كانت الشاعرة دلال جويد ضيفة أمسية حزيران ٢٠٢٤ للمقهى الثقافي العراقي في لندن وموضوعها: "المرأة في ميثولوجيا الشعر العربي القديم " قدم الأمسية الشاعر والكاتب د. عبد الحميد الصائح افتتحها:

"موضوعنا لهذا اليوم، لا أعتقد أن أحدا منا مختصا او غير مختص، لم يطلع على جانب منه، فهو يتعلق بواحد من أساسيات الوجود وهو المرأة.. المرأة التي تم الاختلاف بشأنها منذ بدء الخليقة: هل الخوف منها أم الخوف عليها؟ هل ان المرأة أصل وهي الباعث للوجود.. أم أنها هامش يعمل الجميع، سلطات وكتاب ومفكرون على تجنب آذاها، لذلك طالعتنا المرأة في الميثولوجيا والقصص والملاحم القديمة مطالعات شتى: مرة هي الإله والإله الخالق، الخلاق الباعث والمتآمر أيضا، ومرة هي الضحية، مرة هي قائدة وحاكمة وتحرك الجيوش وتعلن الحروب، ومرة هي موءودة تحاول الأديان إنقاذها.. وهذا الموضوع يتفق حوله القدماء والمعاصرون أيضا. حينما نعود الى الميثيولوجيا.. الى الأساطير والملاحم.. نرى مثلا ان المرأة في ملحمة كلكامش هي الحكيمة سيدوري صاحبة الحانة او هي عشتار التي تشتبك مع كلكامش ويخاطبها بخطاب شديد يشكك بها ويقلل من قدرها.. أم هي البغي شمخى وطبعا كلمة (البغي) هي ليست سبة في ذلك الوقت حيث أعطيت دورا مهما في الملحمة وهي أنسنة أنكيدو الذي عاش مع الوحوش وإدخاله الى المدينة.. تناولت الأسطورة وتناول الأدب والأديان أيضا، المرأة.. وبقيت فكرة الخوف منها أو الخوف عليها معادلة، ينشغل بها الجميع سواء في الأديان المنزلة أوفي الأفكار المتداولة ".

وأشار الدكتور الصائح في تقديمه الى ان من خلال الحوار في هذه الأمسية من الأكيد ستتبين اراء متعددة من خلال محاضرة الضيفة دلال جويد والتي  عرّف بها  على انها من مواليد العراق – البصرة حاصلة على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من كلية التربية – جامعة البصرة وعلى شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من كلية التربية – جامعة البصرة أيضا وعملت في التدريس الجامعي فدرست في جامعة الشارقة – دولة الإمارات العربية المتحدة مواد الأدب العربي والمكتبة والمعاجم العربية وحصلت على شهادة الدبلوم في تربية الطفل وعلم الاجتماع من كلية ويست لندن في بريطانيا وعملت صحفية ومتخصصة في مجال المنوعات والتحقيقات الميدانية في العديد من الصحف والمجلات منها صحيفة (الخليج) و(البيان ) في دولة الإمارات ومجلة (المجلة ) في لندن ..لها عدة مجاميع شعرية منها ( دمعة وحيدة .. مطر كثير) و (في الوردة ما تيسر منك) و (كيف تدجن غربة) وكتاب سيرة بعنوان (كنت يوما في العراق) قيد الطبع، كما صدر لها كتاب نقدي عنوانه (الأحلاف في الشعر العربي القديم) عن دار ملامح في الشارقة /الإمارات.

ونوه المقدم مخاطبا الحضور قائلا:" كما ترون ان المحاضر هذا اليوم هو شاعر، وحينما يدس الشاعر أنفه في التاريخ والبحث العلمي لا يعمل بشكل بريء في تقديري، لأنه سيضفي الكثير من عواطفه وانحيازاه على المعلومة التي يبحث فيها ".

 دلال ابتدأت بالمدخل التالي فقالت:” موضوعي واسع نوعا ما، لأنه يتحدث عن المرأة في الميثولوجيا وعن الشعر العربي القديم، وهنا تكمن صعوبة الأمر، فالشعر الجاهلي او الشعر قبل الإسلام، وأنا أفضل تسميته بالمصطلح الثاني رغم تعودنا على المصطلح الأول لأنه أصبح مصطلحا مستقرا.. الشعر العربي قبل الإسلام، هو مادة قديمة، تكاد تكون مهملة، بعيدة ويقتصر تناولها على المختصين، فهي منطقة معتمة ومظلمة على عامة الناس.. ولأنني درست في اطروحتي للماجستير الأدب العربي قبل الإسلام، وأعود الآن الى دراسته في الدكتوراه حيث عدت بعد سنوات طويلة من الترك، الى جامعة البصرة ".

وتمهيدا لمحاضرتها عرضت الشاعرة جويد التوطئة التالية:

"نتحدث عن مرحلة من الشعر العربي القديم سبقت مجيء الإسلام والشعر هنا ليس الهدف الأول وإنما هو شاهد على فكرة حضور المرأة في الحياة آنذاك وخاصة في الفكر الميثولوجي عند العرب".

 واسترسلت بأطروحتها بالإجابة عن سؤال: "هل ارتبط الشعر العربي القديم بالميثولوجيا؟ ".

وأشارت دلال الى أن الدراسات التي اهتمت بمعتقدات العرب قبل الإسلام تبرهن على أن النساء الكواهن أكثر عدداً من الرجال، ولهن مكانة اجتماعية خاصة.

كما أكدت على وجود علاقة بين صورة المرأة العربية والمعبودات في الحضارات الأخرى. واستعرضت أمثلة عديدة من حضارات مختلفة وأكدت على ان العرب في الجاهلية كغيرهم من الشعوب عبدوا المرأة وقدسوها، وقد أكد القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: "إن يعبدون من دون الله إلا إناثا".

وأضافت دلال: "الأخبار الواردة عن العرب أن المرأة لا تقوم بحماية المستجير بها وحدها، فالأمر قد أصبح واجباً على أبنائها وأخواتها وبناتها، وكأنه أصبح منتمياً إلى عائلتها".

وأشارت إلى مشاركة المرأة العربية في الحرب قائلة:

"إن قيادة الجيش لا تناط إلا بالشهم الجلد المحنك المطاع، وإن القائد ليصرف جنده، ويدبر الخطط للنصر، فإذا كانت المرأة العربية قد سمت إلى هذه الرتبة العالية، فإن ذلك إقرار من الرجال بعظمتها، وسمو مكانتها، ودليل على خضوعهم لها وطاعتها". وجاءت على أمثلة كثيرة فعددت أسماء قائدات وذكرت الكثير من المعارك التي قادتها نساء أحرزن فيها انتصارات مشهودة.

ولأن المحاضرة كانت واسعة ومتشعبة سنكتفي في هذه التغطية بهذا الإيجاز ولكننا باستعراضنا لمداخلات وتساؤلات الحضور واجابات السيدة المحاضرة سنعكس ضمنا محاور أطروحاتها.

 المداخلات والأسئلة:

كريم سبع: (مهندس / ناشط مدني) كان بودي لو رجعتٍ الى تاريخ ابعد، لوجدت في حضارة وادي الرافدين ان كل المواضيع موجودة أصلا برغم البعد الزمني الذي لا يقل عن ألف وخمسمئة سنة الى الفين سنة.. فأولا ان موضوع الأنثى هي الإله وهذه ابتدأت من سومر وتبعتها الحضارات اللاحقة، وهذه كانت ظاهرة مادية لسببين مباشرين أولهما لأن الأنثى هي التي تلد البشر، فهي الخالقة للمخلوق الذي لا يستطيع الابتعاد عنها لسنتين لاعتماده في طعامه عليها ثانيا.. اذن الخلق والطعام مسألتان ماديتان.. وترتب على ذلك قيادة المرأة للمجتمع البشري وانعكس ذلك في الأساطير القديمة وفيما بعد حينما أتت الأديان الرسولية حدث الانقلاب الاجتماعي الى التسلط الذكوري وتهميش المرأة.

دلال: فعلا هذه المسألة كانت موجودة، وانا ذكرت ذلك حين تحدثت عن عشتار مثالا، للربة المعبودة.. لكني ركزت على منطقة محددة قلت انها تحددت بالقرن السادس الميلادي.

وتناولت بتفصيل تأثير اساطير بلاد الرافدين على الجزيرة العربية، لقربها منها، لهذا نرى ان غانيات المعبد في تلك الحضارات، وتحريضهن للرجال في خوض الحروب، نجد نساء عربيات رافقن المقاتلين وكن يمنحن الجنس لهم، ليس لرغبتهن الجنسية، انما وظيفة في حضهم على مواصلة القتال ونيابة عن أخريات وأضيف الى إنهن مارسن الغناء التحريضي في ساحات القتال على إيقاع الدفوف والمزامر والطبول، على نحو ما فعلته هند بنت عتبة زوج أبي سفيان في معركة أحد وإنشادها:

                  "نحن بنات طارق                                 نمشي على النمارق

                  الدر في المخانق                                  والمسك في المفارق

                      إن تقبلوا نعانق                                   أو تدبروا نفــــارق

                                                      فراق غير وامق"..

وهذا واضح انها تعد الرجال بالمحبة أي بالجنس".

 د. نجم الدين غلام (طبيب أسنان): حضور المرأة كآلهة او للعبادة كان أمرا طاغيا.. اللات كانت إلهة الحرب تطورت صارت آلهة الحب فتماهت مع عشتار.. العزى، اللات كانت في مكة العزى كانت في ثقيف، كانوا يعادلوها بإيزيس المصرية، وكانتا تذكران مع بعضهما: اللات والعزى باعتبارهما إلهتا النهار والليل، لا اعرف ايهما للنهار ولليل.. ولدي إضافة صغيرة لشياطين الشعراء اذكر ان شيطان الشاعر حسان بن ثابت كان اسمه شيصان.

 عبد الحميد الصائح (مدير الأمسية): سؤالي أطرحه لتنشيط الأمسية وهو انعكاس هذا الموضوع على اللغة، ولكونك شاعرة لابد وواجهتك في سياق بحثك، ان هناك عملية التأنيث والتذكير.. الحرب مؤنث والسلم مذكر الآلهة مؤنثة وكذلك الشمس، وهذه نحن نسميه تأنيثا مجازيا، ليس حقيقيا.. فصفتا التأنيث والتذكير لهما صلة أكيدة بالعقيدة والدين والأهمية.. ما دور اللغة في كل ما جرى تناوله؟

 دلال: في اللغة العربية وما ندرسه ان كل جمع مذكر سالم يجب ان يكون جمع مذكر عاقل ولكن كل جمع آخر يمكن ان يعامل معاملة التأنيث: الأشجار عالية، الكتب كثيرة، كتاب مذكر لكن عندما نحوله الى جمع يصبح مؤنثا. وواحدة من معتقدات العرب ان الأناث للملائكة ومعظم الربات كن نسوة وان اغلب الحروب اندلعت بسبب امرأة، حرب البسوس مثلا. وموضوع التأنيث مشتبك تماما فهو له علاقة بالأنوثة الطبيعية وبالتأنيث.

عبد المنعم الأعسم: (كاتب وصحفي) دلال قدمت لنا مطالعة جيدة وخلاقة عن مجتمع ما قبل الإسلام وهذا يذهب الى الظن ان هذا المجتمع لم يك جاهليا.. ان هناك شكوكا في كونه جاهليا، فأحدث الدراسات في مختلف الجامعات خصوصا في شمال أفريقيا تؤكد على أنه كان مجتمعا متقدما، بدليل ما طرحته دلال يثبت ذلك.. هذا يثير قضية أخرى أكثر خطورة من موضوع الجاهلي هي ان الشعر الجاهلي في حقيقته لم يك يؤلف في ذلك الوقت.

دلال: لم يك موضوعا.. نعم....

عبد المنعم : هذا شعر كًتب في العهد العباسي لأن لا علم الأركولوجيا ولا المخطوطات ولا القحف ولا البردي نقل لنا أي قصيدة من قصائد الشعر الجاهلي فهو كتب بعد مئتي سنة على عصر ما يسمى بالجاهلي ..هذا ما ألفت اليه النظر وهو ليس مقالا او وجهة نظر بوسائل التواصل الاجتماعي ..انها أطروحة عمرها مائة عام قال بها عميد الأدب العربي طه حسين حيث شكك بذلك الشعر ..نعم ان النصوص التي أوردتها دلال في سياق محاضرتها موجودة فعلا ولكن لو قرأناها نجدها كما لو انها مكتوبة في هذا العالم وليس في ذلك العصر وهذه النعرة لم تك آنذاك مقبولة لتميز حين يقول : عيروني بجمعهم كل جمع مؤنث وهذه مهانة الى التأنيث .

