رجلٌ مسيجٌ بآفاقَ مضطربةٍ تتموج بين عتمةِ وضياء.
رجلٌ تحيطُ بهِ غابةٌ من رجالٍ ونساء.
رجلٌ أحزانُه قزحيةٌ مثلَ عيني نسرٍ محلقٍ في سماءٍ صائفةٍ.
رجلٌ عاقبتٌه الحياةٌ فمنحتْهُ فسحةً من العمرِ مما لا يستحقُ أو يُريد.
رجلٌ مهمومٌ تحترقُ أطرافُه وأيامُه مثل سيجارةٍ في فمِ الزمانِ الأدرد.
رجلٌ تلاحقُهُ الأسئلةُ، أسئلةٌ لا يدري إنْ كانت منتجة أم عقيمة!
رجلٌ تجفُ أيامُه وتتقصف مثلَ أغصان شجيرة ورد في أرض غزاها الملح والجراد.
رجلٌ يعرفُ أنَّ المسرحيةَ التي يعيش فصولها مقرفةٌ،
فهي مرتجلةٌ بالكامل، فلا مؤلف أو مخرجَ لها!
رجلٌ تتعاظمُ وحشتُه كلما اتسعتْ هذهِ الغابةُ البشرية.
رجلٌ صامتٌ مثلَ حبةِ رملٍ في صحراءَ عظيمةٍ.
رجلٌ يَدري، ويَعلمُ أنَّهُ يَدري.
ولأنه يدري ويعلم أنه يدري،
ولأنه يعلمُ أنَّ البقاءَ يسمو على الفناء،
فهو ما انفك يبتسم لشمس الصباحات، للطفولة، للأزهار، وللندى،
ما انفك يهيم بالليل، خيمة المحبين الكبيرة،
الليل، زمن تتدفق فيه أنهار العشق لتسقي شجرة البقاء،
رجلٌ ما أنفك، ومنذ خمسين عاماً، ينظر مسحوراً إلى وجه حبيبته صبحاً ومساء،
رجلٌ ما زالَ عاشقاً للنهرِ والنهار.
رجلٌ راغبٌ أن يقدمَ ارتجالاً يليقُ بهِ في هذه المسرحيةِ المرتجلةِ الرعناء،
ارتجالاً مستقطراً من كيانهِ كالخمرِ من العنبِ،
ومحتدماً أبداً مثلَ موسيقاه الداخليةِ الصماء،
الموسيقى التي لا يسمعها، ولا يعشقها، سوى العارفين ...
المالكين زمامَ الخيارِ في مواجهة شجاعة الوجود!

عرض مقالات: