ما الذي يلح على الكاتب أن يكتب؟ ربما تفاجأ بعضكم، مثلي، بعدد من الكتب التي صدرت خلال العامين أو الأعوام الثلاثة المنصرمة وُصّفت على أنها رواية أو مذكرات أو سيرة شخصية وما إلى ذلك من تسميات. والملفت فيها أن ثيمها ليست جديدة، بل تناولها قبلهم الكثير من الكتاب بعض منهم له صوته المميز وتجربته ومن ثم رواجه. ولنكن أكثر دقة فعلينا أن نحدد اتجاهاتها لكي نتمكن من الإجابة على السؤال الذي بدأنا به هذا المقال:

"ما الذي يلح على الكاتب أن يكتب؟"

"العيش على الصراط" واحد من تلك الكتب للكاتبة "ناهدة جابر جاسم" هكذا كتبت اسمها غير معنية بصوت مفخم لاسم يبحث عن رواج، بل ربما وضعته كما تعريف لهوية شخصية باسم ثلاثي تبحث عنه السلطات في اي مشغل امني يصادفه اي مواطن اعزل ويخاف من تبعاته وربما حوار اسقاطي في مسرحية منذ السبعينيات لواحد من عمالقة المسرح الكوميدي "عادل إمام" يكرر عبارته الأثيرة: (انا اسمي موجود؟). حوار داخلي يشاغلنا جميعا ونحن نقف أمام شرطي الأمن في مطار أو حدود مع حالة من الرجاء أن يمر الأمر بسلام. فما الذي فعله هذا المواطن الذي توزعت؛ لنقل أسماله، على أكثر من مكان وبلاد، فقد واجه الموت مرارا، وبعد أربعين عاما او أكثر يقف اعزلا كذلك امام نفس الضابط، مع اختلاف الزمن، الذي لولا ثمرة نضال المواطن المحارب لما كان هذا العسكري بهذا المنصب وهذا المكان بشارات ونياشين جديدة توحي إلى عهد جديد، يسأله ويسائله عن اسباب قدومه. فمن يسأل من؟

هذا التعريف الموجز وجدته بداية على سبيل المقارنة لما ارادت الكاتبة قوله في كتابها على نحو من الافصاح:

هذه انا وهذا اسمي الثلاثي، بل هذا كتابي وهذه تجربتي فافعلوا ما شئتم، حتى وان كنتم رفاق تجربتي وكل من يتندر على صراحتي ويصفها بالمبالغة. وإذا ما اضفنا اليها جرأة الكاتبة بالإفصاح عن ماضيها وتجربتها المبكرة بالعشق وملاحقة السلطات للمحبين آنذاك واعتقالهم فأن ناهدة تنكرت ورفضت شيء واحد هو الموروث المذل، وهو الداء الذي ستواجهه كفيروس طال حتى نفوس الثوار أنفسهم او بعض منهم. وهي الثيمة التي تمددت بمعالجتها على مدار فصول حكايتها في تجربتها مع رفاقها الثوار. ليس في هذا اي نقيصة او انتقاص وانما حالة لكشف مثير يعيدنا إلى ثقافة ملتوية لا ينجو منها حتى المتحررين منها شفاهيا.

أقول شفاهيا لأن النظرية على ما يبدو لم تستطع تغيير الموروث وما عقدته التراكمات، ولسنا بصددها بقدر ما هو وضع حامل النظرية بين نقيضين، فهل من موازنة بينهما؟ بحيث شكل هذا الأمر مبحث الكاتبة الأساسي فجعلت تكافح وتنافح امرين الأول هو السلطات وهي تعرف ظلاميتها وتحدتها كمؤمنة بالأفكار النبيلة بما فيها اختيارها لحريتها في الحب والعشق. وما يجدر الاشارة إليه كاستدراك انها سليلة عائلة متوسطة حتى بتعليمها فهي لم تتعرض منهم لأي كلام جارح او مساومة على امر ما، خصوصا ما يتعلق بالاختيار. وهذا ملفت ايضا ان نجد من بين العوام ومتوسطي الثقافة ما يتفوق على المثقف وحامل النظرية بالتحرر من براثن الانتماء المُعلب للموروث بكافة اشكاله العليلة. وبرغم ان عائلتها تنتمي لذات الموروث غير اننا لم نلمس تعصبا اعمى من قبلهم بقدر ما هو حرصا لمراعاة المجتمع وخوفا على مستقبل وسمعة ابنتهم.

وثانيهما هو رفاقها او بعض منهم ممن نظر اليها كسلعة جميلة يسعى إلى امتلاكها تحت اية ظروف حتى في حال أحلك الظروف وأشدها توترا في كفاحهم المشرك تحت وابل القصف والتعرض المشين دوليا للسلاح الكيمياوي. ومع ذلك لم تتخل عنهم الفتاة المقاتلة المؤمنة بكلا الأمرين هما وفاؤها لحبيبها ووفاؤها لمعتقداتها، بل رافقتهم المسير حتى النهاية.

الكتاب الذي جاء بعدد من الصفحات زهاء 300 صفحة لدار ابجد 2024 اعتقدها موجزة لمسيرة كفاح دفعت الكاتبة للتخلي عن شبابها ومستقبلها بل حتى ابنها الوحيد آنذاك لتواصل رحلتها نحو مجهول؛ معلوم فقط بضمان الخسارة ومع ذلك فعلها جيش المنبوذين اليساريين المشبوهين. وحالما تعلق الأمر بتحديد أكثر فهم شيوعيون عرف عنهم العناد والجلد وحب الوطن. اما الجزاء وحتى ما يسمى (بعد التغيير) فليس بأكثر من توجس أن ينفذ بجلده وهو يدخل وطنه من خلال كوة الضابط المحقق! ليس بالضرورة ضابط رسمي أو مطار أو حدود برية، وانما في كل حقل المرايا العاكسة، فما ان تتخطى واحدة منها حتى تظهر الثانية كمشاغبة أضحت كوابيسنا جميعا.

اما العنونة المعقودة على نحو عيش وصراط فلها أكثر من اسقاط فعليها ان تعيش، إن لم يكن لمبادئها، فلوليدها التي تركته واخلاصها المعقود على حالة العشق الذي قالت عنه مخاطبة حبيبها «...أريدك كما انت عاريا وبدون رتوش! ولكن يا حبيبي اريد ان اعيش حياة الطيور...» ولكن كيف يكون ذلك العيش؟ وهنا يقفز قول الشاعر ت. س. أليوت: أين هي الحياة التي أضعناها في العيش؟ وهذا نصف المعادلة فالحياة والعيش كفها الأول فلا فائدة ان نضعهما بمساومة بين حياة وعيش. فما كان من شاعرنا الفلسطيني عبد الرحيم محمود الا ان يكمله بصوته «فإمــا حيــاة تســر الصــديق.. وإمــا ممــات يغيــظ العــدى».

وبذلك وضعت ناهدة، الانسان، ما آمنت به نظريا على عتبة الممارسة الفعلية فليس بالحب ما هو مشين ومخزٍ، بل العكس هو حقيقة وجودية لا معنى للحياة من دونها. وهذا ما انجزته بروايتها وهو ما يمكن ان نقول عنه انه مفتاح الرضا عن النفس والحياة معا، وان الحياة فرصة للقاء المحبين قبل كل شيء! من جانب آخر كان عليها ان تتخطى من الحواجز والمخاطر ما يفوق التصور فنراها وكأنما تتبع أثر نحلة عاشقة لمذاق ميسم ورائحة لحرية قصية، وقد جاء هذا السعي في جميع مفاصل روايتها واحداثها المشوبة بالمخاطر. يمكننا ايجازها بثلاثة مفاصل هي: المجتمع والأعراف ثم بطش النظام واخرها المناخ الملغم برفاقها او بعضهم ممن تفوقت عليهم فحولتهم على رجولتهم وشهامتهم. حتى الهمس المخفف لبعضهم كان يشي بأن الأفكار والمبادئ ليست كافية على مواجهة ثقافة موغلة بالعقم وضاربة للمسلمات التي تجعل المرأة كتصنيف تابع وخاضع لتسوية ما، وهذا ما يشل، بل يقمع، صوت المساواة المكرر لحاملي لواء التحرر والثورة على الموروث المتخلف!

