رشيد غويلب
عقد رئيس حزب اليسار السويدي يوناس خوستيت مؤتمراً صحفياً، اكد فيه رغبة حزبه في إجراء حوارٍ عابر للكتل. وشدد الزعيم اليساري على هدف الحزب الواضح في تشكيل حكومة خالية من حزب "ديمقراطيي السويد" اليميني المتطرف. ودعا خوستيت الى ابعاد "ديمقراطيي السويد" من قيادة اللجان البرلمانية، مؤكدا ان ممثل الحزب العنصري غير مؤهل لمهمة المتحدث باسم البرلمان.
بادر حزب اليسار الى ترشيح العضوة في كتلته لوتا يوهانسون لمنصب النائب الثاني لرئيس البرلمان، وقد تفوقت لوتا يوهانسون على منافسها بيورن سودير، مرشح حزب "ديمقراطيو السويد" بعد أن حصلت على 149 صوتاً مقابل 82 صوتاً لمنافسها اليميني المتطرف.
ومع تضاؤل ثقة السويديين بالديمقراطيين الاجتماعيين واليمين التقليدي، يتزايد التأييد لحزب اليسار. وعلى الرغم من أن الحزب لم يحقق ما منحته اياه استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات (10 في المائة)، حيث حصل على 7,9 في المائة، بزيادة قدرها 2,2 في المائة وقد نجحت خطة رئيس حزب يوناس خوستيت في التركيز على نمو اكبر لعضوية الحزب، ومن حيث المحتوى جرى التركيز على القضايا الاجتماعية.
لقد استطاع الحزب تغيير الصورة المطبوعة له في اذهان الناخبين خلال دورات الانتخابات السابقة، من خلال التركيز على دوره كحزب يضع اهتمامات المواطنين وحاجاتهم في المقام الأول، ويعتمد المبادرة والنشاط الدائم على اساس رؤية تقدمية منفتحة ونقدية تجاه تجربته التاريخية، وبذلك حقق نجاحاً متزايداً.
قاد حزب اليسار حملته الانتخابية تحت شعار "السويد للجميع ، وليس للأثرياء فقط!" واتخذ موقفا واضحا وحازما ازاء ملف الهجرة، قائماً على فهم اممي لهذا الملف، وحماية قانون اللجوء والدفاع عن سياسة اللجوء الإنسانية. واكد انه لا ينبغي مكافحة اسباب اللجوء فقط، بل يجب تغيير سياسة الاتحاد الأوربي تجاه اللاجئين، والتي تكلف آلاف اللاجئين حياتهم، نتيجة لغلق الحدود بجدار عازل في وجوههم، عبر العديد من الآليات الامنية والعسكرية والتشريعية ايضا. وانتقد الحزب تشديد قوانين اللجوء السويدية، التي عمل بها الديمقراطيون الاجتماعيون، بحجة احتواء ضغط اليمين بشقيه التقليدي والمتطرف. وبدلاً من ذلك، طالب الحزب البلدان الأخرى باعتماد النموذج السويدي، واستقبال المزيد من اللاجئين وتوفير الحماية لهم.
وعبر الحزب عن قناعته بان السياسات الصحيحة، كفيلة بدمج اللاجئين بالمجتمع السويدي، وبالتالي المساعدة في حل المشاكل المرتبطة بارتفاع نسبة الشيخوخة في المجتمع، وضعف دولة الرفاه.
وينطلق الحزب من ان الرأسمال يستخدم اللاجئين لغرض خفض الاجور، كما هو الحال مع الشرائح الاجتماعية الاخرى كالشبيبة والنساء. وبهذا يتم خلق انقسام في معسكر العاملين وضرب بعضهم ببعض. وفي مواجهة هذا الواقع يدعو الحزب الى التنسيق بين العاملين والى توحيد صفوفهم، بغض النظر عن اصولهم، لكي يتمكنوا من النضال ضد ظروف العمل غير العادلة، ويدافعوا عن المكتسبات الاجتماعية التي يوفرها نموذج دولة الرفاه في السويد.
وإضافة إلى ذلك، يركز حزب اليسار على السياسة البيئية وتحسين المساواة في البلاد. ووفقا لدراسة منظمة سويدية للدفاع عن البيئة، فان حزب اليسار والخضر يتقدمان على جميع الاحزاب الممثلة في البرلمان في مجال السياسة البيئية والمناخية.
ويمتاز حزب اليسار ايضا بنجاحه في التعامل مع الوسط الطلابي. وقبل الانتخابات، اشارت استطلاعات الرأي الى ان 20,5 في المائة من الطلبة سيصوتون لصالح الحزب. و يمكن أن يعود ذلك الى الملل من سياسات الاحزاب الأخرى، والى توق الشباب في السويد إلى عالم آخر. وهنا، تلعب قيم حماية البيئة ومواجهة التبدلات المناخية والتسامح، التي يتبناها الحزب، دورًا مهمًا.

عن حزب اليسار السويدي

تأسس حزب اليسار في عام 1917 بعد طرد مجموعة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحمل الحزب اسم "الحزب الديمقراطي الاجتماعي اليساري في السويد". وفي مؤتمر الحزب في عام 1921 غير الحزب اسمه الى الحزب الشيوعي السويدي. وكان الحزب عضواً في الأممية الشيوعية (الكومنترن). واجه الحزب انشقاقا في سياق الصراع السوفيتي- الصيني. ومنذ منتصف الستينيات بدأت حركة التجديد في الحزب، واصبح اسمه "حزب اليسار الشيوعي"، واعتمد الحزب النضال البرلماني كاسلوب اساسي وسعى لوحدة القوى الاشتراكية. وفي عام 1977 انشقت عليه مجموعة صغيرة مشدودة للماضي، وفي عام 1990 اصبح اسمه حزب اليسار السويدي. وفي عام 1998 حقق الحزب افضل نتائجه الانتخابية. ثم عانى من تراجع انتخابي، نتيجة لصراعات داخلية كلفته الكثير، لكنه استقر في الدورات الانتخابية اللاحقة، وحقق في الانتخابات البرلمانية الاخيرة نجاحه اللافت.