الورقة المشاركة في الأمسية التي أقامها (ملتقى جيكور الثقافي) في قاعة الشهيد هندال/ مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة 21/ 8/ 2021
(*)
ألتقيتُ إبراهيم الخياط، بعد شهورٍ من سقوط الطاغية، قصدتُ بغداد مشاركا عن تنظيم البصرة في الاجتماع الموّسع الذي عقده حزبنا في مبنى جريدة (طريق الشعب) في شارع أبي نؤاس، أنا وإبراهيم وثلاثة من المناضلين، ترأسنا (موّسع العمل الفكري) الذي ساهم فيه ممثلو الحزب في المحافظات كافة وبقيادة سكرتير الحزب الشيوعي العراقي :(أبو داوود) وعضو المكتب السياسي الرفيق مفيد الجزائري.. ثم التقيتُ إبراهيم الخيّاط، بعد شهور أيضا في موّسع يناقش (مستقبل الثقافة العراقية بعد نيسان 2003) في المبنى نفسه، تعمقت علاقتنا، لما يتصف به الخياط من سجايا جميلة ورؤى مستقبلية لمثقف عضوي طموح..
(*)
ميتتان دمويتان وإبراهيم واحد، وقبلهما مكابدات الفرار العائلي من ديالى المضرّجة والمكتومة الانفاس بفوهات داعش..
. الميتة الدموية الأولى كانت قتل إبراهيم بالإستعارة من خلال مقتل زوجته الأولى، حين عادت من بغداد إلى ديالى لتجلب ما تحتاجه العائلة فأجهزوا عليها القتلة في بيتها !! لم يعد البيت (هو المكان الذي يجب أن نقبل فيه) كما خدعني الشاعر روبرت فروست، الغزاة صيروا المأوى بيت عنكبوت..
(*)
لا يمكننا التماهي في ذات إبراهيم وذريته في تلك اللحظة الدامية ، كل توصيف لمعاناتهم : محاولة فاشلة
(*)
الدموية الثانية : تكبيد الثقافة العراقية خسائر لا تعوض : شراسة الموت التي باغتت إبراهيم وحده..
(*)
لماذا تداعت ذاكرتي إلى ميتاتِ دهسٍ أخرى: دهس المناضل (شاكر محمود) بتوقيت الجبهة الوطنية في سبعينات القرن الماضي والنحات الفطري (فرات منعم بربوت) والناقد الفرنسي (رولان بارت)، والقاص المصري يحيى الطاهر عبدالله .
(*)
قد يكون موت الزوجة في إطار المتوقع، فهي قامت بمغامرة فردية عزلاء، في مدينة مفخخة، الزوجة غامرت حتى لا تخسر إبراهيم ،
(*)
الزوجة : تصورت أن لديهم بقية مرؤة تجعلهم يستحون من قتل النساء.
(*)
موت إبراهيم في أحدى مستوياته : موت مفاجىء، وفي مستوى آخر هو نسيج من سرديات القدر ومشتقاته اللامرئية!! أي قدرٍ قذرٍ، أن يذهبا بهذه الطريقة العنفية: الأم ثم الأب
(*) في مجموعته الشعرية الوحيدة :(جمهورية البرتقالة)، في القصيدة الأولى (كاسب كار) في السطر الأول والثاني والثالث نقرأ التالي
(إنه
قاب قتلين أو أدنى
فحق عليه القول)
وفي السطور الثلاثة الأخيرة نقرأ
(وبعد ذلك
وقبل ذلك
هل لا يقتلونه)
هذه القصيدة ليس اعتباطا ً تكون أولى القصائد، فالثوري المجالد لا يضع دمه إلا على كفه
(*)
في قراءاتي السابقة للمجوعة الشعرية، رأيتها تعني كل الثوريين، أمثال البطل (وضّاح) و المعرفي الدؤوب (كامل شياع) وها هي تعني ثالثة الأثافي (إبراهيم الخياط)
(*)
لم يصدّر إبراهيم الخياط سوى هذه المجموعة الشعرية، من المحتمل هناك أوراق سيعلن عنها ذات يوم، ويتحول المخبوء إلى معلن..
(*)
تميزت (جمهورية البرتقال) من ناحية النشر بطريقتين:
- توزيعها كمطبوع
- وقراءتها من قبل الشاعر إبراهيم الخياط، أثناء الاحتفاء به في المحافظات
- قصائد المجموعة ، لم تذيل بتواريخ كتابتها، تاريخ الإصدار 2007 قراءتي ترى، ربما تكون المجموعة .. أقول ربما هي مختارات من مجاميع للشاعر، اختار منها ما يوائم شروطه
في الوعي الشعري
(*)
إبراهيم يدري كشاعر، أن للقصيدة طقوسها في المخاض، لذا قام بنقل عدته الشعرية إلى سردياته في المهرجانات فجاءت أوراقه المشاركة مشعرنة . أقول ذلك من خلال إصغائي لها في المهرجانات، وهذا الأمر رصده الناقد الدكتور علي إبراهيم حين تناول مقالات إبراهيم الخياط نقديا
(*)
مع رحيله تحول المناضل والشاعر والإنسان إبراهيم الخياط من ذات ٍ إلى موضوع يستحق التعمق في تناول منتوجه الشعري والسردي
(*)
المسؤوليات الثقافية ولا أقول المنصب : انتزعت منا مشروع شاعر عراقي كبير، بشهادة شهادتين مثبتتين في قفا الكتاب
شهادة ناقد عراقي كبير
شهادة شاعر عراقي كبير
التقط هذه الجملة من شهادة الشاعر :
(هناك لمسة خاصة به، المسألة لا تخص الأفكار بل هي لمسة تخص لغة القصيدة، فلغة القصيدة تسير باتجاه معين وفي لحظة غير متوقعة تنحرف ويتغير الاتجاه ويتغير الأسلوب)
إذن إبراهيم الخياط : شاعر جديد مِن خلال بصمتة الساطعة
(*)
عطّرّ الله جدثك أيها الشاعر المناضل : إبراهيم الخيّاط