واذ تقوم ناهدة بوضع احجار روايتها وما انتوت على بثه كاعتراضات ضمنية في روايتها، فأنها تكون قد استجابت إلى صوت المرأة المطفأ منذ ولادتها لتقوم برحلة تحدي للذات قبل كل شيء، بل هي تزيد على الرجل بتحديه، فهو لم يقف يوما امام مساءلة مجتمع او عائلة او دين، ولم تنتفخ بطنه بحمل يكبر، ولم يخضع لعملية اجهاض تقطع مهجته واواصر قلبه، ولم يحس بفراق وليد متروك للأقدار فيما يكون قلب جنينها، قبل ولادته، ينبض بقلبها وهي تودعه. اما العودة له فهي محض مصادفات واقدار لم يثنها الا ايمان امرأة مؤمنة وواثقة من خطواتها وعدالة قضيتها. 

 قطعة من الأوجاع، من زاوية اخرى، ليس كمعاناة عامة لتجربة الكفاح المسلح، بل لامرأة عزلاء قررت خوض التجربة لتصطدم بما لم يكن بحسابها ابدا! فأهّل ذلك إلى ما نطلق عليه عملًا تحركه المواجع النفسية والارتدادات العنيفة، فأنصفت ناهدة التجربة ورفاقها، وربما سامحتهم على اثم الفحولة، لأنهم ببساطة بشر. وبرغم الانكسار النفسي لامرأة مقاتلة تعرضت لشقاءين كان النفسي فيها اشد فظاعة من الهزيمة ذاتها وبطش العدو وحتى حلفاء التجربة واهوالها بما فيها تعرضها ورفاقها للأسلحة الكيمياوية، لكنها بقيت ثابتة العزم ولم تخل بموقفها ومازالت تشبك اصابعها بأصابعهم في مهاجرهم وليس لهم غير ما يتذكروه عن مآثرهم فهم رفاق طريق اعزاء ومقاتلين اشداء ناهيك عن كونهم اناس نادرين بصفاتهم النبيلة. وهذا نراه بوضوح، على سبيل الانصاف، ان هذا الجيل ما زال يعقد علاقاته على حيز نضال بقي لهم منهلا انسانيا مبهرا، حتى بتواضع حياتهم وبساطة متطلباتهم وطموحاتهم. ولعل في هذا بعض اجحاف فالكثير منهم من واصل تحديه نحو ما كان له أملا او بعضه كتميز، لكنه بقي ابنا بارا لتجربة كبيرة أودع فيها سني شبابه.

انه عمل ليس استذكاري بقدر ما انه تفكيكي للنزعات الانسانية اينما تكون. وبغض النظر عن محمولاتها الاخلاقية التي راهنت عليها ناهدة وهي تتخذ قراراها لتصبح واحدة في جيش الانصار الباسلين الذي يعرف مصيره مسبقا، ولكنه سطر مآثره بالضد من سيول المظالم والاستهتار وجرائم جزاري العصر آنذاك، وما رافقه من مؤامرات لقوى صديقة! وما زالت ناهدة تستقبلك بابتسامة تغطي بها على اوجاعها ومعاناتها وعلاجاتها الكيمياوية الرهيبة وكأن رحلتها مع الحياة لن تكتمل الا مع سرورها وبهجتها بإبتسامة رضى تمنح اشراقتها للجميع. 

يعيدنا هذا الأمر إلى سؤالنا الأول عن الكتابة وجدواها بل تصنيفها. فأقول على سبيل الانصاف ان الروايات والكتابات التي كتبها الانصار عن تجربتهم لا تستدعينا إلى تصنيفها بل النظر إلى محمولها الانساني وكم الفواجع والانكسارات (المستطابة) كقبول وقناعة سيما انهم يعرفون مصيرهم قبل ان يخطو خطوة واحدة على طريق الانتصار للحرية. وهذا ما استطاعت ناهدة ان تلفت النظر اليه في سياق تطور الرواية على نحو أعم ينظم له كتلة الاجساد المصابة بذات العناد والتحدي، بدءا من مراهقتها والتقاءها بحبيبها، ثم مغامراتهم وتنقلاتهم وتحديهم أن يسلكوا معابر وفخاخ خطيرة، وبعدها ما جعلهم غير واثقين بمواجهة جيش مدجج بالسلاح ونظام تدعمه دول بعضها من معسكرهم الاشتراكي الذي تفكك بضربة دراماتيكية لجداره الفولاذي فسقط على أبنائه قبل مناوئيه. والأشد منه وهذا ما جاءت عليه الكاتبة، خصوصا في انسحابهم الأخير ووقوعهم تحت قوة الضرب العنيف وروائح وغازات الكيمياوي المميتة التي لاحقتهم لمنافيهم الجديدة. معلولون أسعدهم حظا من يتنفس بربع رئة او عينين دامعتين جاحظتين او غائرتين. اما من كان حظه عاثرا فقد ترك ذكراه ليدفن في صفحات كتابات رفاقه، فهي اوفى واولى به من أي ارض حتى لو كانت تربة ولي صالح أو إمام مجاهد.

هذا النوع من الأدب الذي قدمه من خاض التجربة إلى نهايتها أصبح عصي على التصنيف يقرب من اجتراح يختلف عن انواع الكتابة بين رواية وقصة ومذكرات وتسجيل، نوع يمضي إلى سبيله كاختراق واضح لجميع التصنيفات. وانا على يقين ان ناهدة ترددت في تصنيفه كرواية، ذلك انه لا يقبل الامتثال إلى الخيال والاستزادة، فما حصل هو الأغرب، ونسيجه من حيث تمدده يمكّن كاتبه او غيره ان يخلق ألف رواية وحكاية، كما ان لهيبه لن يقبل الهدوء والتريث، فهو لن يستجيب إلا لحقيقة واحدة هي ان تلاحق الاقدار التي امسكت بزمامك وقادتك من ياقة قمصيك المبقع بأكثر من فصيل دم لرفاقك، وان سلمت فذلك محض قدر ايضا! إنه أدب قابض على روحه؛ روح تخرج من جسدك ويعيدها إليه تحديك وجسارتك وحبك لرفاقك قبل نفسك. فكم من رفيق توسل رفاقه ان يتركوه طعما للضواري ونيران ينتظرها بصبر نافد كطلقة رحمة! وكم منهم من ستر بجسده انسحاب رفاقه ولم يعرف له اثرا. والمستحيل هو سؤال ايضا: كيف تقايض الوقت وبأية سلعة نادرة، هي روحك المشرئبة لعبور رفيق قبلك، وانت المتروك في تلك القفار وسفوح الجبال لن تمتلك من الحظ الا ان تكون اصابتك قاتلة حسب.

وعودة على بدء: فما الذي يلح على الكاتب أن يكتب اذن؟ انه نزف الكاتب مقرون بالتجربة حتى تلك التي تفيض رقة كالحب مثالا، وكيف له أن ينمو وتستعر نيرانه وسط حرائق لاهبة وحياة تغيب فيها الآمال. دافع وحيد وضعت شروطه ناهدة منذ بداية قصتها في دفاعها عن حبها كروح ثلمتها الأقدار وتفاجأت بالكثير ايضا، فوضعت لبنة روايتها وكأن كل شيء سيمضي من خلال هذا المرشح الذي قالت عنه «روحي التي لا ترسمها حدود سوى حدود العطاء والمنح المطلق لمن عشقت». ومع هذه العبارة التي انهت بها فصلها الأول جعلت تختبر سيرتها واحداثها كصرة اودعت فيها مصيرها واوجاعها فلا تتسرب منها قطرة واحدة حتى تمر بالمشغل الانساني لفكرة الحب وتمضي لغايتها وان بعدت فتذكرنا ببيت شعر لعنترة (ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دم) وهو في عز شقاء الحرب لينتصر للحب ذاته الذي لولاه لما حضر هنا في هذا الوغاء المستعر.

