بروح مفعمة بالتفاعل العميق والواقعية الصادقة أنجز الروائي عبدالرضا صالح محمد روايـــــــــته الجديدة "سبايا دولة الخرافة". وعلى الرغم من أن تلك الرواية قد تميزت بامتدادات آفاقها وسعتها وتعدد الأحداث والقضايا التي تناولتها وتحررها من حصر الحدث في حيز مكاني محدد فامتلك بذلك كاتبها مساحة واسعة للتعبير عن مكنونات التلاحم الإنساني الفاعل المترجم والمتجذر فكراً وقولاً وعملاً بعــــيداً عن الحصر والسير في مسارات تتبع لمفاهيم أيديولوجية أو فكرية او عرقية أو دينية أو طائفيه، الا أنها على العكس من كل ذلك فإنها تمركزت في صيرورة واحدة توحدت فيها كل الرؤى والمفاهيم صيرورة توحدت فيها المفاهيم بروح وطنية جمعيه.. فانعكست بالتالي على طريقة سرد "الصالح" لأحداث الرواية، فأبدع في إيصال وقع الأحداث بأسلوب وجداني يجعل من المتلقي مشاركاً ومشتركاً في الانغماس بوقع الحدث بل بصنع وتفعيل الحدث والتداخل مع مساراته وصيرورته ونسج تكويناته وفق إرهاصاته الفكرية وتفاعله مع واقعية الأحداث.
استخدم الروائي في كتابة روايته لغة حميمية دافئة قريبة جداً من اللغة المتداولة بين ناس أوسع الشرائح الاجتماعية والتي تمس مشاعرها أحداث الرواية مساً تفاعلياً مباشراً واقعياً واللغة هذه بعيدة كل البعد عن خلق التشتت وضياع عمق الفكرة في ضبابية الترميز أو الإغراق الشاعري الـــــــذي قد يهمش أو يضعف أو يضيع المحتوى الفكري لــــحساب التزويق والبهرجة اللفظية وبذلك أعطى الـــروائي عبدالرضا صالح للأحداث صبغة الرصانة والــــجدية بواقعية قريبة جدا من التفاعل النفسي الحقيقي المؤثر والنابض بالتأسيس لتلاحم متماسك لروح إنسانية لكيان مقدس هو الوطن والوطنية الحقة تحت مفهوم مظلة الإنسانية بأبعاد وطنية واسعة واضحة تلامس وجدان اكبر عدد من الناس, وبذلك يمكن اعتبار الرواية من نوع الأدب الهادف لتحفيز وإحياء للمفاهيم الإنسانية والتأسيس لروابط المواطنة بانفتاح وشمولية فيها من العمق ما هو ناضج وواقعي.
الروائي، وعلى الرغم من تماهيه وتداخله مع كل أحداث الرواية فهو لم ينزلق ليؤدي دور "الراوي العليم" المنسلخ عن الحدث بل على العكس من ذلك كان يتعامل مع الأحداث بتفاعل وجداني حقيقي وروحية منغمسة وملتحمه بصيرورة الحدث وتداعياته وما يشكله الحدث من نتائج تصب في سيرورة وتصاعد المحتوى الفكري للرواية هذا المحتوى الفكري النبيل الذي يهــدف ـ وكما نوهنا سابقاًـ الى ترسيخ مفهوم شعار الإنسانية الوطنية الهادف الى بناء إنسان يجب عليه أن يبدأ بمصالحة ذاته أولاً ليكون قادراً على الإبداع والعطاء ليقبل ويحب ويحترم الآخر بروح تتدفق تماسكاً وبإرادة منتصرة لبناء وطنً يكون بيتاً وملاذاً آمناً - بكل المقاييس والاعتبارات - للفرد والمجتمع.