عبد الحميد: يعني مهانة الى الجمع.. يعني التأنيث عظيم بهذه الحالة.

د.عمر الصبيحي : (طبيب جراح) شكرا جزيلا على هذه المحاضرة الرائعة وينبغي ان تدام مثل هذه المحاضرات ..لقد سلطت الضوء على دور المرأة في المجتمع العربي وأعتقد نحن في محيط الغربة هنا في أشد الحاجة الى مثل هذه المحاضرات خصوصا مع أبنائنا واخواتنا ، الذين مع الأسف الشديد لديهم جهل واسع بدور المرأة العربية ، وهذا كما تعرفين يأتي بتأثير الميديا الغربية وغياب التعليم العربي الكافي ..لكني أريد أن أشير الى مسألة ..قلت عندما دعت هند بنت عتبة  المقاتلين كانت تعني الجنس ..انا أختلف معك فهي كانت تعني التقدير والإحترام والموروث التاريخي يذكر عن هند بنت عتبة حيث سؤل الرسول: (وهل تزني الحرة يا رسول الله ؟)..المرأة العربية عفيفة وأحيلك الى أبيات عنترة بن شداد الشاعر العبسي يقول :

إني امرؤٌ سمحُ الخليقة ماجدٌ

لا أتبع النفس اللّجوج هواها

أغض طرفي إذا ما بدت جارتي

حتى تواري جارتي مأواها

ولئن سألت بذاك عبلة خبّرت

أن لا أريد من النساء سواها

 عندما تحللين هذه الابيات عنتر بن شداد عبسي اسود أمه زبيبة المجتمع يرفضه ولا يتقبله تتوقعين يكون كل أشعاره في المجتمع لكنه عندما يتفاخر بالعفة فمعناها العفة كانت قيمة عليا بالمجتمع العربي.. اردت ان أنوه فقط عن هذه المسألة وشكرا جزيلا. الحقيقة المحاضرة ممتعة جدا.

أحمد عمر زعبار ( شاعر تونسي ) : لي سؤال لكن قبله وددت ان أشير الى ما ذكره د. عبد الحميد حول اللغة، في العربية الحياة مؤنث والموت مذكر بالنسبة لي أعتقد ان هذا رمز كاف يشير فعلا الى معنى حقيقي في الحياة ..سؤالي هو تطرق بعض الأخوة الى انه الآلهة كانت في بدايات الإيمان في بدايات البشرية كانت كلها تقريبا مؤنثة بجميع الحضارات حتى في أمريكا اللاتينية ، بعضها لا يمكن اعتبارها دينية انما ممارسات روحانية ، كما في اليابان واقصى الشرق ، كانت كلها مؤنثة بعد ذلك ذٌكرت ..هل يوجد مثل هذا في الحضارة والتاريخ العربي ، يبدو ان التاريخ ما قبل الإسلام قد طمس في أكثره لأسباب دينية وهذا أمر واضح ، لكن هل يوجد ما يشير الى انه الآلهة كانت مؤنثة فعلا كلها او في أغلبها على الأقل ؟