اذن في فكرة الدفاع عن الحب تمضي بقية الأشياء إلى حلزونيتها كاختفاء وتوجس من شيء يحصل فجأة! فالحب هو ليس هدفا بحد ذاته انه شيء يحصل فليس هناك هدف في الحياة بقدر ما ان هناك شيء يحصل يحمل كل معاني الوجود في يسره وعسره، وهو الذي يمضي وحده إلى النهاية وبغض النظر عن جملة الالتباسات التي لا يعرفها الا صاحبها كلوعة ولمام لنوازعه. ومهما أمعن المجتمع بتصغيرها، وحتى تتفيهها، تندرا او معتقدا، فأنها فاتكة كاشتياق ولهفة؛ ومرة كصبابة وحنين؛ وانعتاق كرغبة ومودة وهوى ووجد.. إلى اخر مسميات حضوره. اذن مع وضع الكاتبة ثابت روايتها نستطيع أن نمر معها، وهي تصطحبنا اصلا، إلى مفاصلها الملغمة بفخاخ ومصائب واحزان في تداخل مثير بين من يرنو إلى فتق حجب الظلام وبين من يزيده ظلمة في رحلة عذاب ومشقة وسماء تطرزها القذائف لا تعرف من ستختار من الجمع الأعزل حتى وان امتلك بندقية فهي رمزا للتحدي والحرية وليس اداة قتل ودمار كما يفعل الطرف الآخر. 

 ومع رحلتها التي تعقدت بأكثر من حاجز ومانع، وتعثرت بكل ما هو موحٍ بالفشل، وحتى غثيان مُر سببه رفاقها كنزعات طارئة وغريبة فلا يمكننا وصف سلوكهم بالنذالة والاستهتار، فهنا يدخل علم النفس من اوسع ابوابه وهو حالة الحصار كحالة لا شعورية عبّر عنها فرويد بـ « مفهوم الازدواج الوجداني Ambivalence والذي يشير إلى نزعات نفسية متعارضة وغير قابلة للتوافق في آن واحد.1 ثم عن فكرة الصراع النفسي وعن التناقضات العاطفية المتعلقة بالكبت.

واذ نبدو وبسبب من قلة اطلاعنا غير معنيين بالتصويب وليس هناك ما يعلو، حسب ظننا، في الحرب ألا ينبغي ان يكون هناك اي مسوغ خارج عن اخلاقية عقيدة الحرب، فأننا نشطب بصوت غاضب على اي ما ننعته بالمراوغة والتمييع، كما ان ليس هناك ما للوقت متسعا ان نتأمل او نستدرك عبارات شاعرية او نفسية لكن واقع الحال ليس له هذا التبسيط فأنه سينتهي ببساطة ايضا إلى تسويغ مقيت! غير ان للدلالات النفسية كبير الأثر سيما انها جاءت بسياقات مختلفة، بعضها رهيب، في ادب الحرب في الكثير من الروايات، وهي بحد ذاتها شكلت مرتعا انسانيا ومادة خصبة للمختصين، وتحذير صارخ للإنسانية.

والآن وبرغم ما ذكرته عن تصنيف الرواية لكنني أرى في "العيش على الصراط" كتلة احزان تنتظم بأدب السيرة، ولا من ضيرٍ أن نطلق عليه رواية، فالحياة رواية وكل شيء يدور بروايته مثلما يدور كل منا بروايته ايضا، حاضرة او مؤجلة، لكنها تحصل. وفي جانبه الأعم تسيد الحب بحضوره وانطوى على تجليات مختلفة في عمل ناهدة لتقول، كما وصلنا وتفاعلنا معه، أن لا جدران للحب وهو الباقي الوحيد. لأنه ببساطة هو المانح الوحيد للتجدد كبرعم ربيع وحياة ظافرة، فيما الاشياء الأخرى حتى من حيث فرادتها، تذهب وتنحل في اسفارٍ الياذية وان قدر لها الأبدية فلا بد لها ان تنظم في سياق الحب الأثير.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Refoulement.» https://altanweeri.net/9968 -1/العدوانية-الإنسانية-في-سيكولوجيا-فرو/

عرض مقالات: