شهد يوم المهرجان الثاني ندوة عن دور الإعلام العراقي في عملية التغيير والإصلاح المنشودين، أدارها الكاتب والصحفي المعروف توفيق التميمي، وتحدث فيها كل من القاضي عزيز علي، الإعلامي المعروف، وصاحب عمود "آخر الكلام" في "طريق الشعب" قيس العجرش، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور أثير الجاسور.
في البداية رحب التميمي بالحضور والمتحدثين، واشار إلى حساسية أهمية علاقة الإعلام بالإصلاح والتغيير. وتساءل هل سيؤدي الإعلام دوره؟، لاسيما ونحن نملك تجربة سلبية خلال سنوات الحكومات السابقة.

قيس العجرش: الإعلام ذو طبيعة كونية

ابدى سعادته بالمشاركة في هذا اليوم الندي الجميل، ونوه بأهمية المهرجان، وتمنى لطريق الشعب، الاستمرار والنجاح المضطرد. ثم انتقل إلى طبيعة الإعلام، نافيا عنه الصفة المحلية والقومية، ومشددا على الطبيعة الكونية للإعلام، وقدم أمثلة في قطاعات ومجالات أخرى تشير الى كونية الأشياء، وأننا في العراق لم نبتدع الإعلام، ودورنا فيه هو التلقي. وهناك فجوة زمنية بين المنظومة القانونية وتطور الإعلام، لأنها مازالت تراوح مقارنة بالتطور السريع للإعلام، وبالتالي فان منظومتنا القانونية تعود لما قبل مرحلة الإعلام الكوني. ونحن بحاجة إلى قوانين تواكب على الأقل طبيعة الدستور النافذ. ان الخطوة الأولى هي فهم الإعلام الحديث، لكي نستطيع توظيفه في عملية الإصلاح والتغيير. ولاتزال ثقافة الدولة الشمولية حاجزا أمام السير قدما على طريق الإصلاح.

القاضي هادي عزيز: العلاقة بين الإعلام والمنظومة القانونية في البلاد

حيا الحضور واشار إلى ان الحديث عن الاعلام مرتبط بالبنية القضائية لنظامنا السياسي وضيق الوقت يحرمنا من تناول جميع التشريعات.
قانون وكالة الانباء العراقية 158 لسنة 1959، اكد على استقلالية الوكالة، وانها معنية بما يدور الدولة وليس السلطة. وفي نفس السياق اشار إلى مجموعة من القوانين المماثلة، مثل قانون حقوق الصحفيين رقم 178 لسنة 1969، واعطى اهمية خاصة لمصادقة العراق في 7 /10 / 1970 على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي اصبح اساسا لتشريع مجموعة من القوانين. وتناول امر بريمر رقم 66، وخصوصا المادة 38، وما يماثلها من القواعد الدستورية المتعلقة بحق التجمع والتظاهر، ومعروف ان الاخبار عن اي تجمع يكفي، في حين يسعى المناهضون لحرية الاحتجاج اوضع ضوابط غير قانونية لحرمان الناس من التعبير عن قناعاتهم. ويجري استخدام قانون العقوبات، وخصوصا المادة 81 بعدائية ضد الصحفيين، ويعاقب بموجبه رئيس او مدير التحرير عن افعال لا يتحملون مسؤوليتها القانونية، في حين ان العقوبة في القانون شخصية، وهذا تعارض واضح مع الدستور. والجديد هو كتاب هيئة الاعلام رقم 1237 في 23 /10 / 2018 المتعلق بالإساءة للرموز الوطنية. وقدم تعريفا لمفهوم الرمز، واورد امثلة على ذلك. وبالتالي فان رجل الدين، الذي لا ينحى نحو المواطنة، بل نحو هويات فرعية، يكون في تعارض مع المادة 5 من الدستور.

الدكتور أثير الجاسور: الإعلام العراقي الرسمي خاضع لأجندة وخطابه سلطوي

حيا الحضور وتمنى لطريق الشعب الابداع الدائم. وتناول الاعلام العراقي بكل مفاصله الاساسية. وان مهمة الاعلام هي ايصال رسائل ايجابية للمجتمع. والاعلام العراقي يعاني من مشاكل بنيوية، وهو ملك لأجندة وخطابه سلطوي، او سلبي، وهذا ما اشره تعامل بعض القنوات الفضائية مع الحركة الاحتجاجية. وان المثقفين السلطويين يحاولون اغتصاب العقل. في عهد النظام السابق كان الاعلام مكرسا للحزب الواحد، واليوم توجد تعددية، ولكن رسائله سلبية. وهناك مثقف فاعل ومؤثر، وآخر سلطوي غير مؤثر، والاخير يدعم الهويات الثانوية. وهناك هيمنة لأحزاب لا علاقة لها بالسياسة، والاعلام اصبح ضحية صراع حزبي، وليس تنافسا سياسيا، وهذا يخلق خللا في السلطة والمجتمع.
واثار جمهور الحاضرين جملة من الأسئلة، والملاحظات منها: ان المساهمات الرئيسة استعرضت الواقع ولم تطرح حلولا. وان الإعلام الاستهلاكي لا مستقبلي، والاعلام الأصولي تسطيح للوعي وعودة للماضي، وهنا يبرز التساؤل عن دور الإعلام النقدي، وعلاقة الديمقراطية باعلام الدولة. وكانت هناك دعوة لمحاسبة التجاوز على حق الشعب العراقي في الاستفادة من إعلام الدولة.
قدم المحاضرون اجابات وتوضيحات ضافية. وفي ختام الندوة شكر التميمي المحاضرين وجمهور الحاضرين متمنيا للجميع اوقاتا ممتعة مع فقرات برنامج المهرجان الأخرى.