 دلال : حول ما طرحه الأستاذ الأعسم ، موضوع الانتحال في الشعر العربي قبل الإسلام واسع وأشبع دراسة من قبل استاذنا طه حسين وكارل بروكمان وقبله محمد بن سلام الجمحي ذكره في "طبقات الشعراء" لكن امامنا توجد نصوص وهنا لا اريد ان أناقش الوضع والانتحال ولا ارى ان الشعر العربي كله في تلك الفترة موضوع واحد الدلائل وهذا موجود عندنا في العراق هو أنساب القبائل ، فالنسب موضوع دقيق جدا فيه حسابات  حيث الناس لا ترغب في خلط الأنساب لذلك نجد هناك النسابون الذين كانوا يعرفون بنسب كل رجل وكل امرأة وارتبط موضوع الأنساب بالشعر ..انا لا يمكن ان أنفي او أؤيد موضوع الانتحال ولكني أمام نص شعري رويّ عن مرحلة حتي لوكان شفاهيا ونقل بلغة قريش تحديدا وليس بلهجات القبائل الأخرى مثلا عندنا في العراق قبيلة عقيل تقول (إنطيني) وليس أعطني ، ومازلنا نستخدمها ..ممكن ان تطرح لغة قريش تساؤلات ..فإنني كباحثة ان توقفت عند هذا الأمر سأتوقف عن دراسة هذه النصوص ، لذلك انا ادرسها كتبت في العصر العباسي عن مرحلة سبقته بمئتين سنة ولم يعترض عليها آنذاك وهذا يعني انها كانت متداولة شفاهيا ..نحن نرى اليوم كل شيء موثق  لكن يجري عليه بعد حين التغيير ..اذن نحن امام نصوص تستحق الدراسة وكثيرا ما نكتشف فيما وراء النص او في طياته تناوله لعادات وتقاليد عربية كانت تمارس قبل الإسلام حتى في وصف الأماكن ..هذا يقودنا الى اعتبار ذلك الشعر الذي وصلنا وثيقة جغرافية وبيئية وعقائدية ..الخ . اما ان نعتبر كل ذلك الشعر منحولا بحجة عدم توفر مصادر كثيرة.. فهذا إجحاف.. انا مع دراسة ذلك الشعر على انه وثيقة وصلتنا من تلك المرحلة.

اما ما طرحه د. عمر ممكن ان يكون صحيحا جدا لكن هناك إشارات أخرى يقال ان هناك شيخ كبير جاء مع ابنته بنتان تجردتا وارتجزتا يعني كانتا عاريتين وقالوا: (امن رجل ينازل الكتيبة فذلكم تزني به الحبيبة) الكلمة الموجودة (تزني) وهي مذكورة في كتاب الأغاني لابي الفرج الاصفهاني. وقد يقال ان هناك اعتراضات على كتاب الاصفهاني لكنه كتاب عن اخبار العرب.

د. عمر: أبقى اختلف معك تماما فيما ذهبت اليه بأن مقصد هند بنت عتبة، ان العرب يستخدمون الجنس لإثارة المقاتلين.. هذا رأيي

دلال: احترم رأيك

د. عدنان عيدان: (باحث في اللغة العربية والحاسب الآلي) شكرا جزيلا.. محاضرة رائعة.. أحببت ان أوضح نقطة بسيطة حول اللغة.. ذكرت السيدة دلال قاموسا واحدا هو لسان العرب لأبن منظور الأفريقي لكن هناك القواميس الأولى الذي يعتمد عليها كقاموس العين والصحاح وأخرى كثيرة المشكلة بالقواميس العربية والتي لم ينجزها العرب لحد الان هو معنى الكلمة يتغير رغم ان اللغة العربية هي الوحيدة بالعالم التي فيها اللفظ والكتابة ثابتة لم تتغير أي عندما تقرأين لشاعر جاهلي لم يتغير في الكلمة لا النطق ولا التهجئة انما يتغير المعنى فمثلا:

                    وجادت له كفي بعاجل طعنة     بمثقف بصدق الكعوب مقوم

فهل كلمة (المثقف) التي قالها عنتر بن شداد لها نفس المعنى التي يحملها (المثقف) في يومنا هذا.. طبعا الكلمتان ننظر لهما بمعنيين مختلفين.. لم تحصل دراسة لحد الان لعمل معجم تاريخي موثق.. واصل النحو بالعراق.. لا اعرف نحوا في الشام.. النحو اما بصري او كوفي.. لماذا لم يجر توثيق الكلمات منذ الإسلام الأول.. بعد الإسلام صار لكلمات معنى آخر مثلا كلمة ربا كانت تعني الزيادة صارت تعني سعر الفائدة وكلمة الصلاة لم تك تعني الركوع والسجود انما كانت تعني الصلة فقط.. هذا ما لم يشتغل عليه العراقيون.

دلال: اضم صوتي الى صوتك وأتمنى ان تحصل مثل هذه الدراسات.

ريم قيس كبة (شاعرة) تحية من القلب دلال.. شكرا على هذه المحاضرة.. اكيد انا شغفي وهوسي بالشعر الجاهلي.. كنت اتمنى ان تقرأين لنا الكثير منه.. ان ما وصلنا بما يسمى من الشعر الجاهلي يعتبر كنزا حقيقيا ويحتاج الى دراسات أكثر.. واستفادت منه مصممة أزياء عراقية من خلال الشعر الذي وصلنا من تلك الفترة وعرفت ما كانت ترتديه المرأة آنذاك فكل دراسة تزيدنا معرفة.

د. جمال نصارى (كاتب أهوازي): شكرا على هذه المحاضرة الراقية.. كل واحد يعرف ان الأسطورة تتكون من ستوري وخيال.. لكن سؤالي ان بعض الأفكار التي اتيت بها هي كونسبت اسطوري.. انا في المقارنة التي اجريتها بين السياب ورائد الشعر الفارسي يوماشيج وهذا الأخير لم أجد لديه أي اسطورة عكس السياب.. مثلا اتيت كلمة النخيل.. النخلة هي كنسبت وليست اسطورة فهناك شاعر يعطينا كونسبت وتوجد اسطورة يوظفها أي بمعنى انا أخلق او هناك شيء مخلوق اعمل على توظيفه هذا أولا ثانيا في الشعر القديم جربنا الرمز هنا نلاحظ الأسطورة عندما تتغير الى رمز تضعف التأويل.. لم أر أي إشارة من الأمثلة الاسطورية التي اتيت بها تلك التي تحولت الى رمز وثالثا هناك تفاوت بسيط في هل هذه اسطورة ام خرافة؟

دلال: انا ذكرت ان الميثولوجيا أوسع من الأسطوري.. الأسطورة لها مقوماتها الكاملة.. اما الميثولوجيا يشمل العادات والتقاليد والتصرفات والافعال في الفترة الزمنية المحددة.. الاحالات التي ممكن ان نلاحظها هي المقدمة الطللية.. اغلب القصائد العربية قبل الإسلام (المعلقات) بدأت بمقدمة طللية. ورحيل الحبيبة.. وهذا الرحيل يبدو كنوع من البكاء واللوعة والشكوى للحبيبة التي رحلت مثلما رحلت عشتار فرحل الخصب.

د. خلود مطر (طبيبة نفسية) مداخلتي تعليق على ما طرحه الزميل د. عمر ذكر ان الشعر العربي القديم يتناول المرأة بعفة وبقدسية هذا الشيء انا أيضا لاحظته من خلال قراءاتي الشعرية لعمر بن ابي ربيعة والبحتري وأبو العتاهية الذي كان شعره ماجنا وتحول الى جانب ديني مع العلم انه من مواليد كربلاء أكثر الشعراء لاحظت في شعرهم الغزلي كان فيه احترام للمرأة كان نزيها، كان معففا. فقط كتاب ألف ليلة وليلة تحدث بإساءة للمرأة برأيي الشخصي كان فيه اباحية.

دلال: هذا موضوع اشكالي سوف لا اناقش فيه.. الغزل في الشعر العربي فيه الكثير من الغزل الإباحي اللغة العربية فيها الكثير من الأحماض الذي هو بالعامية (الفشار) ما وصل الى المدارس شذب كثيرا..

حسين السكافي (باحث في الثقافة الشفاهية والثقافة البصرية) نشكر الأخت الفاضلة دلال فقد امتعتنا بمحاضرتها وفعلا اضافت الشيء الكثير.. بودي اتناول نقطة وهي كلمة (الرحمة) أصلها الرحم، رحم المرأة.. يعني الان لا يجرؤ أحدا ان يذكر كلمة الرحم وهي موجودة في (بسم الله الرحمن الرحيم) فهذه ليست كلمة معيبة.. المرأة كالأرض هي التي تلد.. ولذلك اول معبود عبد هو المرأة لما لها فضل على الاخرين حينما تنجب والآلهة كما ذكر الاخوان كلهن نساء وكان لهن مكان يحج اليه.. العرف دخل على اللغة وحدد الكثير من فاعليتها.. اللغة بيت الوجود وفي بيتها يسكن الانسان.

عرض مقالات: