يعد الفنان المغترب حسن المسعود من أوائل الفنانين العرب الذين مهدوا للوحة الخطية الفنية، وبشر في نشرها، داخل الدول التي تتحدث غير العربية، ومنذ العقد السبعيني قدم، اللوحة الحروفية، المتميزة باسلوبه الفني المتفرد، وهو ينتج شكل الحرف العربي بلغة بصرية خاصة،

 إذ جعل من الحرف العربي عنصراً تشكيلياً مهما في بناء اللوحة واخراجه من جمود الصورة النمطية في الشكل التقليدي ليتفاعل مع استخداماته في أي مساحة أو شكل معتمداً على ما يمتلكه الحرف العربي من مرونة وقدرة ومطاوعة على التشكيل، لينقله إلى آفاق جديدة بمعطيات حسية وبصرية تتقصى الإيهامات البصرية وتنتج علاقات جدلية بين رؤية موضوعية ورؤية ذاتية. ألوان حارة وأخرى باردة، مساحات بيضاء متسعة، وحروف ونقاط سوداء متحركة في حوار شامل يقف الحرف العربي فيها عموداً بنائياً فخماً ليكوّن أساسها المعماري.

لم تكن تجربة المسعود، إلا عن بدايات عميقة منذ طفولته، وممارسته فنون الخط العربي وفق قواعده وأصوله المعروفة، وهو إبن خمس سنوات، على يد خاله الخطاط، ومن ثم الإطلاع الشامل على تجارب الآخرين، والتأمل العميق بماهية وأهمية أن يبحث بنفسه عن مكنونات جديدة للحرف العربي.. غير التقليدية.

وهكذا كانت تجربته، تنمو وتنضج وتعطي ثمارها اليانعة شيئاً فشيئاً، ليرسم له هويته المتميزة، التي تتمتع بمفاهيم بصرية معاصرة تحمل في طياتها تجربة جادة كبيرة.

لقد سعى المسعود، منذ محاولاته الأولى، إلى غرس وترسيخ وتأسيس بناء أسلوب واضح ومتميز خاص عن جميع الخطاطين في العالمين العربي والإسلامي، فكل لوحة من لوحاته تختلف جذرياً عن الأخرى، في اللون والتكوين والإستلهام، بل لا يستطيع أن يعيدها نفسها، فأصبحت لوحاته كل منها تحمل بصمة كأصابع اليد التي لا تتكرر.

لقد كانت من ضمن أسس بناء لوحات تجربته، التي يعتمد عليها، بعد أن درسها بحذق ودراية هي: البعد البصري الرصين لكثافة الكتلة، ومساحة الفضاء الشاسع المتوازن.. حيث تصبح كالبناء المعماري، ولكنه مرسوم بضربات فرشاته العريضة، الشاخصة، التي هي الأخرى من سمات تجربته. لتصبح إيقاعات لونية بصرية دات أحاسيس حية معاصرة.

ولد المسعود في النجف عام 1944، توجه إلى بغداد عام للعمل مع الخطاطين هناك، فيتعلم الأساليب التقليدية للخط العربي والأدب المحيط بعالم الخط، ولكنه في الوقت نفسه كان يحب الرسم والتصوير الزيتي، ويحلم بالذهاب إلى باريس، للدراسة في المدرسة العليا للفنون الجميلة “البوزار”. انهى دراسته في مدرسة البوزار للفنون في باريس وعمق دراسته للخط العربي في زيارات دراسية بحثية لكل من القاهرة واسطنبول وبورصة. وفي العام 1986 نشرت له دار فلاماريون كتابا تحت عنوان “حسن المسعود الخطاط”، ثم كتاباً تضمن خطوط بنصوص لجبران. وكتابا آخر تضمن 130 عملاً فنياً من الخط العربي. كما اصدر مع الروائية اندريه شديد كتابا بعنوان “الحديقة المفقودة”، ثم اصدر “خطوط الارض”. ومع الكاتب الفرنسي جاك سالومى أصدر كتاباً حمل 65 لوحة فنية من أعماله. وفي العام 1999 أصدر كتاب تحت عنوان “سفر الطيور”. وكتاب “دفتر خطاط” عن رباعيات جلال الدين الرومي. والعام 2002 تصدر له دار فلاماريون كتابا عن الخط العربي. والعام 2003 أصدر كتاب “خطوط الحب”. كما نشر مجموعة من 65 لوحة مختارة تحت عنوان “خطوط الإنسان”. كما صدر له كتاب “بعيدا عن الفرات” حول حياته وعمله الفني. وكتاب آخر عن ملحمة كلكامش.