ناصر حسين
قبل الدخول الى سياسة الحزب في مجال التحالفات من المفيد الرجوع الى موقف لينين منها .
لينين كان دقيقاً في تحديد المرحلة الاجتماعية المعينة، سمات المرحلة، وعلى ضوء ذلك تحديد الطبقات الماسكة بزمام السلطة والطبقات صاحبة المصلحة في اجراء التغيير، والتناقضات الطبقية في اللحظة التاريخية المعينة ومنها تحديد التحالفات الطبقية مع من يكون التحالف الطبقي؟ وما هي اهداف النضال الطبقي والنتائج المطلوبة ؟ وتبعاً لذلك تحديد التحالفات السياسية المطلوب الدخول فيها فالتوافق السياسي هو تجسيد لإلتقاء المصالح الطبقية.
ومن هذا المنطلق نجد ان لينين في مؤلفه خطتا الاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية اكد انه ((ينبغي على البروليتاريا ان تقوم بالانقلاب الديمقراطي الى النهاية بان تضم اليها جماهير الفلاحين لسحق مقاومة الاوتوقراطية بالقوة وشل تذبذب البرجوازية وينبغي على البروليتاريا ان تقوم بالانقلاب الاشتراكي بان تضم اليها جماهير العناصر نصف البروليتاريا من السكان لسحق مقاومة البرجوازية بالقوة وشل تذبذب الفلاحين والبرجوازية الصغيرة. وفي ترجمة اخرى ورد ان البروليتاريا تقوم بالانقلاب الاشتراكي بالتحالف مع الفلاحين الفقراء وبالضد من الفلاحين الاغنياء وبتحييد الفلاح المتوسط)).
هذا الطرح كان عام 1905 وهو طرح نظري تجريدي بالارتباط مع ارهاصات ثورة عام 1905 في روسيا القيصرية. وكماركسي اصيل ومناضل ثوري حقيقي لم يكن بامكانه تجاهل منطق الحياة الموضوعي الذي اشار له ماركس وهو يتحدث عن تجربة كومونة باريس، اذ قال ان الحياة تفرض على الاحزاب والمناضلين ان يقدموا على خطوات تتعارض مع افكارهم وما يؤمنون به، فتجاوز ماكتبه عام 1905 انطلاقاً من معطيات الواقع الموضوعي عشية ثورة اكتوبر عام 1917، اذ اكد ان ثورة اكتوبر بدأت فعلاً بالانتفاضات الفلاحية في عموم روسيا ضد سلطة النبلاء، لان حكومة الكاديت ومن بعدها حكومة كيرنسكي لم تحقق السلام وتنسحب من الحرب العالمية الاولى ولم توفر الخبز للمواطنين ولم تعط الارض للفلاحين وان انتفاضة جماهير العاصمة مساء 6 /7 تشرين الثاني واعتقال الحكومة المؤقتة والسيطرة على القصر الشتوي للقياصرة وتسلم البلاشفة للسلطة لم تكن الا تتويجاً لكل تلك الانتفاضات التي اشترك فيها حتى الفلاحون الاغنياء واعتبر ذلك من اخص خصوصيات ثورة اكتوبر وحذر من تعميم ذلك لان التجارب لا يمكن ان تستنسخ وان لكل بلد طريقه الخاص به تبعاً لخصوصية ظروفه الموضوعية.
وهل برع في سياسة التحالفات لينين لوحده ؟ ان ما اقدم عليه القائد الفيتنامي الكبير هوشي مينه من صياغة للتحالفات ايام الانتفاضة في العاصمة هانوي اثر الحرب العالمية الثانية درس رائع للمناضلين، وقد كتب عن ذلك وبالتفصيل الجنرال جياب في مؤلفه المعنون ((ايام لا تنسى )) وبالمختصر : استعان بالقوات الصينية المتواجدة على الاراضي الفيتنامية لطرد القوات اليابانية التي كانت تحتل فيتنام، وعندما اخذت القوات الصينية تتصرف كقوات احتلال استعان بالفرنسيين لأخراجها من فيتنام ولطرد القوات الفرنسية انسحب من القصر الجمهوري هو وجياب وباقي الكوادر الى اعماق الريف ليتزعم المقاومة البطولية ضد تلك القوات التي تكللت بالنصر الباهر عليها في معركة "ديان بيان فو" الشهيرة وعاد الى القصر الجمهوري ليقود عملية بناء فيتنام الشمالية ويوفر الدعم الكامل لثورة الشعب في فيتنام الجنوبية ضد حكم الجنرالات خدم الاميركان والانتصار عليهم جميعاً واعاد توحيد شطري فيتنام.
لدينا في الحزب الشيوعي العراقي، ان الحزب تبنى وبتوجيه من الشهيد الخالد مؤسس الحزب يوسف سلمان يوسف ((فهد)) سياسة التحالفات وخير شاهد على ذلك مؤلف الشهيد حسين محمد الشبيبي حول الجبهة الوطنية.
الشهيد فهد وهو في سجن الكوت عام 1948 ايام وثبة كانون الثاني الخالدة وهو يكتب الى قيادة الحزب في بغداد موجهاً لها كان يؤكد على ايجاد التحالفات الميدانية ويوصي بالاتصال بالاحزاب السياسية الوطنية وتقديم المقترحات لها حول سير الاحداث وتوجيه الجماهير والاستفادة من علنيتها، وخصوصا فيما يتعلق بالحزبين الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال، من يعود الى مؤلف الشهيد الشبيبي يجد فيه التركيز على الجذر الطبقي لسياسة التحالفات التي يتبعها الحزب، وان تلك السياسة لم تكن تعبيراً عن ارادات ذاتية بل هي سياسة تفرضها الظروف الموضوعية التي يمر بها البلد والمصالح الطبقية للجماهير الكادحة التي تجد التعبير عنها في النداء الشهير الذي اطلقه مؤسسا الماركسية كارل ماركس وفردريك انجلز في البيان الشيوعي الاول عام 1848 ((يا عمال العالم اتحدوا)) والذي وجد التطوير اللاحق له ليصبح ((يا عمال العالم وكادحيه اتحدوا)).
عام 1948 ايام الوثبة، خاضت الجماهير منازلتها الكبرى للنظام بقيادة اللجنة الميدانية التي شكلت من ممثلين عن الأحزاب الوطنية وحققت نصرها الباهر على النظام بإسقاط حكومة صالح جبر والحيلولة دون التوقيع النهائي على معاهدة بورتسموث التي كان صالح جبر قد وقع عليها بالاحرف الاولى في ميناء بورتسموث وعاد الى بغداد ليرتكب اكبر مجزرة من مجازر ايام الوثبة، مجزرة جسر الشهداء وتفرض عليه الاستقالة والمغادرة الى جهة مجهولة هو والمقبور نوري السعيد، وبعد النصر الذي تحقق حافظ الحزب على نهجه التحالفي وتجسد ذلك في مؤتمر ساحة السباع اذ شكلت قيادة اتحاد الطلبة على اساس التحالفات الجبهوية وليس الاستئثار بالقيادة وروحية الحزبية الضيقة. كانت المرحلة مرحلة تحرر وطني، التناقض الرئيس فيها هو التناقض مع النظام الرجعي وحليفته الامبريالية البريطانية. وهذا ما كان يتطلب حشد اكبر تجمع وطني واوسع التحالفات الطبقية.
- الفلاحون يعانون من الاستغلال الاقطاعي البشع.
- العمال يعانون من قلة الاجور والخدمات والحرمان من ابسط الحقوق الديمقراطية والنقابية.
- البرجوازية الوطنية مخنوقة خنقا من قبل البرجوازية الكومبرادورية.
- الحرفيون يعانون من مزاحمة المواد المستوردة ومن شحة المواد الاولية وآلات العمل وارتفاع اسعارها.
- المثقفون معاناتهم واسعة.
النظام بعد هدنة اضطرارية استأنف هجومه الضاري ضد القوى الوطنية وفي المقدمة منها حزبنا حيث وجهوا له اقسى الضربات اواخر العام 1948، اوائل العام 1949 ومن بين تلك الضربات اعدام قادة الحزب الميامين فهد والشبيبي وزكي محمد بسيم يومي 14، 15 شباط 1949.
وبرغم قساوة تلك الضربات على الحزب لم تلن عريكته وواصل النضال ضد السلطة الرجعية وحليفتها الامبريالية البريطانية ويشهد على ذلك تفجير انتفاضة تشرين 1952 التي انطلقت على ضوء مطالب طلابية بحته لكنها تطورت من خلال السلوك القمعي للنظام وتصديه بالعنف المفرط للتظاهرات وقمعه لشتى اشكال التعبير عن الرأي وقد تحقق في تلك الانتفاضة الباسلة التنسيق في قيادة التظاهرات بين الحزب وباقي اطراف الحركة الوطنية تلك الانتفاضة الباسلة التي اثمرت قبر المشروع الاستعماري مشروع الدفاع عن الشرق الاوسط وهو مازال في المهد.
لقد تعزز التلاحم بين صفوف الحركة الوطنية بعد الانتفاضة فكان ان تم خوض انتخابات عام 1954 بصيغة تحالفية اثمرت عن فوز احد عشر نائباً في البرلمان الملكي من مرشحي الجبهة، الامر الذي اثار غضب المستشارين البريطانيين المنتشرين في الوزارات وخادمهم المطيع نوري السعيد، فغيروا مجلس الوزراء بمجلس جديد اسندوا رئاسته الى المقبور نوري السعيد الذي قام بحل البرلمان وهو لم يعقد غير جلسة اداء القسم وجاء ببرلمان اعد اسماء أعضائه بنفسه، وفوزهم من خلال انتخابات شكلية سادها التزوير. اتبع ذلك بقراراته القراقوشية التي قضت بحل الاحزاب المجازة وسحب اجازة النقابات والصحف المجازة واصدر التعديل الشهير على المادة 89 من قانون العقوبات البغدادي والتي تحكم الناس بتهمة ((وما اشبه ذلك)).
لقد ادى السلوك المتياسر لبهاء الدين نوري الذي اصدر بتوقيعه ميثاقاً وطنياً بدلاً من الميثاق الوطني الذي اعده الشهيد فهد وأقرّ في الكونغرس الاول عام 1944 والذي اسماه باسمه ((ميثاق باسم)) ومن بعده السلوك المتياسر ايضا لسكرتير الحزب حميد عثمان الذي حل محل بهاء الدين الذي اعتقل والذي حاول ان يصدر ميثاقاً جديداً للحزب اسماه ((اطلاقات ايار)) والشروط التي وضعها حميد عثمان حول التحالفات الي اضعاف اللحمة التضامنية بين اطراف الحركة الوطنية التي اطلقتها انتفاضة تشرين عام 1952 ولم يستبدل ذلك النهج الخاطئ في التعامل مع التحالفات الا اواخر عام 1955 عندما استلم الشهيد سلام عادل رسمياً سكرتارية اللجنة المركزية للحزب في اجتماع لها عقد بناء على طلب من الشهيد سلام عادل حيث حوسب حميد عثمان عن تسلكاته التي تتعارض مع النظام الداخلي للحزب وأخطائه السياسية المؤذية للحزب.
كانت تلك الفترة أي فترة استلام الشهيد سلام عادل مسؤولية الحزب فترة اعادة اللحمة لصفوف الحزب وللحركة الوطنية فتم أولاً انهاء انشقاق راية الشغيلة وأنجز تشكيل جبهة الاتحاد الوطني التي ضمت في حينها حزبنا والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث وعلى ضوء رفض حزبي البعث والاستقلال لانضمام الاخوة الكرد الى الجبهة جرى التوصل الى تحالف ثنائي بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البارت الديمقراطي الكردستاني.
كما شهدت تلك الفترة توحيد منظمات الضباط الاحرار المتعددة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر المنظمة التي كان يقودها محي الدين عبد الحميد، منظمة ناجي طالب، منظمة وصفي طاهر، منظمة رفعت الحاج سري بمنظمة واحدة اختارت الشهيد الزعيم الركن عبد الكريم قاسم سكرتيراً لها. وقد جاء كل ذلك ثمرة من ثمرات التحالف بين اطراف الحركة الوطنية في خوض احداث انتفاضة تشرين عام 1956 التي انطلقت تضامناً مع الشعب المصري الشقيق الذي كان يتعرض آنذاك للعدوان الثلاثي الاسرائيلي البريطاني الفرنسي واحتجاجاً على موقف النظام من العدوان كما اثمر ذلك التحالف انتصار ثورة الرابع عشر من تموز 1958 بإسقاط النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري.
