سأسميه جيخوف العراق لحنكته في الحفر البسيكولوجي والروحي لشخصياته المسرحية التي تتسلق الريبة والهاوية وجحيم مايدور حوله في الطوفان المستمد من ملحمة كلكامش ووضع الشخصيات في نشيج ندبي وانهيارات لحفرة عميقة الغور يسقط فيها الحشود المحتضرة لبلاد تضع رقبة اولادها على دكة ذبح ونزيف تاريخي بلا كلل ولا ندم ولا معاودة أسئلة الوجود البهيمي الذي كتبه ويكتبه السياسيون المواربون القتلة..

(تموز يقرع الناقوس) مسرحية تحذو حذو (الطوفان) في اعادة طرح سؤال المذبح الدموع وشهية القتل التي امتاز بها العراقيون على مدى التاريخ وربما كان عادل كاظم هو الكاتب المسرحي العراقي، هو نفسه كاتب المخاضات والتفجع  والشخصيات العدمية المعلق مصيرها على حبل مشنقة نصبت هنا وهناك لرقبة الاجيال الفتية التي تحلم باستعادة كتابة البلاد التي تتوسل الحرية والجوع للبوح الحر وللرغيف الحار ومغادرة البهيمية المفرطة وشهية تحول الناس الى قطيع بغريزية دموية.

وعادل كاظم ابدا كان يعيد طرح سؤال العتمة والخوف المر وانحسار المناخ اللين والطري والذهاب بالبلاد الى حفرة موتى واسعة وحفاري قبور يزدادون يوما بعد يوم ليهيلوا التراب على بلاد الرافدين بتاريخها الملحمي واساطيرها وشعريتها.

وعادل كاظم غاب في ظروف عسيرة وقاتمة شأنه شأن كل فنانينا الكبار ممن نذروا اعمارهم الى خشبة المسرح أولئك الملهمين الخلاقين المغيبين في مناخ العمى السياسي والثقافي المكسور المثلوم الذي يوارى التراب وبسرعة خاطفة على اجسادهم دون اي عودة لاحياء موروثهم العظيم وهذه محنة ان تمسح الاجيال المتعاقبة ما حققه الأوائل من ابتكار وخلق والدولة هنا بأميتها وعماها الجمالي تكرس هذا الدفن المقصود للتنوير الذي صنعه مبدعينا العظام وعادل كاظم من بينهم.

ـــــــــــــــــــ

مخرج وكاتب مسرحي

عرض مقالات: