينطلق إصلاح منظومة الاستهداف، الذي يرى الخلفي أنه سيشكل "نقلة نوعية في مجال الدعم الاجتماعي للفئات الهشة والفقيرة".

شروط النجاح

في المقابل، يرى الباحث في السياسات العمومية نوفل الناصري أن نجاح هذه الخطة الحكومية لدعم الفقراء يبقى رهين إرادة سياسية حقيقية وتضافر جهود جميع المعنيين بتنفيذها.

وأضاف أن الدعم المالي المباشر الموجه للفئات الفقيرة والهشة ينبغي أن يكون مشروطا بالتعليم والصحة.

ويتحدث الناصري عن شروط ستكون في نظره كفيلة بإنجاح السجل الاجتماعي الموحد، ومنها الضبط الدقيق للنظام المعلوماتي المندمج، وأن تكون الوكالة مسؤولة عنه تحت إشراف رئيس الحكومة بوصفه السلطة الثانية في البلاد، لأن استحواذ قطاع حكومي معين على هذا الملف قد يؤدي -بحسبه-إلى استغلاله في أمور سياسية.

وطالب المتحدث الحكومة بأن تضع معايير استفادة تستوعب الفئات المتوسطة والدنيا أيضا وليس الفئات الفقيرة والمهمشة فقط، مشيرا إلى ضرورة استهداف الفئات المتوسطة ببرامج اجتماعية خاصة باعتبارها صمام الأمان والمحرك الحقيقي للاستهلاك الوطني.

وأكد الخبير الاقتصادي على أهمية وضع آليات لمواكبة الأسر الفقيرة المستفيدة من الدعم المالي المباشر لمعرفة ما إذا كان له أثر في تحسين ظروفها الاجتماعية ومستواهم المعيشي.

وقال إنه "إذا تم توزيع الدعم المالي المباشر على الفقراء وتبين بعد مدة أن الفقير يبقى فقيرا، فهذا يعني أن هناك مشكلة، وبالتالي يجب تغيير المقاربة أو الرفع من مبلغ الدعم".