الضباب المُعتم يخيم فوق الأشجار،                      

فوق المروج.

 فغدتْ الأشجار بلا الوان،

واختفى اخضرار المروج.

هذا اللهب المتوقد من الفانوس،

يبدو وكأنه

بؤبؤ العين الصفراء في الظلام.

بدأ بؤبؤ العين الصفراء يتسع بغرابة.

لا أحد يضحك او يتنهد في ممرات المنتزه

انا أسْعُلُ.

يبدو سعالي كأنه قرقرة الاشباح.

انا أسير..

كانت خطواتي تشبه خطوات الاشباح

 ولكن،

في احلك ممرات المنتزه،

هناك المصابيح قد انطفأتْ

 زانية مختبئة بين الأشجار،

وعلى الدكة الوحيدة تجلس هناك.

شَدَّتِ اللِّثَامَ عَلَى خدها الأبيض

اللِّثَامُ يغطي خديها البيضاوين

 لِّثَامُ أسود...

 عيناها تتلألأ بغرابة من وراء اللِّثَامِ

 

انتابني شوقٌ هائجُ بالفرحِ الليلي

بلِقاء إنسان في ظلام جوف الليل،

جلستُ بصمت،

عن خدها أزحتُ اللثام بهدوء.

قربْتُ عيني من عينيها،

وروحي لامستْ روحها.

 بعض أوراق الاشجار تتساقط بصمت.

اضع اذني على قلبها برفق،

وانفجرتُ في البكاء،

وأسكبُ دمعي على قفازاتها الباردة.

البكاء، البكاء،

لا اعرف لماذا أبكي.

 وهي لم تبتعد عني.

بدأتْ تمسحُ عينيَ بحذر.

وأمسكتُ يديها بهلع شديد،

وطلبت منها أن تخبئني تُخبئني، تُخبئني.

 الضباب الداكن غشى فوق الأشجار، على النفوس

 لاتزال الأوراق خالية من الألوان،

واختفت الخضرة من الأعشاب.

ولكن في الضباب الداكن،

الأوراق السوداء تساقطت بصمت.

والمجهولة تجلس على المقعد الوحيد،

 في الحلكة الدامسة تختبئ.

ووجه المريض تُخفي في صدرها الدافئ.

عيناي الخائفتان أخفتهما بيديها الناعمتين

لا تجد أحدا يسمع تَنَهَّدَاته من الألم، إلَّا الله

لا تجد أحدا يسمع همسات مواساتها، إلَّا الله

*(١٨٦٦- ١٩٠٠)

عرض مقالات: