إستهلال الكناية عن القرية التي تدر الخيرو العطاء والبركة والحياة الحرة الكريمة للإنسان، الراوي إستخدم لغة التأويل (الإزاحة والإنحراف) بديلاً عن الأُسلوب السردي المباشر، وهذا يدل على تمكنه من ناصية اللغة بجدارة وإقتدار، وحتى شخوص الرواية وهم أهل القرية باتوا يتحدثون باللغة الفصحى عدا الأًنشودة الشعبية التي غنتها مجموعة من الأطفال بأصواتهم الجميلة.  

كما ان إهداء الرواية الى المناضل الوطني الشهيد زيدان منصور شاهين وضع في مكانه المناسب عكس الذين يهدون الكتاب إلى ذويهم، أهداه إلى من ضحى من أجل الناس  والمبادئ السامية التي آمن بها والراوي يؤمن بنفس المبادئ. إن ما تتميز بها الروية تكمن في تصوير بيئة القرية والعادات والتقليد الحميمية التي تجمع بين العوائل حين تجمعهم ليالي الشتاء ونظرة اهل القرية ولا سبما النساء ألى الشباب الطفيليين الذين لم يذهبوا الى المدينة للعمل وتكوين أنفسهم لكي يمتلكوا القدرة على الزواج وإدارة شؤونهم، ما اشبه البيئة القروية التي صورها لنا الراوي بالبيئة القروية الكردية التي كنت فيها أيام كنت بين صفوف البيشمركة وكانوا مجموعة من فلاحي قرى أربيل توجهوا إلى بغداد لإيجاد العمل في المشاريع المتوافرة في بغداد لتكوين أنفسهم ثم العودة إلى قراهم، فتصوير البيئة بشكل دقيق واامين يضفي اهمية كبيرة على نجاح الرواية، وسر نجاح ئلاثية نجيب محفوظ وفوزه بجائزة نوبل يعود إ لى التصوير الجميل الرائع لبيئة مصر. 

 برأيى تبدأ الرواية من الفصل الثالث حيث يظهر الحدث الرئيس على الرغم من عدم أهميته كسرقة عزت البطة الكبيرة وأن والدته ذكرتها كمداعبة وإعترف عزت بالندم أي ندم وبرر موقفه بخطأ إرتكبه بأن كان من الأفضل عليه الإمساك بالفراخ للإحتفاظ بهما، في حين أن أُمه انحت علية اللائمة أنه لم يول الإهتمام بحرمة الجيران، وتحول الحدث الريس إلى عقدة في نفس عزت كظل لايفارقة كما يقول المثل : (من شب على شيئ شاب عليه ) وكما يقول المثل الكوردي : “ ما إعتاد عليه في الرضاعة لم يتركه في الشيخوخة “، هذه العقدة أخذت أبعاداً ومديات مع تقدم عزت في العمر، حتى حولته ألى إنسان يمثل الظلام الدامس بعكس والدة الحاج حسين الرجل النبيل المعتد بشخصيته العصامية على العكس من عزت الذي تحول إلى إنسان معتد بنفسه، إتكالي ووصولي يتحين الفرص ليعلو شانه ولو على حساب قتل والده الرجل الطيب في القرية، سار عزت على نهجه فالمهم بالنسية له أن يحقق مآربه وينتقم من الذين لم يهتموا به حين اراد أن يتزوج كونه كان طفيلياً عائلاً على أهله، وسار على نهجه العدائي  لجميع أهالي القرية، سيما فتيات القرية في نظرتهن إلى الشباب المقبلين على الزواج أن يعتمدوا على أنفسهم حتى لايكونوا عالة على غيرهم.

لقد حققت الرواية نجاحها والرواية الناجحة هي التي نأخذ طابعا شمولياً حيث وجدت نفسي فيها منذ الثامن من شباط الأسود الدامي سنة 1963 وسنة 1978 أُخرجت من التعليم الثانوي بقرار من ما يسمى بقيادة الثورة وأُبعت الى البصرة كباش كاتب في المحكمة الشرعية، الى نيسان 20003 حيث سقوط نظام صدام الدكتاتوري بكل تفاصيله وأحداثه وحيثياته. 

كما ان الأسماء التي إختارها كاتب الرواية أو خلقهالشخوص الرواية كانت أسماء د الة على مسمياتها  بشخوصها الخيرة والشريرة، أُختيرت من منطلق العقلانية والمنطق السليم.

وقد تحدي الكاتب مجرى الحياة التي إعتاد القروي العيش فلاحاً كقدر والده ، فركز على إرادة الإنسان التي تؤكد على “ همة الرجال الذين يعيشون في الجبال” لا أ ن يعيشوا فلاحين كما إعتاد عليه والده كقدره المحتوم،كأنه مكتوب على جبينه، فأصبح إبنه مدرساً مرموقا ً وكاتباً لامعاَ، كرس حياته لخدمة الشعب والتفاني من أجله.

ـــــــــــــــــــ

* باحث وناقد

عرض مقالات: