20:06:40

طريق الشعب
ضيّفت قاعة قرطبة في فندق المنصور ميليا ببغداد يوم امس، اللقاء التشاوري للشخصيات المدنية الوطنية العراقية، بحضور ومشاركة مئات الشخصيات الناشطة في الاوساط المدنية، السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية وغيرها، من بغداد وبعض المحافظات الاخرى. وجاء هذا اللقاء بعد حوالي شهرين من لقاء سبقه للقوى المدنية الوطنية العراقية، انعقد في القاعة نفسها وساهم فيه أكثر من 20 من القوى المذكورة، احزابا وحركات وتنظيمات اخرى.
والتأم اللقاءان في إطار مشروع غايته تشكيل إطار يجمع القوى المدنية الوطنية المشتتة، ويوحد وينظم جهودها للاسهام في المساعي الرامية الى انقاذ العراق من المحن والازمات المدمرة التي جرتها اليها سياسات وممارسات المحاصصة الطائفية والفساد في السنوات الماضية.
وقد لخصت كلمة افتتاح اللقاء التي القاها الرفيق مفيد الجزائري باسم اللجنة المكلفة بالتهيئة لعقده، كل ما يتعلق بهذا المشروع المدني الوطني ومنطلقاته وغاياته ومراحله.

في ادناه نص الكلمة:

اسمحوا لنا ان نرحب بكم، باسم لجنة المتابعة المكلفة بالتهيئة لعقد هذا اللقاء التشاوري للشخصيات المدنية الوطنية، والتي شكلها اللقاء التشاوري السابق للقوى المدنية الوطنية، الذي جاء بدوره ثمرةً لمساع دائبة وطويلة بذلتها الاطراف المبادرة للدعوة الى عقده.
يومها، قبل شهرين من الآن، وكما يعلم كثيرون منكم، تداول ممثلو اكثر من 20 من الاحزاب والحركات والتنظيمات المدنية الاخرى، الواقع الراهن للوسط السياسي المدني، وحال التشتت والتبعثر الذي تعيشه القوى المدنية، في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العراق والعراقيون. وقد شددوا على الحاجة الملحة الى تجاوز هذا الحال، والتوجه نحو التعاون والعمل المشترك، للاسهام "في تخليص الشعب والوطن من طاعون الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد" وفتح النوافذ والابواب امام رياح الاصلاح والتغيير والتجديد والاعمار والتقدم.
وتناولت الكلمات والمداخلات التي قدمت في اللقاء، بروح ايجابية، مضامين ورقة العمل التي وضعتها اللجنة التحضيرية للقاء تحت تصرف الاطراف المشاركة. وقد عبرت الورقة عن حاجة القوى المدنية الوطنية ورغبتها في العمل على تكوين اطار يجمعها، ويؤمن تعاونها وينسق جهودها، كي تشارك في المساعي الوطنية المتنامية، للخروج بالبلد من نفق المحاصصة والفساد، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية – دولة المواطنة والمساواة والقانون والكرامة والعدالة.
وقد وجدت هذه الافكار والتطلعات المشتركة تعبيرها الواضح في البيان الختامي، الذي كلف اللقاء السابق للقوى المدنية لجنة المتابعة باصداره بعد ان صادق على مسودته.
وكان ذلك اللقاء قد انعقد باعتباره الخطوة الاولى نحو اقامة الاطار المدني الوطني المنشود، ليعقبه اللقاء الثاني، لقاؤنا هذا للشخصيات المدنية الوطنية.
وان امام لقائنا اليوم القضايا نفسها، التي بحثها اللقاء السابق وتبادل الآراء في شأنها، والتي تتضمنها ورقة العمل والبيان الختامي، اللذين سبقت الاشارة اليهما. ولقد حرصنا، لهذا السبب، على وضع الورقة والبيان بين ايديكم جميعا، وارسلناهما اليكم مع بطاقات الدعوة.
غير ان اهتمامنا هنا اليوم يتجاوز بالتأكيد قضايانا كوسط مدني، يسعى الى لملمة اطرافه وجمع قواه، ويتوجه من اجل ذلك وبعد لقائنا هذا، نحو عقد مؤتمر للقوى والشخصيات المدنية المشاركة، يتمخض عن تجمع لها يدشن مرحلة جديدة فاعلة من نشاطها السياسي الوطني، ويطلق دورها المؤثر في بناء العراق المدني الديمقراطي. تجمع مكرس للقوى المدنية الوطنية وللعراق والعراقيين كافة، وليس لحساب اية جهة سياسية.
بجانب هذا لا نستطيع تجاهل الاوضاع القائمة في البلاد، وما تبعثُ عليه من عدم رضا وتثيرُ من قلق. فالحكومة الجديدة لا تزال غير مكتملة القوام، وغير قادرة بالتالي على مباشرة مهماتها الكبيرة المنتظرة، في محاربة الفساد وتأمين العيش الكريم والخدمات الضرورية لملايين المواطنين، وعودة النازحين والمهجرين واعادة بناء قراهم وحواضرهم ومدنهم، وإطلاق عملية الاعمار والبناء الشاملة، وغير ذلك الكثير مما يتضمنه مشروع الاصلاح والتغيير الذي تمس حاجة العراق اليه.

الحضور المحترمون

ان السكوت على الواقع المرير المكلكل على بلادنا، والمدمر لمقومات وجودها ومستلزمات نهوضها وتقدمها، لم يعد ممكنا.
ونحن الاحزاب والقوى والشخصيات المدنية الوطنية جديرون بمواجهة هذا الواقع، والاسهام في تعديل ميزان القوى في البلاد، وكسر احتكار السلطة من قبل القوى المهيمنة، التي اوصلتنا الى ما نحن فيه اليوم من اوضاع بائسة في سائر الميادين.
من الواضح لنا بالطبع ان سدنة المحاصصة والفساد يقاومون بشراسة غير مسبوقة، ويستميتون دفاعا عن سلطتهم الظالمة ومصالحهم غير المشروعة. لكننا نلاحظ ان المواطن العراقي يصحو اليوم ويسترد وعيه اكثر واكثر، ويبدي استعدادا متزايدا للانخراط في الكفاح المتجدد لانتزاع ما سلبه منه الفاسدون، وان الشارع العراقي يشهد حراكا جريئا من اجل الحقوق المهدورة والمصالح المستباحة.
وان ما تنادينا اليه في هذه القاعة، قبل شهرين كقوى مدنية وطنية، واليوم كشخصيات مدنية وطنية، ليس الا جزءا مكملا لهذا الحراك المشرف، الذي لن يتكلل في النهاية الا بالنصر.