بعد الثورة انفرط عقد التحالف وتوقفت اعمال الجبهة رغم كل الجهود التي بذلها الحزب من اجل استمرار عملها ومنها على سبيل المثال وليس الحصر المقابلة التي تمت بين الشهيدين سلام عادل وعبد الكريم قاسم عام 1959 والرسالة التي بعث بها الشهيد سلام عادل الى قيادة الحزب الشيوعي السوري والتي يخولها فيها مفاوضة حزب البعث بأسم الحزب الشيوعي العراقي لإعادة عمل جبهة الاتحاد الوطني بهدف تطويق مساعي رئيس الوزراء الشهيد عبد الكريم قاسم لعسكرة الدولة وفرديته في إدارة السلطة في العراق والعمل على ارساء النظام على اساس الديمقراطية. ومعروف ما تبع ذلك من تطورات واحداث تعمدت بدماء الشهداء من مختلف مكونات الشعب العراقي القومية والمذهبية. ومن يعود الى مؤلف حنا بطاطو ومؤلف الكاتب عزيز سباهي ((عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي)) والوثائق التأريخية التي اصدرها الحزب عن سياسته ونشاطه وتاريخه، يجد كافة التفاصيل سواء عن ((الجبهة الوطنية والقومية التقدمية) او عن وجود وجوقد.
لقد خضنا بعد سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003 اكثر من دورة انتخابية سواء كانت للبرلمان او لمجالس المحافظات باكثر من تحالف مرة تحالف القائمة العراقية مع حزب الدكتور اياد علاوي ومرة مع الاخوة ((الحسنيين)) ومرة في قائمة ((التحالف المدني)) الذي ضم الى جانبنا الاخوة في حزب الائمة وفي حزب الشعب واليوم دخلنا في تحالف ((سائرون)) الذي ضم الى جانبنا ((حزب الاستقامة)) وحزب ((الدولة العادلة)) و ((حزب التجمع الجمهوري)) وحزب الشباب للتغيير ، وحزب الترقي والاصلاح.
ومن ابرز مميزات هذا التحالف انه جمع الماركسيين مع الصدريين وهنا يطرح نفسه السؤال هل هي المرة الاولى التي يتحالف فيها الماركسي مع احد التيارات الدينية ؟ وهل يخالف الماركسية هذا الموقف من الحزب الشيوعي العراقي ؟ للاجابة ينبغي العودة الى وراء الى ايام ماركس وانجلز.
وجه ذات مرة السؤال الى ماركس حول الفرق بين الماركسيين والفئات الدينية فأجاب وهو القائل ان الدين هو زفرات المظلومين ان الفرق هو في اهداف النضال ولكن يجمعنا واياهم اساليب النضال الثورية التي يتبعونها في نشاطهم السياسي. اذا في المقدمة ما يوجد هو خوض النضال سوية لإنجاز مهام محددة يتفق عليها اما لينين فقد سئل ذات مرة عن الذي يجمعهم مع الفئات المتدينة وعن وجود متدينين في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي وعما اذا كان ذلك يشكل تناقضاً ؟ فاجاب بوضوح بعدم وجود أي تناقض لقد قال ما معناه :
نحن لا نسير في دروب السماء، نحن موجودون على سطح الكرة الارضية وتجمعنا وتوحدنا الكثير من المشاكل التي تتطلب ان نتعاون جميعاً من اجل حلها ونباشر في بناء جنة على الارض نعيش فيها ونحن على قيد الحياة ونترك ما بعد الممات الى الممات.
هكذا طرح الامر مؤسسو الماركسية التي ينص النظام الداخلي للحزب وبرنامجه اننا حزب يسترشد بالماركسية وفي تاريخ الحزب حالات رائعة من التعاون بين الحزب وبين الكثير من رجال الدين المعروفين، الشيخ عبد الكريم الماشطة الذي كان مرشح منظمة الحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل لانتخابات البرلمان عام 1955 والشيخ محمد الشبيبي والد شهيد الحزب حسين الشبيبي – الذي كان مرشح منظمة راية الشغيلة في لواء كربلاء لانتخابات البرلمان عام 1955 والشيخ القاييني الذي نعتز كل الاعتزاز بالعلاقة التي كانت تجمع بيننا واياه. ولا يمكن ان انسى ابداً تجمع رجال الدين الديمقراطيين الذي تشكل في مدينة النجف بعد ثورة الرابع عشر من تموز والذي كانت له البدايات قبل الثورة والذي كان من ابرز رجالاته المرجع الديني الكبير الشيخ زاير دهام والشيخ عبد الحليم كاشف الغطاء والشيخ الشاعر عبد الغني الخضري والشيخ منعم الشميساوي واتذكر دائماً احاديثهم الحلوة عندما يمضون السهرة الرمضانية في بيت الشيخ حسن القرشي الذي تربطني واياه رابطة عائلية.
والى من يتساءل عن تحالفنا الحالي تحالف سائرون للاصلاح – اتوجه بالدعوة الى ان يدرس جيداً تجربة العلاقة بين الاحزاب الماركسية في امريكا اللاتينية والكنيسة فيها تلك العلاقة النضالية الرائعة التي اثمرت الاطاحة بالعديد من الحكام الديكتاتوريين والتي تجابه الان مساعي الرجعية الامبريالية الهادفة الى سيطرة اليمين الرجعي على السلطة مجدداً، بالمزيد من التلاحم النضالي مدعومة من شخص البابا في الفاتيكان وهو ايضاً من اميركا اللاتينية البابا الذي طرح قبل سنين معدودات ان الرأسمالية التي كثرت شرورها حان وقت تخطيها الى المجتمع الارقى منها وهل بعد الرأسمالية مجتمع غير مجتمع الاشتراكية والوصول الى الشيوعية ؟ لقد استشرت حول تحالف سائرون وابديت موافقتي على ان يقدم الحزب على دخول هذا التحالف ولست نادماً ابداً فنحن والصدريون منذ الثلاثين من تموز 2015 في ساحة الحراك الجماهيري سوية فلماذا لا نتوجه سوية الى صناديق الاقتراع لنصوت لقائمة سائرون للاصلاح وللمرشحين الذين نتفق عليهم؟ لنواجه سوية في البرلمان ومجالس المحافظات مهمة الدفاع عن مصالح كادحي الشعب وعن السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية وعن السيادة والاستقلال الوطني وعن الديمقراطية والتعددية والبرلمانية التي ينص عليها الدستور وعن المستقبل الحر والسعيد لشعبنا ووطنا ؟
واعود هنا بالذاكرة الى تجربة هامة من تاريخ العراق الحديث الى العام 1961 بالذات في نيسان من ذلك العام عندما اصدرت الحكومة قراراً برفع سعر البنزين فرد الشارع على القرار بتظاهرات صاخبة احتجاجاً عليه للمطالبة بإلغائه وتحولت الاعظمية الى ساحة معركة حقيقية مع رجال الانضباط العسكري ودبابات الجيش وامتلأت المعتقلات في بغداد بالمتظاهرين وحتى الاطفال دخلوا معتقل خلف السدة ولم يكن في جيوبهم آنذاك غير الدعبل لقد شارك في تلك التظاهرات شيوعيون وقوميون وبعثيون ومستقلون من مختلف القوميات والطوائف من مختلف الاحزاب المجازة وغير المجازة ورغم كل الاختلافات والصراعات توحدت القواعد في الشارع في تلك الأيام.
حزب البعث في جريدته الداخلية المسماة الاشتراكي وهو الذي كان الى جانب التجمع القومي يعدُ العُدة وبالتنسيق مع قيادة الجمهورية العربية المتحدة والسي. أي. أي لإسقاط حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم وخشوا من ذلك التعاون الذي تحقق في الشارع بين القواعد، كتب وبصراحة رافضاً لذلك التقارب بين القواعد – ان اليد التي تمتد الى الشيوعيين يجب ان تقطع -.
السؤال هنا لو كانوا قد استجابوا لذلك التقارب وأبدوا استعداداً لإعادة التحالف الذي سبق ثورة تموز الى سابق عهده بدلاً من التفرق والتطاحن والتآمر لإسقاط حكومة الثورة هل كنا سنرفض ذلك ؟
بالتأكيد كلا لكنهم لم يفعلوه. واليوم عندما ينسجم موقف الزعامة مع موقف القاعدة الذي وقفته جماهير التيار الصدري في الحراك الجماهيري الذي انطلق في الثلاثين من تموز 2015 وما زال مستمراً ويمدون يدهم الينا من أجل الدخول في تحالف انتخابي يضمن للجميع الندية والاستقلالية السياسية والفكرية والتنظيمية من اجل خوض الانتخابات للبرلمان ولمجالس المحافظات بشكل مشترك لماذا يريد منا البعض ان نرفض هذه الدعوة واليد الممدودة الينا ؟