(لأن المسلسلات تلقى الكثير من الاهتمام ومتابعة الجمهور، ولأن المسلسلات التركية لها حضور أكثر من سواها، ارتأينا تعريف المشاهد بطبيعة وترجمة هذه المسلسلات)

المحرر

(كلمة الدبلجة مشتقة من اللغة الفرنسية (DOBLAG) وهي عملية تبديل أصوات الممثلين الأصليين بممثلين آخرين من لغة الى اخرى بواسطة الترجمة) وظهرت الدبلجة بناءً لمقتضيات الحاجة الضرورية لان الكثير من المتابعين كانوا يجدون صعوبة بالغة في متابعة الترجمة الكتابية آو لا يستطيعون القراءة.

في العقد الأخير من الألفيّة الثانية قامت القنوات التلفازية العربية المهمة منها الإمارات ومصر وغيرها بعرض المسلسلات التركية من خلال شاشاتها الفضية والتي استحوذت على اهتمام كبير من مشاهديها بعد انْ قلّت الرغبة بمتابعة المسلسلات المكسيكية التي تبدأ أحداثها الغريبة ولا تنتهي وهي بعيدة عن واقعنا الشرقي وتحوي مقاطع لا تليق بالمجتمعات العربية المسلمة والمتديّنة وهذا ما تناقلته بعض المؤسسات والشخصيّات المؤثرة الموجودة في الساحة الفنية وقتذاك،  وعلى إثرها أفلت نجومية تلك الدراما القادمة من وراء الأطلسي وعدم رغبة المنتجين في استمرارها وأصبحت المسلسلات التركية بديلة لها ومنافسة حقيقية للدراما الخليجية والمصرية والشامية وعرضت بعضها وحققت نجاحاً واسعاً منها ( الحب الممنوع، كوسوفي، مراد علمدار، حريم السلطان وغيرها )حتى أصبحت حديث الساعة بين المتابعين ولانها عُرضت سابقاً في القنوات التركية وقد تابعتها لإجادتي اللغة التركية ( قراءة وكتابة وتكلماً) فكان البعض من المشاهدين يسألونني عن الأحداث الاخيرة والمهمة والمؤثرة التي ستكون مسك ختامها، وهكذا سارت الأمور الى انْ قامت الجهات الفنية المستوردة لهذه المسلسلات بالاتفاق مع منتجيها على عدم عرضها بنسختها الأصلية ( التركية) داخل تركيا والاكتفاء بترجمتها الى العربية حصراً وفِي هذا الصدد يقول المنتج التركي كرم جاطاي اتفقنا مع القنوات العربية وخاصة الخليجية على ان تترجم هذه المسلسلات باللغة العربية الشامية حصراً لعدة أسباب منها انّ بعض الأتراك القاطنين في مدن تجاور سوريا لديهم جذور عربية ويتحدثون بلغتهم( لغة الام) ويجيدون اللغة التركية ايضاً وهي اللغة الرسمية لهم ولا يعانون اية صعوبات في هذا المضمار ومعظم مترجمينا لديهم شهادات عليا وتخصصية في هذا المجال والجدير بالذكر هنا ان اللهجة الشامية قريبة جداً من اللهجة التركية من حيث طنين الكلمات والإيقاع الخاص بها).

المتابع الذي يجيد اللغتين( العربية والتركية) سيتعرف على تطور وتقدم فن الترجمة بصورة كبيرة جداً وخروجها عن المألوف القديم الممل والذي لا يتعدى ترجمة حرفية وأحياناً كانت تفقد المعنى الحقيقي المراد ترجمته مما يذكرنا بمقولتين مهمتين هما ( الترجمة قبلة من خلف الزجاج ) بمعنى الشكل موجود والشعور غائب ( الترجمة هي الوجه الآخر للسجادة ) وبأن يطلب من المترجم نقل معانٍ من لغة الى اخرى ووصف الحالة الشعورية والاحاسيس التي عاشها المؤلف ونقلها الى مواطني دولة اخرى ومن هذا المنطلق ينبغي على المترجم ان يتحرى الدقة من خلال ما يتمتع به من مهارة وخبرة في هذا المضمار ) والمترجم المكلف بهذا الامر يتابع الموضوع بجدية مثالية ويطلع على فكرة الموضوع اولاً والسيناريوهات ثم النتيجة النهائية ليبدأ عمله بترجمة الفكرة اولاً ثم التحول الى الحوارات مستمداً من (محور ومركز الفكر) قاعدة أساسية وله حرية مطلقة في ترجمة وتغيير العناوين كما فعل في ( حريم السلطان) وعنوانها الحقيقي هو ( القَرَن الرائع) وهي فترة حكم السلطان سليمان القانوني سنة١٥٠٠ هـ  ويخوّل المترجم ايضاً بحذف بعض الكلمات الدارجة في اللغة التركية وغير مقبولة في المجتمع العربي الذي يختلف عن المجتمع التركي وحتى الأمثال الشعبية التي تكثر تداولها في تلك المسلسلات والشعب التركي مشهور بترديدها في كل مناسبة تتم الاستعاضة عنها بالأمثال الشعبية العربية المشهورة التي لها المعنى نفسه وتتطابق مع الموضوع وبعدها يتم تغير اسماء الممثلين في المسلسل من التركية الى اسماء عربية والإبقاء على اسماء مشتركة بين القوميتين مثل ( احمد وعلي وخديجة وزهراء وغيرها) وهكذا وجدت هذه المسلسلات أرضا خصبة لها من حيث إقبال شركات ضخمة تختص بالأعمال الدرامية والتاريخية والتي تهم الشارع العربي والمواطن العربي.

عرض مقالات: