الأزج :بناء مستطيل مقوس السقف : هذا ما يخبرنا به المعجم الوسيط  ..أما (باب الأزج) فهي روايتها الثالثة، وبالنسبة لي،فهي الرواية الثانية التي تتكشف لديّ قدرات الروائية نيران العبيدي ... الأولى  روايتها(منعطف الصابونجية)  قرأتها في2014 سنة صدورها عن دار ضفاف للنشر، التابعة للصديق  الأستاذ الدكتور باسم الياسري.ودحستُ بين صفحات الرواية: أوراقاً كتبتها بالسوفت الاحمر عن الرواية، ثم أنهمرت الكتابات  عن (الصابونجية) على طريقة : كوبي / بيست : فأحجمتُ عن نشر ما لدي..

(*)

توقفتُ عميقا عند بابين : (باب الخان) للروائي علاء مشذوب (باب الفرج) للروائي زهير الجزائري .وما كتبته عن البابين، منشور في المواقع الثقافية. والآن أحاول أن تكون نزهتي (عند باب الأزج)... تنزهتُ منذ سنوات قرب باب الأزج، حيث جَمعَ الزاهد المخرّمي (قدراً كبيراً مِن الكتب، وضعها في مدرسته التي بناها بباب الأزج، والتي سيتولاها من بعده الإمام عبد القادر الجيلاني أشهر تلاميذه/ 61/  يوسف زيدان/ بازالله  الأشهب ) والخرمي هو الذي نادى على الفتى عبد القادر حين مر يوما ( فقال لي : تعال إليّ بباب الأزج/ 62/ المصدر السابق )

(*)

(أن تمتلك ِ الجمال في مجتمع يحمل الكثير من البشاعة فتلك معضلة والمعظلة الأكبر أن تكوني سياسية../167) هكذا هي النظرة الدونية للجندر الرجولي : يترك ثلاث نساء ويلوذ بالفرار حفاظ على نفسه.. (رجولتهم تتخفى خلفنا يستثيرون شفقة المجتمع الذكوري نحونا لحماية أنفسهم/ 163)هنا يأتي التعقيب الساخر على لسان العبدة كتيتي( لا تبالي أبنتي حتى أقوى رجالات عهدنا نوري السعيد تخفى بعباءة امرأة، ربما يعتقدون نحن ستر وغطاء لهم)  :من هذا الباب تدخل قراءتي الثانية لرواية (عند باب الأزج) فهذا الباب هو الخلية السردية الموقوتة التي تشظت بسعة 168 صفحة  وبالطريقة الاعتباطية نفسها ينهون حياة النقيب عبد العزيز ابن القاضي /154

(*)

هي رواية الزمن العراقي من 1128م إلى اليوم الأسود القاني 8 شباط 1963 وهي القراءة الروائية المنتخبة عيناتٍ من هذا الزمن الأغبر تتماوج صخابة بين منعطفات ومطبات هذه المسافة.. والكل يبحث عن ماضيه في حاضره . أما العراق فهو: شجرة سقياها من دم الأخوة المتقاطعين حد الذبح. حسن باشا يبحث عن أصوله العباسية، وزمن الرواية هو فجر الثورة المغدورة 1958. بلد يقتل فيه الإنسان سهواً أو بِلا سبب ٍ أو بذرائع طائفية واهنة منذ آنذاك إلى ما بعد الآن، بعد الثورة الفتية في تموز 85:  الإصلاح الزراعي ينخره الفساد الإداري يقتلون المناضل صاحب بن ملا خصاف، فيستعيده رفيقه مظفر النواب في قصيدة شعبية ..(أي أصلاح زراعي  نصف أعضاء الجمعيات الزراعية تقلد رئاستها أولا د السركال والاقطاع وحصلوا على 80 دونم باسم الفلاح. الله وكيلك ومحمد كفيلك الفلاح حاله حال زمن الاقطاع../  82/ باب الأزج ).. الجماهير عارية من الأسلحة خذلها الزعيم المسالم، الزعيم الذي رأت الجماهير صورته في القمر وسمعت صوتا سماويا يهتف (ماكو زعيم إلاّ كريم).. وهاهي الجماهير تلوّح في نهارٍ رصاصي الطعم واللون والرائحة، وتؤثل سواتراً من سعفات النخيل وأسلحتها العصي والحجارة، تتراجع مليشيات غدارات بور سعيد..(وسرعان ما نسمع أوامر بإطلاق النار، كر وفر نعتكز على همتنا. العم فيروز الأحدب أعتلى أحد السطوح وبدأ بتفليش لبنات الطوفة. الاولاد يستعملون مصائدهم لرمي حجارة فيروز. نحن جياع باب الشيخ نقف أمام عدسة الزمن صورة شهادة رفضنا../    142 ) .. حردان التكريتي  آمر قاعدة كركوك، يرفض استعمال طائرات القاعدة في 8شباط / 221/ هاني الفكيكي. .الإنقلابيون قواعدهم العسكرية في قاعدة الحبانية ضئيلة بسبب المد الشيوعي المتنفذ عسكريا . البعثيون يناقشون(في القيادة القطرية أسماء مرشحي تنفيذ عملية اغتيال قاسم واحداً واحدا ً.. وللأمانة بعض الأسلحة التي قدمتها مصر لعبد الوهاب الشواف،أستلمها حزب البعث بطريقة أخرى وأوصلها إلى بغداد. وكانت هي أسلحة التنفيذ في محاولة الاغتيال وقد جاءت إلى الشواف ضمن أسلحة أخرى ومحطة إذاعة سرية من مصر عبر الأراضي السورية في بداية 1959 بإشراف مباشر من عبد الحميد السراج، وتم تنسيق الأمر مع السفارة المصرية من قبل فؤاد الركابي للحصول على بعض ذلك السلاح، وكانت السفارة تعلم علم اليقين بما نخطط له. وإن هناك مبلغ عشرين ألف دينار أو جنيه قد أستلمها الحزب لتمويل وإدامة نشاطه وأعمال التحضير للعملية.../ 29/ جواب طالب شبيب / ضمن كتاب الدكتور علي كريم سعد / عراق 8 شباط 1963 من حوار المفاهيم إلى حوار الدم/ مراجعات في ذاكرة طالب شبيب))

(*)

الشخصية المحورية: هي الشخصية الغائبة والحاضرة على طرف كل لسان: أعني (بدرية) المذبوحة على يد مرهون ابن نسيبة، زوج أختها مديحة: ويرد استحضار الضحية بدرية في العديد من الصفحات منها: 12/15/ 21/ 25/ 28/ 35/ 40/ 42/ 48/ 50/51/ 54/ 66/77/ 80/84/86/ 109/ 110/ 160/ 162/ وإذا كانت بدرية ضحية التخلف

فما هي جريمة بنات المحلة وصرخاتهن تصم الأذان، وصوت أم كلثوم يلعلع جيش العروبة يا بطل الله معك. والحرس القومي يغتصب البنات

وصوت أم كلثوم يعلو ويعلو ليخنق صريخ العراقيات اللواتي يغتصبهن الحرس القومي: مأساة فلسطين تدفعك نحو الحدود – حوّل لها الآلام بارود في مدفعك..أيعقل هذا الغناء الأشد شراسة من أخلاق النازية !! (تحرير فلسطين يبدأ من دخول فوهة مدفع ببكارة امرأة عراقية/165  ) وهذا الكلام لا يختلف عما كتبه شاعر فلسطيني أثناء الحرب العراقية الإيرانية (من قصر شيرين إلى فلسطين) !!

 (*)

السيادة للنسوية في (عند باب الأزج) :

ليس فقط من خلال الإحالة النصية المتواصلة بخصوص المذبوحة بدرية . فهناك شخصية (ضحى) بجمالها وثراءها وانتسابها للحزب الشيوعي العراقي، وبسبب شرف الانتساب يغتصبها الحرس القومي. وفي السادس عشر من رمضان، بعد يومين من الأنقلاب الدموي، تبحث عن زميلها في الكلية ورفيقها في الحزب حسين بهرزي، فتقع ضحى ضحية وشاية زميل كان معهم شاهدها في الشارع (أبتسم بوجهي، وأعطى أشارة من أطراف أصابعه،أقتربت مني مجموعة من الشاب طوقتني من جميع الجوانب،بلغة آمرة تغيرت لهجته وطلب مني الامتثال : ست ضحى أنت تحت الأحتجاز بتهمة التخريب والتآمر على الثورة/  168)..ضحى متفوقة على زميلها ورفيقها في الحزب حسين بهرزي. فالوعي الحزبي والمجتمعي لم يصقله ويخلّصهُ من جلافته في التعامل مع ضحى /28- 29- 30- 31

(*)

بين مستويين فكريين تتوزع الرواية  ولا أعرافَ: بينهما: فالصوفي والثوري يمتلكان نفس الحساسية الاجتماعية . والفضاءان مفتوحان. تستقبلنا الرواية بمقبوس صوفي/ إصلاحي  للشيخ عبد القادر الكيلاني: (لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع.. وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع.. وخير مما قام لله راكع.. وخير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع... وخير ممن صام الدهر والحر واقع... وإذا نزل الدقيق في بطن جائع له نور كنور الشمس ساطع.. فيا بشرى لمن أطعم جائع).. هذا المقبوس يؤكد الأولية للناسوت وأهميته على اللاهوت.

(*)

من جماليات(عند باب الأزج)، أنها استعملت مرجعيات، وثبتتها بعد نهاية الرواية لكنها من خلال تدويرات السرد صيّرت تلك الكتب من الندائف في النص الروائي

نيران العبيدي / باب الأزج/ دار ضفاف / بغداد/ ط1/ 2021

يوسف زيدان/ باز الله الأشهب /  دار الجيل / بيروت/ 1991

هاني الفكيكي / أوكار الهزيمة / مؤسسة المنار/ قم – صفائية/ 1992

الدكتور علي كريم سعد / عراق 8 شباط 1963/ دار الكنوز الأدبية/ 1999

عرض مقالات: